ما زالت الآلة العسكرية الصهيونية تواصل حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مدججة بتأييد أغلب الحكومات الغربية. لكن هذا لم يمنع الضمير الإنساني العالمي من إعلان براءته من جرائم الاحتلال، وأبرز مَن عبّر عن هذا الصوت في عالم الفن مجموعة أطلقت على نفسها اسم "موسيقيون من أجل فلسطين".
المجموعة التي تأسست في مايو/ أيار 2021 دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، والسماح بتقديم المساعدات الغذائية إلى أهالي غزة المحاصرين. وأكد بيان أصدرته خلال الفترة الماضية أن الأحداث الجارية في فلسطين "لحظة الحقيقة بالنسبة إلى الملايين في جميع أنحاء العالم الذين يقدرون الكرامة الإنسانية".
أكثر من ستة آلاف فنان من كل أنحاء العالم وقعوا على بيان "موسيقيون من أجل فلسطين"، منهم المغنية الأميركية هالزي (Halsey) التي عُرفت بمواقفها المتضامنة مع القضية الفلسطينية، ودفعها هذا إلى أن تعلن منتصف الشهر الماضي أسفها لتباطؤها في دعم غزة خلال العدوان، بسبب تهديدات عنيفة تلقتها سابقاً نتيجة تضامنها مع الفلسطينيين، ما جعلها تخشى على عائلتها، لتقرر أخيراً أن ذلك لا يجب أن يمنعها من التعبير عن رفضها عنفاً أسوأ كثيراً تتعرض له العائلات الفلسطينية.
في مقدمة من أعلنوا تضامنهم من خلال التوقيع على البيان، المغنية الأميركية كيلاني (Kehlani)، التي كانت من أوائل الداعمين لسكّان قطاع غزة؛ إذ شاركت منذ البداية في تظاهرات شهدتها ولاية لوس أنجليس دعماً لضحايا الآلة العسكرية الصهيونية، كما بدلت صورة حسابها الرسمي على "إنستغرام"، واضعةً علم فلسطين مصحوباً بعبارة "أنا أقف مع فلسطين".
هناك كذلك المغنية البريطانية الألبانية الشهيرة، دوا ليبا، التي سبق اتهامها بالعنصرية بسبب مناصرتها القضية الفلسطينية، وكان أن مولت منظمة صهيونية تدعى "شبكة القيم العالمية" إعلاناً على مساحة صفحة كاملة في صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية، هاجمت عبرها الفنانة إثر دعمها غزة خلال العدوان الصهيوني في 2019.
ومن بين الموقعين على بيان "موسيقيون من أجل فلسطين"، أيضاً، مغني الروك الشهير روجر ووترز الذي طالب عبر تدوينة له على منصة إكس بوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة، إذ كتب: "بحق محبة الله، توقفوا عن قتل الأطفال!".
ومن فرنسا، كان من بين الموقعين واحد من أشهر مغني الراب، هو كيري جيمس الذي فاجأ في وقت سابق إحدى المسيرات الباريسية الداعمة لفلسطين بأغنية تندد بجرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتقول كلماتها: "المستشفيات أصبحت مقابر، والدماء حولت الأنهار إلى اللون الأحمر. رأيت السلام على نقالة، ووجهه أبيض من الغبار. تائهون في المقابر الجماعية، ولم يعد العقل يجد منبراً. رأيت الدم على الحمامة الضائعة، وسمعت أصوات أحبك تحت القنابل. دفنت الشمس نفسها تحت غزة، واحتضن القمر بين ذراعيها، فقدت النجوم بريقها، وتسألني كيف حالك؟".
ولا يُنسى مغني الراب الأميركي، ماركوس موتون، الشهير بريدفيل، أحد الموقعين على البيان وواحد من أبرز من دعموا قطاع غزة خلال الفترة الماضية، إذ عرض في حفله المقام ضمن فعاليات المهرجان الموسيقي Camp Flog Gnaw قائمة بأسماء أطفال فلسطينيين لم يتجاوزوا سنّ الرابعة قضوا شهداء خلال العدوان الإسرائيلي على غزة.
هذه الأسماء وغيرها، وقعت على بيان جاء فيه: "لا يمكننا أن نكون محايدين في مواجهة كل هذا الظلم، لا يمكننا أن نصمت بعد 75 عاماً من الاحتلال العسكري الإسرائيلي ومن نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين. لا يمكننا أن نصمت أمام 17 عاماً من الحصار الإسرائيلي لغزة. حصار أمسى اليوم كاملاً، حتى جعل منها مكاناً غير قابل للحياة، إثر انقطاع أغلب الخدمات وانهيار منظومة الرعاية الصحية، إلى جانب عرقلة دخول أي مساعدات غذائية".
كذلك أعلن الفنانون رفضهم استعمال موسيقاهم بأي صورة كانت "لتبييض الممارسات القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان"، مناشدين جميع حكومات العالم أن تتوقف عن "إرسال الأسلحة وتمويل آلة الحرب الإسرائيلية أو دعم أي دولة أخرى متورطة في جرائم ضد الإنسانية".
أفاد الموقعون كذلك أنهم استلهموا حركتهم من "فنانون ضد الفصل العنصري" التي تأسست سابقاً لمجابهة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وكانت للمبادرة مساهمتها في القضاء عليه.
وتماهياً مع ما اتسم به البيان من حزم ووضوح، أكد الموقعون: "نحن نتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة، ومن أجل حقهم في المساواة. ونؤيد حرية جميع الفنانين والناشطين على مستوى العالم في استخدام كل الوسائل السلمية لتحقيق المساءلة ومحاربة الظلم والسعي لإنفاذ السلام العادل". واستشهد البيان في سبيل حثه على القيام بكل ما يلزم لوقف أعمال العنف والإبادة، بمقولة للفيلسوف البرازيلي باولو فريري: "لكي ننهي كل أعمال العنف، يتعين علينا أن نعمل بلا كلل لإنهاء السبب الرئيسي لذلك، ألا وهو القمع".
وقع على بيان "موسيقيون من أجل فلسطين" نجوم من مختلف أنحاء العالم، مثل: نيكولاس جار، وإنديانا، وهيلادو نيغرو، وذا نايف أولوف دراغر، ولارين، وبيث ديتو، وميكي بلانكو، ويوث لاغون، وموغواي، وكود 9، وبريان إينو، وكالي أوتشيس، وزاك د لاروشا وتوم موريلو، ورافي، وكيا، وماندي، ولوسي داكوس، وميكا، ونينا بيرسون، ومساكي، وبوني برينس بيلي، ومايكل ستيب، وكارولين بولاشيك.