اعتادت نعمة فتحي الذهاب مع أسرتها إلى الموالد والاحتفالات الدينية في مصر منذ نعومة أظافرها حتى أصبحت الابتهالات الدينية شغفها وحلمها.
وبعد أن لاحظت والدتها عذوبة صوتها شجعتها على تنمية موهبتها والالتحاق بدورات تدريبية في أماكن مختلفة مثل المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة لتتعلم فن المقامات الموسيقية.
ومع بداية انغماس نعمة (27 عاماً) في فن الإنشاد الديني، شعرت أن هذا المجال يكاد يكون حكراً على الرجال.
تقول: "أحببت أن أقوم بخطوة تفيد الفتيات وتسهم في تطوير مجال الإنشاد".
وباتت تحلم بإنشاء فرقة نسائية للإنشاد الديني في مصر، ونجحت في تحقيق هذا الحلم في عام 2017 بتأسيس فرقة "الحور". نشرت إعلانات عبر صفحات التواصل الاجتماعي بحثاً عن فتيات يتمتعن بحلاوة الصوت، واستعانت بخبرة أساتذة من المعهد العالي للموسيقى العربية لتشكيل لجنة تحكيم حتّى استقرت على 30 فتاة شكلن عضوات الحور.
تضيف: "كان البعض ينتظر رؤية ما ستفعله الفتيات في ساحة مليئة بالرجال، وبشيوخ الإنشاد الديني الكبار".
ورغم شعورها بالضغط الناتج عن هذا التشكيك، قررت نعمة الاستمرار في السعي وراء حلمها "مهما كانت الظروف والصعوبات"، وتوضح أن "النجاح سهل لكن صعب الحفاظ عليه".
واجهت نعمة وفرقة الحور، التي تقلّص عدد المنشدات فيها بعد انتشار جائحة كورونا إلى النصف، تحديات من المجتمع في بداية سعيهن للانتشار إذ اعتاد المستمعون على الصوت الرجالي. تقول: "نجحنا في كسر الاحتكار وبدأت تظهر معالم منافسة بين النساء والرجال".
وتوضح أنها كانت تهدف من خلال إنشاء فرقتها أن "تحيي التراث المصري". كان الاهتمام بالحفاظ على الفنون التراثية عاملاً مشتركا بين نعمة فتحي وشيماء النوبي، وهي مبتهلة مصرية بدأت رحلتها في فنون الإنشاد الديني والابتهالات والفلكلور والسيرة الهلالية منذ ما يقرب من 22 عاماً.
كانت شيماء تطمح لتكوين فرقتها الخاصة، وهو حلم حققته عام 2017، وكان هدفها أن "تصل رسالتها إلى العالم كله" من خلال صوتها، فقدمت حفلات غنائية داخل مصر وخارجها. كذلك، قامت بتأسيس جمعية ورشة جمع التراث الفني، التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الفني بمختلف أنواعه، كما تضم أيضا أكاديميةً لتعليم الإنشاد الديني والفلكلور والسيرة الهلالية والصناعات التراثية.
وتقدم شيماء فن الإنشاد الديني من خلال أسلوب يحافظ على قواعد مدارس الإنشاد القديمة ويدمجها مع المدارس الحديثة، وتؤمن أنّ الفنان يجب أن يطوّر من نفسه ومن فنه بشكل دائم. تقول: "قبل 8 سنوات كنت أرفض إدخال الآلات الموسيقية إلى مدارس الابتهال، لكنّني تغيّرت الآن وعملت على تطعيم الفولكلور بالموسيقى الغربية".
كما هو الحال مع نعمة، واجهت شيماء بعض التحديات على مدار مشوارها الفني إذ قيل لها إنّ "صوت المرأة عورة"، وإنّها "تبحث فقط عن الشهرة ولفت الأنظار"، ولكنها لم تعر تلك الانتقادات اهتماماً، بعد أن تلقيتها "بترحاب كبير"، حسب وصفها، من كبار الشيوخ المعروفين في مجال الإنشاد.
وتشير شيماء إلى أن نشأتها وسط أسرة من صعيد مصر، وتحديداً مدينة الأقصر، كان لها أثر بالغ على احترافها الإنشاد. وتقول: "جدي كان يستضيف ليلة صلوات وكنت أراقبهم وهم يقرؤون ويرتلون".
وتوجه شيماء نصيحة للنساء اللواتي يرغبن في شق طريقهن في عالم الإنشاد الديني بأن يحرصن على "تدريب وتثقيف" أنفسهن بشكل دائم.
(رويترز)