نوكيا والمحاولة 3311 للعودة إلى سوق التكنولوجيا

26 يونيو 2024
هاتف نوكيا 3310 بنسخة عام 2017 (جون كروس غارسيا/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- نوكيا، العملاق الفنلندي السابق في صناعة الهواتف، تواجه تحديات في استعادة مكانتها بالسوق بعد الانتكاسة في 2007 والاستحواذ من مايكروسوفت في 2014، بسبب تأخرها في تبني أندرويد.
- تحاول نوكيا جذب الانتباه بتقنيات ومنتجات جديدة مثل "الصوت والصورة الغامرة" وإطلاق هواتف مثل 3310 الجديد وG22، لكن دون النجاح المتوقع، معتمدة على النوستالجيا والمتانة.
- تواجه الشركة تحدياً في مواكبة السوق الحديث وتحتاج إلى إعادة تعريف نفسها بطريقة تتوافق مع متطلبات العصر الحديث، ربما بالتحول إلى مجالات جديدة لتجنب أن تصبح مجرد جزء من التاريخ.

ما زالت شركة نوكيا تحاول العودة إلى سوق التكنولوجيا بعد تراجعها عام 2007 مع دخول "آبل" و"سامسونغ" سوق الهواتف النقالة/الذكية، ثم هزيمتها كلياً عام 2013. وكثير منّا يتذكّر الفيديو الشهير لمدير الشركة ستيفن إيلوب باكياً حين استحوذت شركة مايكروسوفت عليها عام 2014، حين قال: "لم نفعل شيئاً خطأ، لكننا خسرنا". بالطبع الخطأ واضح، "نوكيا" لم تتبنَّ نظام أندرويد، فدخلت في عوالم النسيان.

في كل فترة، تحتل "نوكيا" نشرات الأخبار لساعات ثم يختفي الأمر. آخر هذه المحاولات إعلان الشركة أن مديرها التنفيذي بيكا لوندمارك اتصل هاتفياً باستخدام تقنيّة "الصوت والصورة الغامرة" لأول مرة، التي وصفت بأنها تجربة جديدة في الاتصالات، لتبدو وكأنها أقرب إلى الحديث الطبيعي. وأوضحت الشركة أن هذه التقنية ممكنة بسبب امتلاك الهواتف النقالة الجديدة ميكروفونين على الأقل، ولا بد على صنّاع سماعات الرأس البدء بتطبيقها.

لكن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر علينا الشركة باختراع كهذا، إلا أنها هذه المرة على الأقل تراهن على الجديد، وليس النوستالجي، كحالة النسخة الجديدة من هاتف 3310 التي صدرت عام 2017، في استعادة لصلابة ومتانة الهاتف الأصلي الذي كان يدعى الدبّابة، وذلك لتحمّله الصدمات، وطول عمر بطاريته قبل أن تحتاج إلى أن تُشحن من جديد. الرهان حينها كان على اقتحام السوق مرة أخرى بهاتف ليس ذكياً، في محاولة لجذب المستهلكين الذين ضاقوا ذرعاً بالهواتف الذكية، وفضائح انتهاك الخصوصيّة، والإدمان على الشاشات. لكن الهاتف، وعلى الرغم من الإقبال على شرائه، لم ينتشر كما هو مطلوب ومتوقع، واتهم بعدم مواكبة الحياة العصريّة، ليكون أشبه بتذكار من زمن قديم.

محاولة أخرى قامت بها الشركة العام الماضي، حين أطلقت الهاتف الذكي G22 الذي يتميز بأنه يمكن للمستخدم إصلاحه بنفسه، فكه وتركيبه واستبدال القطع بواسطة أدوات تباع مع الهاتف نفسه، لكنه لم ينل الشعبية الكافية أيضاً.

الواضح أن محاولات "نوكيا" ما زالت تراهن على الماضي، ونمط حياة سابق يتّسق من فترتها الذهبية، حين كان إصلاح الهاتف، أو على الأقل استبدال بطاريته، أمراً منزلياً، ليس كما الآن؛ فالهاتف أمسى أشبه بتكنولوجيا غريبة، ومغلقة، وملساء، لا يمكن المساس بها إلا عن طريق المختصين. بصورة ما، "نوكيا" لا تحاول تغيير السوق، ولا إضافة ما هو جديد، بل العودة في الزمن، لكنها في كل مرة تبدو خارج العصر.

المفارقة أن الصفحة الأولى من متحف الهواتف النقالة الرقمي تعلن عن نفسها بهاتف نوكيا 3310، وكأن نوكيا أمر أركيولوجي. هواتفها أقرب إلى التحف التي نتأملها ونفكر في الزمن الماضي، وهذا ما يحيلنا إلى المحاولة الحالية، فتقنيات الصوت التي تقترحها "نوكيا" ليست جديدة، بل تشابه تلك الموجودة في تقنيات الواقع الافتراضي، لكن هذه المرة الأولى التي لا تطرح فيها الشركة "جهازاً" جديداً، بل تكنولوجيا يمكن استخدامها ضمن هواتف أخرى.

أزمة "نوكيا" تكمن في فهم السوق. صحيح أنها للوهلة الأولى تبدو كمن يراهن على متطلبات المستهلكين، كهاتف صلب أو هاتف يمكن إصلاحه في المنزل، لكن نحن لسنا في زمن العرض والطلب، بل زمن الاستهلاك الأعمى، والرغبات الرأسمالية التي تخلق الرغبات ولا تلبيها، وربما هذه مشكلة "نوكيا"، أي الإيمان بأن المستهلك يعرف ما يريد.

أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، هو مقدار الثقة بـ"نوكيا"، فمن يمكن أن يتعامل معها بعد أن فوت فرصة ذهبية، وتحولت من ملك سوق الهواتف النقالة إلى أمر متحفي. حتى الآن، ما من شيء واضح حول مستقبل هذه التكنولوجيا، لكن ربما على "نوكيا" الاستغناء كلياً عن ماضيها والتحول إلى ما هو مختلف كلياً. وربما المثال الأوضح على ذلك شركة إيبسون، التي كانت شركة تصنيع ساعات، ثم تحولت إلى الطابعات؛ أي ببساطة غيّرت السوق، ولم تحاول العودة إليها.

المساهمون