Future Islands... جماليات ضائعة في عرض البحر

18 أكتوبر 2020
تعيد الفرقة إنتاج نفس الألبوم منذ عشرة أعوام بصيغة مختلفة (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، أصدرت فرقة الروك البديل الأميركية Future Islands ألبوماً جديداً، حمل عنوان As Long As You Are؛ وهو الألبوم السادس في مسيرة الفرقة التي بدأت مسيرتها عام 2008، وتمكنت خلال أعوامها الأولى من رسم معالم واضحة لهويتها الموسيقية خولتها الوصول إلى العالمية.

مجدداً، لا جديد في ألبوم Future Islands الجديد، ستشعر غالباً أن الفرقة تعيد إنتاج ذات الألبوم الذي تقدمه منذ عشرة أعوام بصيغة مختلفة؛ فالموضوعات التي تطرحها ثابتة لا تتغير، هي لا تتعدى كونها استرجاعاً للحظات عاطفية بروح سوداوية تعززها صور رومانسية مكررة، تعتمد بشكل كلي على تأملات بعناصر الطبيعة.

لا تتمكن الموسيقى أو الأداء من رفع سوية الأغاني، فهي بطيئة ومملة تصاحبها جمل قصيرة لا تخلو من الإحساس، لكنها لا تتمكن من جذبك بشكل كامل. كل ما في الألبوم يحيلنا إلى الألبوم الأكثر نجاحاً في مسيرة الفرقة Singles، الذي قدمته سنة 2014؛ لكن من دون أن تتمكن من مجاراته جمالياً بالكلمات أو الموسيقى. 

هناك بعض الصور والانطباعات الجذابة التي تمر في أغاني الألبوم مروراً عابراً، كما هو الحال في أغنية City's Face، التي يرد فيها: "إنه لأمر غريب. كيف يمكن لشخص واحد أن يغير وجه المدينة؟ الزمان والمكان اللذان نعرفهما ونؤمن بهما. هذه المدينة مليئة بجنون العظمة، ترغمك على التخلي عن الثقة بعد أن تفقد كبرياءك". لكن جمالية هذه الكلمات لا تكتمل، فالموسيقى البطيئة والمملة التي ترافقها تفقد الكلمات رونقها.

ليست الموسيقى وحدها من يعيق تلقي الكلمات على النحو الأفضل، بل إن الطريقة الثابتة التي تنتهي بها أي صورة شعرية مهما بلغت جماليتها، وقدرتك على توقع الأسلوب الذي سيتم به استهلاك اللغة، سيكون لديك شعور بالنفور؛ فجميع الأغاني ستبدأ من صورة أو إدراك شعري فائق يغرّب عناصر طبيعية أو الأدوات بسيطة، وينكسر النسق مع أسئلة مباشرة لحبيبة مفترضة، أسئلة تخنق المعاني والصور بالكامل.

يمكن التماس ذلك بأغنية Plastic Beach التي يرد فيها: "أمضي عمري في المرآة، أنتقي ما لا أستطيع تغييره، دائماً أخاف مما سيقوله شخصٌ آخر". وهذه العلاقة المركبة مع المرأة تنكسر بالجمل النمطية التالية لها: "لماذا تقولين هذا يا حبيبتي؟ أنتِ جميلتي أنتِ قلبي، أنتِ جميلة بهذه الطريقة".

وكذلك الحال في الأغنية الافتتاحية "Glada"، التي يرد فيها: "تنشأ ظلال جديدة، عندما تنهار الإطارات مع بقايا النيران. من أنا؟ هل أستحق البحر مرةً أخرى؟" وبعد أن تتمكن الصور والكلمات المتنافرة من جذلك ستصدمك النهاية النمطية والمستهلكة: "كل ما فعلته، فعلته لإيجاد الحب. الحب في النهاية". 

لا تبدو الفرقة قادرة على كسر النسق الذي تبرع ببنائه على نحوٍ جيد، ومع ذلك، فإنها تصر بكل أغنية على إحداث خلل لتعطيل السياق الأولي فيها؛ وفي كل مرة تبدو بها التحولات في الأغاني تسير نحو الأسوأ، لدرجة تجعلك تشعر بأنك تستمع لألبوم أجوف من المعاني، تم رصف الكلمات فيه على نحو يجذبك من بعيد، ولكن جاذبيته تضعف كلما حاولت التمعن فيه. 

ولا تتمكن الموسيقى التي تجتهد الفرقة بإقحام عناصر مختلفة عليها بكل أغنية من إسعاف الألبوم؛ فأصوات الأمواج وضجيج الأرياف وحتى ضربات الموسيقى الإلكترونية التي تحيلنا إلى أنماط موسيقية شعبية، كموسيقى "الديسكو"، لا تحدث فارقاً يُذكر.

المساهمون