يبدو أن سوق الحفلات الغنائية الجماهيرية في الأردن سيشهد معركة كسر عظم بين جهات متنافسة عدّة هذا الصيف. فبعد نجاح الحفلات الغنائية التي أقيمت في الأردن اعتباراً من إبريل/ نيسان الماضي والتي ترافقت مع ليالي شهر رمضان، بدأت المهرجانات الفنية ومتعهّدو الحفلات بالإعلان عن برامجهم الفنية التي ستبدأ الشهر المقبل، لاستثمار إجازة الصيف الطويلة، وعودة المغتربين وقدوم السياح، معولين كذلك تعطّش الناس لهذا النوع من الفعاليات، بعد أكثر من عامين من الحجر المنزلي بسبب جائحة كورونا وتداعياتها.
وقد درجت العادة "بروتوكولياً" أن يحظى "مهرجان جرش للثقافة والفنون" الذي سيقام هذا الصيف، خلال الفترة ما بين الثامن والعشرين من يوليو/ تموز والسادس من آب/ أغسطس، بمساحة من حرية عدم التنافس مع غيره من المهرجانات ومنظمي الحفلات، باعتباره الوجه الفني الأبرز للأردن، فضلاً عن توجّه برنامجه الفني إلى عموم الناس، إذْ يبلغ سعر تذكرة أي حفل جماهيري يقام على المسرح الجنوبي في جرش الذي يتسع لأربعة آلاف شخص نحز 25 ديناراً أردنياً (أقل من 40 دولاراً أميركياً). كما يتضمن البروتوكول عدم إقامة حفلات جماهيرية قبل موعد المهرجان بأسبوعين على الأقل، وعدم إحياء أي فنان له مشاركة في جرش أي حفل في الأردن قبل موعد المهرجان بشهر كامل.
وقد استطاعت العام الماضي إحدى الجهات الخاصة خرق هذا البروتوكول، عندما أقامت حفلاً جماهيرياً للفنان المصري حمزة نمرة في المدرج الروماني في العاصمة عمّان، وحضر الحفل أكثر من خمسة آلاف شخص، في الوقت الذي كان يغني فيه الفنان السوري جورج وسوف في جرش، في حفل كان ممتلئاً عن آخره، وكسر فيه الجمهور القيود الاحترازية التي فرضتها الحكومة الأردنية على زوار المهرجان بسبب كورونا، مما أدى إلى إقالة المدير التنفيذي للمهرجان أيمن سماوي، وتعيين مدير آخر بدلاً عنه وهو مازن قعوار.
والمدير الجديد لمهرجان جرش الذي ينشغل حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على برنامج المهرجان من ناحية إكمال التعاقدات مع نجوم غناء عرب لإشغال سهرات المسرح الجنوبي، وقّع صباح يوم أمس اتفاقية مع نقابة الفنانين الأردنيين، تخولها بالتعاقد مع جميع الفنانين الأردنيين بمختلف مهنهم الفنية، بهدف إعطاء مساحة أكثر اتساعاً للفنان الأردني، وتقديراً لدور النقابة التي تعتبر بيت الخبرة، وستكون هي المسؤولة عن التعاقدات الفنية للعروض الغنائية والمسرحية والسينمائية بالكامل التي ستقدم على مسارح المهرجان المختلفة، وسيدفع المهرجان للنقابة مبلغ 250 ألف دينار أردني نظير ذلك.
