استمع إلى الملخص
- وزارة الإعلام تعلن عن محاكمات للمراسلين المتورطين في جرائم، وتسعى لدعم حرية الإعلام وتوفير بيئة عمل محفزة، مع استقبال وفود إعلامية بحرية.
- تؤكد الوزارة على عدم التدخل في ترتيب المؤسسات الإعلامية والنقابات، وتسعى للكشف عن مصير الصحافيين المفقودين ودعم المنشقين عن النظام.
عقوداً طويلة بقي المشهد الإعلامي السوري حبيس النظام وأجهزته الأمنية، سواء الإعلام المرئي أو المكتوب، إلى جانب فرض النظام المخلوع رقابة حديدية على المحتوى الإلكتروني في السنوات التي تلت اندلاع الثورة عام 2011. وحاول بشار الأسد مع أجهزته الأمنية تطويع مختلف القوانين لمحاصرة الفضاء الإعلامي، سواء من خلال تشديد العقوبات على صنّاع المحتوى أو من خلال ملاحقة واعتقال الصحافيين وسجنهم من دون محاكمات. اليوم وبعد إسقاط النظام تبدو إعادة بناء المشهد الإعلامي، والتأسيس لمرحلة جديدة في التعامل مع الصحافة وحريتها، ركناً أساسياً من أركان "سورية الجديدة" مهمّة صعبة وطويلة، خصوصاً في ظل ترهّل المؤسسات وانعدام أي هامش من هوامش الحرية أو العمل المهني أكثر من خمسة عقود. ويتحدّث وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ محمد العمر في مقابلة مع "العربي الجديد" في مكتبه في وزارة الإعلام، عن كل هذه التحديات وتصوّره للمشهد الإعلامي الجديد، وشدّد فيها على التمسك بحرية الصحافة والتعبير عن الرأي.
بعد إسقاط النظام، وسقوط المنظومة الإعلامية التي رافقته 13 عاماً، يبدو مستقبل الإعلام الحكومي ضبابياً، هل لديكم تصور واضح عمّا سيحل بالإعلاميين الذين يعملون في الإعلام الرسمي؟ وهل هناك إمكانية للعمل مع الفريق نفسه الذي قاد الإعلام طوال هذه السنوات؟
منذ تحرير مناطق سورية من خلال عملية ردع العدوان، وجدنا أن وسائل إعلام عديدة عاملة لدى النظام المجرم سُخّرت لتحسين صورة النظام ورئيسه أمام الشعب السوري، إذ وجدنا ما يزيد عن 20 مؤسسة إعلامية يعمل فيها أكثر من عشرة آلاف عامل بين صحافي وإداري وتقني... أسس النظام المخلوع هذه المؤسسات على أساس طائفي، وبناءً على المحسوبيات، وعلى المنفعة الشخصية؛ لذا وجهنا منذ بداية "ردع العدوان" نداءات للعاملين في هذه المؤسسات للعودة إلى مواقعهم، ومتابعة عملهم واستمرارهم في أداء واجباتهم، بالتوازي مع باقي المؤسسات. لكن للأسف المنظومة مبنية بشكل متهالك سواء لناحية التجهيزات القديمة أو لناحية الخبرات الضعيفة والترهل الإداري. انطلاقاً من هذا الواقع، سنعيد تقييم هذه الخبرات والكفاءات، ونعيد تموضع كل شخصية في مكانها بناء على خبرتها وكفاءتها، وسنبدأ صفحة جديدة في تاريخ سورية نعيد فيها ملكية وسائل الإعلام السورية إلى السوريين، لتكون وسيلة لإيصال صوتهم، إلى الجهات العاملة على خدمتهم، في الحكومة وغيرها.
قالت وزارة الإعلام قبل أيام إن المراسلين الحربيين، الذي رافقوا جيش النظام خلال سنوات الثورة في عملياته ومجازره، سيتلقون محاكمات عادلة، ما معنى ذلك وكيف ستتم تلك المحاكمات، وهل ستنجح في الابتعاد عن المنطق الانتقامي؟
هناك إعلاميون رافقوا جيش النظام في إجرامه بحق الشعب السوري، وتلطخت أيديهم بالدماء، ما قصدناه في التصريح الذي صدر عن وزارة الإعلام هم هؤلاء الذين ثبت إجرامهم بشكل واضح للعلن وهناك إدانات ثابتة بحقهم، في مشاركتهم الإجرام بحق السوريين بحسب القانون، وبطبيعة الحال نحن نسعى لإقامة دولة قانون، والقضاء هو من يبت في هذه القضية التي تخص المراسلين الحربيين.
في ما يخص المشهد الإعلامي الجديد هل سيكون مفتوحاً للإعلام السوري الخاص، ولوسائل الإعلام الأجنبية، وهل من قيود أو شروط معينة؟ أم سيبقى المشهد كما كان، على أن تكون الأولوية لتمكين الإعلام الحكومي؟
منذ انطلاق عملنا في وزارة الإعلام في شمال غرب سورية، وضعنا نصب أعيننا التركيز على دعم حرية الإعلام والتعبير عن الرأي، وحاولنا إيجاد وتأمين السبل المختلفة التي من شأنها تأمين الدعم للعاملين في المجال الإعلامي من أجل ممارسة عملهم وأداء واجباتهم، بأسهل الطرق والوسائل. وقدمنا الدعم والمساندة لوسائل الإعلام في شمال غرب سورية في هذا السياق، وسعينا إلى إيصال المعلومة من مصدرها، ونحن مستمرّون على هذا النهج في عموم سورية، وسنعمل على إيجاد بيئة عمل محفزة للإعلاميين. فقد استقبلنا منذ تحرير سورية أكثر من 700 وفد إعلامي دخلوا من مختلف معابر سورية، غطوا الأحداث بكل حرية، تدخلنا الوحيد تنسيق دخولهم لتأمين سلامتهم، كما استقبلنا في فترات سابقة مئات الوفود الإعلامية والصحافية في شمال غرب سورية، ووجهنا دعوات مباشرة إلى مختلف وسائل الإعلام على مستوى العالم للحضور إلى مناطق شمال غرب البلاد وتغطية ما يجري هناك، وسنستمر أيضاً في سورية اليوم بتيسير هذه الإجراءات لممارسة العمل الصحافي بشكل مرن وسلس.
