10 سنوات على الثورة... ماذا تغير في الإعلام التونسي؟

14 يناير 2021
التضييق على الصحافيين كان محطّ احتجاج العام الماضي (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

تحتفل تونس اليوم، 14 يناير/كانون الثاني، بالذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وانتصار الثورة التونسية التي انطلقت شراراتها الأولى يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010. الاحتفالات بالذكرى العاشرة للثورة التونسية استثنائية، حيث لن تشهد تونس الاحتفالات في الشارع الرئيسي بالعاصمة بسبب الحجر الصحي العام الذي أعلنته الحكومة التونسية لمدة أربعة أيام، بداية من اليوم، بل تقتصر على برامج إذاعية وتلفزيونية ومقالات صحافية في وسائل الإعلام التونسية.

فالإعلام، وفقاً للكثير من المتابعين، يعتبر المستفيد الأكبر من حرية التعبير التي عرفتها تونس، وهو ما تشهد به التقارير الدولية. إذ تحتل تونس المرتبة 72 عالمياً في مجال حرية الصحافة سنة 2020، وقد كانت قبل الثورة تحتل مراتب متأخرة وصلت إلى المرتبة 139 عالمياً. كما شهدت تونس قفزة كبيرة في مؤشر حرية الإنترنت، حيث تحتل المرتبة 23 عالمياً (2020). 

لكن مع ذلك، لا تزال الآراء مختلفة حول ما تحقق للإعلام التونسي. إذ يرى نائب رئيس النقابة العامة للإعلام (المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل)، محمد الهادي الطرشوني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "حرية الصحافة هي مكسب كبير تحقق في تونس بعد سنوات الجمر التى عرفها طيلة حقبة حكم النظام السابق، لكن هذه الحرية لا تخفي بعض الصعوبات التي يعرفها القطاع، ومنها الصعوبات المالية التي تسببت في غلق عديد المؤسسات الإعلامية، ومنها الصحف الورقية، التي تراجع عددها من 255 نشرية سنة 2010 إلى أقل من 50 نشرية سنة 2020. كما يعاني العاملون في القطاع الإعلامي من أوضاع اجتماعية صعبة، تمثلت في ارتفاع نسب البطالة الإجبارية وضعف الجرايات (الأجور) التي يتقاضاها العاملون بالقطاع، من تقنيين وصحافيين وإداريين".

رأي الطرشوني يؤكده الإعلامي رمزي المنصوري، وإن اختلف معه في بعض الأجزاء. إذ يؤكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "شهدنا انفتاحاً إعلامياً غير مسبوق في تونس ما بعد الثورة، ويكفي أن نذكر أننا خرجنا من إعلام الصوت الواحد إلى إعلام تعددي، فقد ارتفع عدد القنوات التلفزيونية إلى 12 قناة تلفزيونية خاصة وقناتين عموميتين (رسميتين) و51 محطة إذاعية بين خاصة ورسمية وجمعياتية، في حين لم يكن عدد وسائل الإعلام التونسية السمعية والمرئية قبل الثورة يتجاوز 13 محطة إذاعية جلها إذاعات حكومية والخاصة ملك لعائلة الرئيس التونسي المخلوع والمقربين منه، وأربع قنوات تلفزيونية". ويضيف "هذا القفزة الكمية تزامنت مع إصدار المرسومين 115 و116 المنظمين لقطاع الإعلام وإعلان إحداث هيئات تعديلية، وأهمها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، ومجلس الصحافة، وهي هيئات عملت على إخراج القطاع من سيطرة الجهات الرسمية إلى هيئات تعديلية مستقلة، لكن هذا لا ينفي بعض النقائص، ومن أهمها الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها العاملون فى القطاع، وكذلك سيطرة بعض الجهات المتنفذة المالية والحزبية على بعض وسائل الإعلام التونسية الخاصة".

ضغوط حزبية ورسمية ونقابية على الإعلاميين

من جهتها، تبيّن الإعلامية جيهان الخوني، مديرة إذاعة "بانوراما" العمومية (الرسمية)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الإعلام التونسي مرّ في مرحلة ما بعد الثورة بفترتين، الأولى هي مرحلة الحرية وتركيز الهيئات التعديلية في تناسق تام بين الحكومات المتعاقبة في تونس والنقابات الممثلة للإعلاميين، وهي فترة امتدت إلى سنة 2013 تقريباً، لكن الفترة الثانية شهدنا فيها شيئاً من الفوضى بدخول رؤوس أموال وأحزاب إلى القطاع للاستثمار فيه بشكل مباشر أو غير مباشر وفرض أجنداتها السياسية، ما أدخل المشهد الإعلامي فى حالة من الضبابية والفوضى عجزت الهيئات التعديلية عن تنظيمها بسبب ما مورس عليها من ضغوط كبيرة". وتضيف "حرية الصحافة في تونس كانت في البداية مكسباً لتتحول إلى حرية مشروطة، خاصة أمام الضغوطات التي تمارس على العاملين في القطاع، وهي ضغوطات مختلفة بعضها رسمي وآخر حزبي وضغط قطاعي ونقابي، ما أفقد القطاع توازنه وجعله يدخل مرحلة الإعلام المبتذل، وهو ما أثر على صورة الإعلام التونسي لدى الكثير من متلقي مضامينه".

آراء تختلف وتتقاطع حول مكاسب الصحافة التونسية بعد عشر سنوات من الثورة، لكنها تتفق في أمرين: حرية الصحافة مكسب كبير للإعلام التونسي تمّ من خلال منظومة تشريعية متطورة وهيئات تعديلية تقوم بأدوار هامة، لكن تبقى الوضعية الاجتماعية والمادية للعاملين في القطاع هي الهاجس الأكبر الذي قد يجد حلاً له بإصدار الاتفاقية الإطارية للصحافيين المزمع نشرها في الرائد الرسمي التونسي (الجريدة الرسمية)، في بداية شهر شباط/ فبراير المقبل.

المساهمون