لكن المثير في الأمر هو أن شركة 165Entertainment ، التي أقامت الأسبوع الماضي في مدينة العقبة الساحلية التي تطل على البحر الأحمر (400 كلم جنوب العاصمة عمّان)، حفلين للمصري محمد رمضان واللبنانية نانسي عجرم حققا نجاحاً جماهيرياً لافتاً، أعلنت مساء يوم أمس الثلاثاء عن حفلين متتاليين سيقامان على ساحة أرض المعارض في عمّان: الأول الخميس 28 يوليو (يوم افتتاح مهرجان جرش)، ويغني فيه المطرب العراقي كاظم الساهر في أول ظهور له على الجمهور الأردني منذ ثلاث سنوات، والثاني الجمعة 29 يوليو ويغني فيه المطرب الإماراتي حسين الجسمي في ثاني ظهور له على الجمهور الأردني، بعد أن أحيا قبل 15 عاماً حفلاً جماهيرياً في مهرجان جرش. يقام يوم الجمعة أيضاً في نادي ديونز في عمّان حفل لمغنيي المهرجانات عمر كمال وحسن شاكوش.
ولم تدرج العادة في الأردن على إقامة حفلات غنائية جماهيرية لفنانين كبار في اليوم نفسه، لأسباب عدة، من أبرزها صغر المساحة الجغرافية لإقامة الحفلات، وتأثير حضور أي حفل على مشاهدي الحفل الآخر.
ويتخوف الناشطون في الساحة الفنية من أن يؤثر حفل الفنان كاظم الساهر على حضور الحفل الأول لمهرجان جرش والذي من المقرر أن يُحييه الفنان اللبناني عاصي الحلاني، وأن يوجه ضربة قاضية للمهرجان في أول أيامه، وذلك بالنظر إلى الجماهيرية الهائلة التي يتمتع بها الساهر في الأردن، فضلاً عن تشوق الجمهور الأردني للساهر، ووجود جالية عراقية كبيرة تشكل دائماً العمود الفقري لحفلات الساهر في الأردن، كما أنّ الشركة المنظمة لحفلي الساهر والجسمي تعتمد أيضاً على حضور الجمهور الفلسطيني الذي يجد في هذه الحفلات متنفساً له.
اللافت أن الساهر يعدّ ضيفاً سنوياً على حفلات شركة 165 Entertainment، ودائماً ما تلاقي أمسياته الجماهيرية إقبالاً شديداً على الرغم من ارتفاع أسعار حضورها، إذا تبدأ من 70 ديناراً أردنياً (ما يعادل 100 دولار أميركي) وتنتهي بـ500 دينار أردني (ما يعادل 680 دولاراً أميركياً)، وقال مصدر من الشركة المنظمة لحفلي الساهر والجسمي، لـ"العربي الجديد"، إن تذاكر حفل الساهر التي سيبدأ بيعها للجمهور اعتباراً من الأسبوع المقبل، سجلت رقماً قياسياً من ناحية أولوية الحجز عليها، وإنه يتوقع بيع ما يقارب 500 تذكرة من أصل ألفين في اليوم الأول لفتح شباك التذاكر.
وعلم "العربي الجديد" أن إدارة مهرجان جرش قد خاطبت وزارة الثقافة الأردنية، كون وزيرة الثقافة هيفاء النجار هي رئيس اللجنة العليا لمهرجان جرش، بالتدخل لمنع إقامة الحفلين تطبيقاً لبروتوكولات إقامة الحفلات في الأردن، والسعي لتأجل حفلي الساهر والجسمي إلى موعد آخر.
في سياق متصل، أعلن أيمن سماوي المدير التنفيذي لمهرجان الفحيص الذي يقام سنوياً بشعاره الثابت "الأردن تاريخ وحضارة" عن برنامج دورته الثلاثين الفني التي ستقام خلال الفترة ما بين العاشر والسابع عشر من أغسطس، ويحيي الحفلات الجماهيرية فيه الفنانون: جورج وسوف مساء الخميس 11 أغسطس، ملحم زين وجهاد سركيس مساء الجمعة 12 أغسطس، دلال أبو آمنة وباسل جريسات مساء السبت 13 أغسطس، راغب علامة مساء الأحد 14 أغسطس، محمد عساف وماجد زريقات مساء الثلاثاء 16 أغسطس، معين شريف وديانا كرزون 17 أغسطس.