في المستقبل، نطمح طبعاً إلى تهيئة بيئة عمل إعلامي أفضل من البيئة الحالية، بالتأكيد الأمور الآن غير مرتبة كما يجب، ولكن شعارنا هو دعم حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، التي نعتبرها جزءاً مهماً من آليات الرقابة المجتمعية على عمل الجهات الحكومة، سواء من خلال الإشارة إلى الخطأ من أجل تصويبه، أو التنبيه إلى طرق أفضل للعمل.
القابات والاتحادات والجمعيات، نعتبرها من مؤسّسات المجتمع المدني وهي جهات راعية لمصالح وحقوق العاملين في المهنة، لن نتدخل في ترتيب هذه الأجسام
هل ستعتمدون خطاباً إعلامياً موحداً، وسيتم إلزام وسائل الإعلام به كما كان سائداً في سورية؟ كيف ستتعاطون مع الإعلام المعارض لتوجهاتكم، بمعنى هل سيتاح له المجال للتعبير عن رأيه، أم ستفرض رقابة على المحتوى المعارض لسياساتكم؟
خلال مسيرة عملنا في ما سبق، لم نصدر أي توجيه إلزامي لأي إعلامي أو جهة إعلامية تعمل في مناطقنا باعتماد أي خطاب للالتزام به بوصفها رسائل عامة، وإنما على العكس تماماً، حصلت مظاهرات واحتجاجات عديدة في مناطق شرق سورية ضد حكومة الإنقاذ في شمال غرب سورية قبل التحرير، ومارس الإعلاميون عملهم بشكل حرّ، بل رافقنا الوفود الصحافية والإعلامية، وكان لنا حضور بصفتنا وزارة إعلام مع المتظاهرين لتأكيد عدم التعرض للصحافيين، وعدم التعرض لأي نشاط في سياق حرية الرأي. عملنا هو دعم نشاط وسائل الإعلام وتيسير عملها، ولا نفرض أي أجندات أو رسائل على وسيلة أو شخصية إعلامية نشطة في المناطق السورية.
يعمل الصحافيون السوريون في أوضاع سيئة جداً سواء لوجستياً أو من ناحية الرواتب والوضع الاقتصادي والتأمينات. وهناك عشرات الصحافيين المختطفين لدى جهات مختلفة، سواء الذين اعتقلهم نظام الأسد وأخفاهم، أو الذين اختطفهم تنظيم داعش وتنظيمات أخرى، هل هناك خطوات اتخذت أو ستتخذ للكشف عن مصيرهم؟
وثقنا في الوزارة أسماء جميع المفقودين من الزملاء الإعلاميين في الفترة السابقة، كما وثقنا كل الشهداء الذين قتلتهم جهات مختلفة في البلاد، وسنولي في الوزارة أولوية وأهمية خاصة لهذا الملف، وسنبذل قصارى جهدنا للوصول إلى معلومات عن مصير الصحافيين المفقودين، وبالفعل بدأنا عملية البحث في سجون النظام المجرم، نواصل البحث عن أي أدلة قد تفيد في التعرف على مصيرهم.
كذلك يجب ألّا ننسى من تركوا عملهم الصحافي في بداية الثورة وانشقوا عن النظام ورفضوا أن يكونوا أدوات للتضليل الإعلامي، الذي مارسه النظام، ورفضوا المشاركة في سياسته بقمع السوريين رغم التهديدات التي تلقوها، هؤلاء بالتأكيد سنشكرهم في مبادرات خاصة، وستوجه إليهم دعوات أيضاً للعودة إلى مواقعهم التي كانوا يعملون فيها قبل بدء الثورة، فمكانهم محفوظ وسيتم الاستعانة بهم في أقرب وقت ممكن، للمشاركة في إرساء المشهد الإعلامي الجديد.
القضاء من يبت في قضية المراسلين الحربيين الذين رافقوا جيش النظام
ما هو مصير اتحاد الصحافيين السوريين، وهل ستبقى تبعيته للحكومة، وكيف ستتعاطون مع الأجسام النقابية والجمعيات الخاصة بالصحافيين؟
الاتحادات والأجسام الإعلامية، نقابات أم اتحادات أم جمعيات، نعتبرها من مؤسّسات المجتمع المدني وهي جهات راعية لمصالح وحقوق العاملين في المهنة، نحن لن نتدخل في ترتيب هذه الأجسام، وخلال فترة عملنا السابقة في شمال غرب سورية كان هناك العديد من الأجسام الإعلامية التي تهتم بمصالح وحقوق الإعلاميين، والآن على مستوى سورية لن نمانع من وجود أجسام إعلامية تجمع الإعلاميين وترعى شأنهم، ما دام أنّ ذلك كله يصب في صالح توفير بيئة عمل مناسبة وتعزيز حرية الصحافة والتعبير عن الرأي.