استمع إلى الملخص
- عالمياً، حققت بيلي آيليش نجاحاً كبيراً وفازت بجائزة الأوسكار، بينما حصدت تيلور سويفت عشر جوائز بيلبورد، وفاز نيمو بمسابقة اليورويفجن، وحصلت هيلاري هان على جائزة غرامافون.
- في سوريا، انتهى حكم آل الأسد، مما أثار استجابة فنية واسعة، حيث أطلقت أصالة نصري أغنية "سوريا جنة"، مع دعوات للوحدة الوطنية وإعادة الإعمار.
على غرار سابقه، دخل عام 2024 المنطقة العربية، مُتّشحاً بمأساة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة، ولذا حضّ مزيداً من الفنانين العرب، بدفعٍ من المزاج الشعبيّ، على الاستجابة الفنيّة، للفظاعات التي ما انفكت تُرتكَب بحق فلسطينيي القطاع من قتل وتدميرٍ وتهجير، مُتابعين بذلك تقليداً قومياً عربياً، بات عمره أزيد من نصف قرن، يتمثّل في الأغنية العربية المناصرة والمتضامنة مع القضيّة الفلسطينيّة.
من بينها واحدة هذا العام، للمغنّي المصري مدحت صالح، كانت قد رُفِعت على يوتيوب شهر مايو/أيار، عنوانها "أصحاب القضيّة". كتب الكلمات نور الباز، ووضع الألحان أحمد محيي، ليوزّعها المعروف بساندو.
في الأغنية، يُحاكي صالح نهج الأغنية البديلة في الشكل والمضمون، ليُسمَع صدى أغنية فرقة كايروكي "تلك قضيّة" التي صدرت مُبكراً قبل عام ولاقت إعجاباً، مع الفارق أنّ النص ينطلق من سرديّة مغايرة، تضع الحرب الأخيرة في سياق تاريخي، يعود بها إلى نكبة عام 1948.
قد تجاوز التصدّي الفنّي الموسيقي للحرب على قطاع غزة النطاقَ العربي، إلى المجال العالمي. ففي شهر مايو أيضاً، انتشرت فيروسيّاً أغنية مصوّرة لفرقة فولكلورية أيرلندية اسمها The Undercover Hippy حملت عنوان "لسنا أرقاماً" (We Are Not Numbers) في إشارة إلى الضحايا من فلسطينيي القطاع.
يظهر خلالها مغني الفرقة بيلي روان (Billy Rowan) سائراً في تظاهرة داعمة لفلسطين، عاقداً كوفية حول العنق، مُخاطباً الرأي العام الغربي، بأنه إذا كان لا يبكي على فلسطين، فهو لا يعلم ما يحدث على أرضها، خصوصاً أنّ حصيلة الموت بين الفلسطينيين نهايةَ العام بلغت 45 ألف قتيل.
عالمياً، كان عاماً مثمراً، على الأخص عند النجمة الأميركية ابنة الـ23 سنة، بيلي آيليش (Billie Eilish) التي تصدّرت أغاني ألبومها الصادر مايو الماضي، وعلى رأسها "طيور من ريش" (Birds of a Feather) ذات النزعة الماضويّة (Retro) المستعيدة رومانسيةَ التسعينيات، معظم قوائم أفضل الأغاني. ربما تبقى أغنيتها لفيلم "باربي" المعنونة "لأجل ماذا صُنعِت" (What Was I Made For) الأعمق والأشد تأثيراً، وقد نالت لقاءها، إضافة إلى غرامي، جائزةَ الأوسكار، عن فئة أفضل أغنية لفيلم، لتُصبح الأصغر سنّاً ممن فاز بجائزتي أوسكار في تاريخ المسابقة.
في البقاء ضمن إطار الجوائز، حصدت النجمة الأميركية تيلور سويفت (Taylor Swift) عشرَ جوائز بيلبورد، من بينها الفنانة الأعلى مرتبة من بين 100 من فناني الهيئة الأهمّ المُصنِّفة للإنتاج الغنائي في الولايات المتحدة. أما في القارة الأوروبية، فقد حصلت سويسرا، يمثلها الفنان نيمو، على المرتبة الأولى في مسابقة اليورويفجن، التي استضافتها مدينة مالمو في السويد. على صعيد الموسيقى الكلاسيكية، حازت أسطوانة عازفة الكمان الأميركية هيلاري هان (Hilary Hahn) التي سجّلت عليها، منفردةً على كمانها، السوناتات الست للمؤلف وعازف الكمان البلجيكي يوجين إيزاي (Eugine Esaye) (1858-1931) جائزةَ غرامافون لقاء أفضل تسجيل.
