تتصاعد الاحتجاجات ضد "فيسبوك" داخل الشركة نفسها، إذ يتهمها موظفون بالتحيز ضد المسلمين والعرب ومحاباة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديداً خلال العدوان الأخير على قطاع غزة المحاصر والانتهاكات بحق الفلسطينيين في الداخل المحتل.
خلال الشهر الحالي، كتب مهندس برمجيات مصري في "فيسبوك" مذكرة مفتوحة إلى زملائه، حذر فيها من أن "فيسبوك" تخسر ثقة المستخدمين العرب. ووفق ما كشفه موقع "بازفيد" الإخباري أمس الخميس، قال المهندس المصري إن "فيسبوك" ساعدت الناشطين خلال انطلاق الربيع العربي عام 2011، لكن رقابتها، سواء المتخيلة أو الموثقة، خلال الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة جعلت المستخدمين العرب يشككون فيها.
ووثق المهندس المصري مذكرته بلقطة شاشة (سكرينشوت) من حساب "غزة الآن" الموثق على "فيسبوك". عند الإعجاب بالصفحة تظهر أمام المستخدم رسالة "غير مشجعة" تقول: "ربما ترغب في مراجعة (غزة الآن) لتعرف نوع المحتوى الذي تشاركه عادة".
أشار المهندس إلى أنه "أجرى تجربة، وحاول الإعجاب بأكبر عدد ممكن من صفحات الأخبار الإسرائيلية، ولم يتلق رسالة مماثلة مرة واحدة"، مشيرًا إلى أن أنظمة الشركة كانت متحيزة ضد المحتوى العربي، ومستنكراً "هل كل هذه الحوادث نتيجة تحيز في النموذج؟".
أفاد "بازفيد" بأن مذكرة المهندس أثارت سلسلة من التعليقات بين زملائه، إذ سأل أحدهم عن السبب وراء ظهور تحذير من محتوى حساس على منشور للممثل مارك روفالو حول التهجير الفلسطيني على منصة "إنستغرام" المملوكة لـ"فيسبوك"، وزعم آخر أن الإعلانات من المنظمات الإسلامية التي تجمع الأموال خلال شهر رمضان علقت بواسطة الذكاء الاصطناعي والمشرفين على محتوى "فيسبوك". وكتب موظف آخر في "فيسبوك": "أخشى أننا وصلنا إلى مرحلة سيكون فيها الخطأ التالي هو القشة التي تقصم ظهر البعير، وعندها سنشهد هجرة المستخدمين إلى منصات أخرى".
تواجه "فيسبوك" أخيراً اتهامات متزايدة بالتحيز ضد المحتوى الفلسطيني عبر منصاتها، إذ حذفت أخيراً حسابات ومنشورات ناشطين مناصرين للقضية الفلسطينية عن موقعي "فيسبوك" و"إنستغرام"، وعزت الأمر لاحقاً للأخطاء التقنية. وحجبت حسابات نحو مائة صحافي فلسطيني عبر تطبيقها للمراسلة "واتساب" خلال الأيام الماضية.
وجاء في تقرير لـ"حملة-المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي" أنه تم توثيق "ما يزيد عن 500 بلاغ" عن انتهاكات للحقوق الرقمية الفلسطينية في الفترة الممتدة بين 6 و19 مايو/أيار الحالي. وبحسب التقرير "تنوعت أسباب الانتهاكات ما بين إزالة المحتوى، وحذف وتقييد الحسابات، وإخفاء الوسوم، إضافة إلى تقليل إمكان الوصول إلى محتوى بعينه، وحذف المحتوى المؤرشف، وتقييد الوصول".
وفقاً للتقرير، 50 في المائة من هذه الانتهاكات على منصة "إنستغرام"، و35 في المائة على منصة "فيسبوك".
الأسبوع الماضي، وجّه مركز "صدى سوشال" (غير حكومي)، مقره مدينة رام الله، رسالة إلى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، إيرين خان، وإلى إدارة شركة "فيسبوك". الرسالة تضمنت شكوى "حول الرقابة التعسفية على المحتوى المنشور على المنصة من قبل الصحافيين والناشطين الفلسطينيين". وطلبت الشكوى "مراجعة عاجلة وشرحاً للقرارات التي اتخذها (فيسبوك) بتعليق الحسابات والمنشورات التابعة لوكالات الأنباء الفلسطينية والناشطين الفلسطينيين".
وأصبح الخلاف مستعراً داخل الشركة لدرجة أن مجموعة من نحو 30 موظفاً اجتمعت في وقت سابق من هذا الشهر، لتقديم طعون داخلية لاستعادة المحتوى الذي يعتقدون أنه حظر أو حذف على نحو غير صحيح، من منصتي "فيسبوك" و"إنستغرام"، وفقاً لموقع "بازفيد".
كما أن التحيز ضد العرب والمسلمين يؤثر على العلامات التجارية للشركة أيضاً. إذ واجهت حملة لخفض تقييم تطبيقيها "فيسبوك" و"إنستغرام" على متجري التطبيقات التابعين لـ"غوغل" و"آبل". وكشفت شبكة "أن بي سي نيوز" أن بعض الموظفين في "فيسبوك" تواصلوا مع "غوغل" و"آبل" لحذف المراجعات السلبية.
المتحدث باسم "فيسبوك" آندي ستون أقر لـ"بازفيد" بأن الشركة ارتكبت أخطاء، وأشار إلى أن لديها فريقاً على الأرض مع متحدثين بالعربية والعبرية لمراقبة الموقف.