نقابة الصحافيين التونسيين تنتقد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات: محاولات للسيطرة على الإعلام

06 اغسطس 2024
صحافيون يشاركون في تظاهرة في العاصمة تونس، مايو 2024 (سفيان حمداوي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تنبيهات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للإذاعات التونسية**: وجهت الهيئة تنبيهات لعدد من الإذاعات التونسية الخاصة بسبب تشكيكها في مصداقية الهيئة وعدم التزامها بالمساواة في التغطية الإعلامية بين المرشحين.

- **ردود الفعل الصحافية والمخاوف من القيود**: أثار بيان الهيئة مخاوف من فرض قيود على الإعلام، حيث اعتبرت نقابة الصحافيين أن التنبيهات تمثل ضغوطات تهدف إلى فرض الوصاية على الإعلام وإسكات الأصوات الحرة.

- **ورقة توجيهية لتحقيق إعلام تعددي ومتنوع**: ستصدر نقابة الصحافيين ورقة توجيهية لتحقيق إعلام تعددي ومتنوع، وسط تقارير تشير إلى تراجع حرية الصحافة في تونس وزيادة الضغوطات على الصحافيين.

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، التي تتولى الإشراف على السباق الرئاسي المقرّر في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، أنها وجّهت تنبيهات إلى عدد من الإذاعات التونسية الخاصة، بسبب ما اعتبرته "تشكيكاً في مصداقية الهيئة واستقلاليتها وشفافيتها" وكذلك "الاستهزاء بها، وبالمسار الانتخابي".
واعتبرت الهيئة أن إذاعات "موزاييك أف أم" و"جوهرة أف أم" و"أكسبرس أف أم " و"الديوان أف أم" و"سون أف أم" لم تلتزم بـ"المساواة في التغطية الإعلامية" بين الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ فضّلت التركيز على بعض الشخصيات السياسية المعروفة دون غيرها. كما رأت أن تغطية هذه الإذاعات للشأن الانتخابي في البرامج السياسية شهدت "انعداماً للتوازن والحياد والموضوعية وغياب الرأي المخالف".

مخاوف متزايدة من دور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

لم يترك بيان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أثراً إيجابياً في الأوساط الصحافية، وسط مخاوف من فرض مزيدٍ من القيود على وسائل الإعلام، التي صُدم العاملون فيها بقرارات بالسجن طاولت خمسة صحافيين خلال السنة الأخيرة.
وكما جرت العادة، جاء الردّ من نقابة الصحافيين التونسيين، التي اعتبرت أنّ التنبيهات الموجهة للإذاعات تأتي "في إطار سلسلة متتالية من الضغوطات التي مارستها هيئة الانتخابات على الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في محاولة منها لفرض الوصاية على قطاع الإعلام وإسكات كل صوت حر يُثير النقاش حول القضايا العامة خلال الفترة الانتخابية وينقد إدارتها للمسار الانتخابي".
وأشارت النقابة في بيان صدر الخميس الماضي إلى أنّ "الالتزام بالحياد لا ينبغي أن يستخدم مطية لمنع الصحافيين من تحليل أداء المؤسسات المتداخلة في المسار الانتخابي ومن التعليق الصحافي على أطوار المسار الانتخابي ومن إبداء آرائهم في إطار أشكال صحافية بعينها في مقالات الرأي مثلاً، أو في أي فضاء آخر من فضاءات الرأي العام".
ورأى بيان "الصحافيين التونسيين" في تنبيهات الهيئة العليا للانتخابات "تدخلاً سافراً في المضامين الإعلامية، ورقابة غير مبرّرة على الصحافيين، سعياً منها لتحصين نفسها من النقد في تجاوز واضح لصلاحياتها"، كمّا أكد رفض "تحوّل هيئة الانتخابات إلى جهاز رقابة على الآراء الحرة وعلى المضامين الصحافية مما يتعارض مع صلاحياتها ويتناقض مع أحكام الدستور والمعايير الدولية في مجال حرية الصحافة والتعبير".

ورقة توجيهية قريباً

سبق للنقابة أن أعلنت أنّها ستصدر قريباً ورقة توجيهية حول القواعد المعتمدة لتحقيق إعلام تعددي ومتنوع، يساوي بين كل المرشحين للانتخابات الرئاسية خلال كافة مراحل الحملة الانتخابية، وذلك في محاولة منها للنأي بوسائل الإعلام التونسية عن التجاذبات، وإفشال مساعي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للسيطرة على وسائل الإعلام التونسية.
استولت هيئة الانتخابات على مهمة مراقبة وسائل الإعلام خلال الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بالتزامن مع انتخابات البرلمان، وذلك بعد أن كانت في عهدة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) التي تولت هذه المسؤولة منذ ثورة العام 2011. أدينت هذه الخطوة من قبل العديد من المنظمات والجمعيات التي اعتبرت أنّ القرار يهدف للتضييق على حرية الصحافة وتوجيه التغطية الإعلامية لمسار الانتخابات، للتغطية على النقائص والمشاكل التي شهدتها العملية الانتخابية.
وكان رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تونس، فاروق بوعسكر، قد أعلن نهاية يوليو الماضي أنّ الهيئة تقوم برصد التغطية الاعلامية للانتخابات الرئاسية في وسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية والصحف، إضافةً إلى منصات التواصل الاجتماعي، ولفت إلى أنّها تشمل مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية والفضاءات العامة.

الحريات في خطر

أشار بوعسكر أن عملية الرصد يتولاها صحافيون من خريجي معهد الصحافة في تونس ومختصون قانونيون، منبهاً إلى أن الهيئة ستتخذ إجراءات قانونية بحق المخالفين من صحافيين ووسائل إعلام وناشطين على منصات التواصل تبدأ من لفت نظر وتصل إلى حد الإحالة إلى القضاء إذا كانت الخروقات تصل إلى مستوى جرائم انتخابية، حسب تعبيره.
وفي تقرير صدر في وقتٍ سابق من هذا العام أشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى تراجع ترتيب تونس في مؤشر حرية الصحافة العالمي، لافتةً إلى تزايد الضغوطات على الصحافيين ووسائل الإعلام. كما أوضحت أن هناك مخاوف متزايدة من محاولات الحكومة والهيئات المختلفة للسيطرة على الإعلام وتقويض استقلاليته.
من جهتها، أعربت لجنة حماية الصحافيين هي الأخرى عن قلقها من الأوضاع المتردية لحرية الصحافة في تونس، ولفتت إلى أن الضغوطات التي تمارسها السلطات التونسية على وسائل الإعلام تتعارض مع التزامات تونس الدولية في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير. وأشارت اللجنة في تقريرها السنوي إلى تزايد الاعتقالات والاستدعاءات للصحافيين بسبب تقاريرهم الصحافية، مما يعزز المخاوف من تراجع حرية الصحافة في البلاد.

المساهمون