من بين الموسيقيين الكلاسيكيين الذين رحلوا في سنة 2024، ممن تركوا بصمة على تاريخ الموسيقى خلال حقبتها المعاصرة، قائد الأوركسترا الياباني سيّجي أوزاوا (Seiji Ozawa) الذي كان من بين أوائل الآسيويين الذين نجحوا في كسر احتكار المؤدّين الأوروبيين والأميركيين لسوق الموسيقي الكلاسيكية الغربية. رحل أيضاً عازف البيانو الإيطالي موريتزيو بولّيني (Maurizio Pollini) ليُسدل الستار على زمن الأداء سواء إحياء الحفلات أو تسجيل الأسطوانات، بوصفه مشواراً فنيّاً موسيقياً قائماً بذاته، يستقلّ عن التأليف والإنتاج الفنّي. كما شهد العام إسدال ستارٍ آخر، على واحدٍ من بين أفضل الرباعيّات الوتريّة في التاريخ، إذ اختار أعضاء فريق إيمرسون (Emerson) تسجيل أسطوانتهم الأخيرة، وعنونتها "رحلة بلا نهاية" (Infinite Voyage) لتكون خاتمة باقية لشراكة موسيقية استمرّت لمدة 47 عاماً.
بالعودة إلى المنطقة العربية، فقد انقضى عام 2024 بزلزال غير متوقع، مركزه دمشق، وصلت تردّداته العالم أينما حلّ الشتات السوري وانتشر، إذ وُضعت في 8 ديسمبر/كانون الأول، نهاية مباغته لحكم آل الأسد وقبلهم حزب البعث في سورية، الذي امتد نحو ستّة عقود، استحال آخرها حرباً دامية، راح ضحيّتها قرابة نصف مليون قتيل وملايين الجرحى والمفقودين والمُهجّرين ودمار هائل للعمران والمجتمع. الأمر الذي استدعى استجابة فنيّة لحدثٍ جيوسياسيّ بوزنٍ تاريخي، تحمل مظهر الاحتفال بفوز الشعب على قوى الاستبداد والفساد، وعليه بثُّ مشاعر التفاؤل أمام فرصة، عسى أن تبقى سانحة، لبناء الدولة، وتأسيس الجمهورية الثانية لما بعد حقبة الاستعمار، وإمكانية إرساء عقدٍ جديدٍ للعيش المشترك.
هكذا سارعت المطربة السورية أصالة نصري في خلال بضعة أيام عقب التغيير الدرامي، إلى الظهور على منصّة يوتيوب بأغنية مصوّرة عنوانها "سوريا جنّة" استلهاماً لإحدى أبرز الأهازيج التي اشتُهرَ بها حارس المرمى الحمصي عبد الباسط الساروت (1992 - 2019) الذي أضحى أيقونةً للحراك الشعبي غداة الانتفاضة السورية مطلع عام 2011.
كتبت كلمات الأغنية كل من بتول زيدان ويارا أحمد، ووضع الألحان علي حسون، لتبثّ نبرة تفاؤلية إزاء مستقبل البلد، تنادي بالوحدة الوطنية وتدعو إلى التكافل في سبيل إعادة البناء والإعمار.
ثم لحق بأصالة خالد حجار، وهو مغنٍّ شابّ من حلب، ذاع صيته إثر مشاركته فريق صابر الرباعي لبرنامج المواهب "ذا فويس"، لينشر منذ نحو ثلاثة أسابيع، من مقرّ إقامته في الإمارات، أغنية عنوانها "سورية" من كلماته وألحانه، على الرغم مع أن تسجيلها قد سبق تاريخ سقوط الأسد، وقد سعى إذ ذاك إلى أن تبثّها له الفضائيّات السورية. ودخل على خط التهليل للعهد السوري الجديد المغني اللبناني فضل شاكر، مختاراً أوّل أيام يناير/كانون الثاني، لرفع أغنيةٍ بعنوان "الشام فتّح" من كلمات وألحان اليمنية جمانة جمال.