استطاع مهرجان قطر الدولي للصقور والصيد "مرمي"، الذي تقام نسخته الثانية عشرة حالياً في صبخة سيلين (جنوب)، أن يعمل على توثيق وتعزيز تراث الصقارة المسجل في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "يونيسكو" منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2010.
ويعدّ مهرجان "مرمي" أحد أكبر المهرجانات المتخصصة في مجال الصقور والصيد في المنطقة، وتتميز نسخه المتعددة بقوة المنافسة، وبالحضور الجماهيري الكبير من مختلف الدول.
ويحظى المهرجان بمشاركة واسعة من الصقارين تقترب من ألفي متسابق سنوياً في مختلف البطولات التي يتضمنها، وأهمها "هدد التحدي" و"الطلع" و"الدعو" لمختلف الفئات، حتى أنه خصص للصقارين الواعدين والصغار بطولتين للمنافسة والتعرف إلى هذا العالم عن قرب.
ويتكئ الاهتمام بالصقور والصيد على موروث عربي قديم في شبه الجزيرة العربية حتى قبل ظهور الإسلام، والذي جاء ليحدد قواعد الصيد بالجوارح وشروطه وما يجوز فيه وما لا يجوز.
وتوارثت بلاد العرب وغيرها مهنة الصيد بالصقور وغيرها سعياً للرزق منذ قديم الزمان، ولكن مع تطور الحياة البشرية أصبح هذا الموروث معرضاً للاندثار، لتسعى 11 دولة عربية وأجنبية إلى وضع الصقارة على قائمة "يونيسكو"، بهدف زيادة الوعي على المستوى بقيمة هذا التراث، وتشجيع الدول على تبنّي استراتيجيات وخطط عمل واضحة ومُحكمة، لصون التراث الإنساني، ومنح الصقارة المشروعية وفق مبدأ الصيد المستدام، الأمر الذي تحقق في عام 2010.
وفي زيارة إلى موقع المهرجان، حيث جهزت الأماكن والمضامير للسباق، فكل بطولة لها مكان مخصص يُختار بمعايير محددة، فبطولة "الطلع" تكون في عمق الصحراء بعيداً عن الجماهير، فهي البطولة الهادئة التي يتنافس فيها المتسابقون في صيد الحبارى.
أما "هدد التحدي" ذلك السباق الجماهيري فربما يكون الأكثر إثارة، حيث يتابع الجمهور الذي يحرص باستمرار على زيارة المهرجان لمشاهدة التحدي بين الشواهين والحمام الزاجل والصراع المثير بين من يبحث عن غذائه ومن ينجو بحياته، بينما بطولة "الدعو" لها شأن آخر، فهي المنافسة في السرعة والتحدي بين الصقور في جزء من الثانية.
وقال علي المحشادي، رئيس جمعية القناص القطرية ورئيس اللجنة المنظمة لمهرجان "مرمي"، إنّ افتتاح مكتبة جمعية القناص الخاصة بالصقور سيكون في شهر فبراير/شباط المقبل، مشيراً إلى أن الجمعية جمعت أكثر من 400 كتاب عن الصقور باللغتين العربية والإنكليزية ومن الكتب القديمة والحديثة، لتكون مكتبة شاملة عن هذا المجال، فضلاً عن بعض الصور والفيديوهات القديمة وآلات الصيد لمقانيص أهل قطر.
ودعا المحشادي كل من لديه صور تتعلق بالقنص في قطر أو قطع ثمينة، أن يقدمها للجمعية، على أن تعرض باسمه في إطار المشروع الأكبر الذي يخدم هذا التراث، مشيراً إلى أن جمعية القناص تبنت حملة "صقاقير أهل قطر" لعامين، والتي من خلالها أُطلقت الصقور إلى الطبيعة، وهذا نبل من الصقارين القطريين، على حد تعبيره.
(قنا)