منح "مهرجان كانّ السينمائي الدولي"، مساء اليوم السبت، جائزة "السعفة الذهبية" لـ"تيتان" Titane، إثر منافسة محتدمة بين 24 فيلماً، في الدورة الرابعة والسبعين من هذا الحدث الذي لمّ شمل أسرة السينما العالمية، بعد انقطاع طويل بسبب جائحة "كوفيد-19".
بفوز الفيلم الفرنسي "تيتان" بـ"السعفة الذهبية" اليوم السبت تصبح مخرجته جوليا دوكورنو، وهي أصغر المشاركات في المنافسة، ثاني امرأة فقط تحصد هذه الجائزة في تاريخ المهرجان، بعد 28 عاماً من فوز فيلم "ذا بيانو" لجين كامبيون.
رأس لجنة التحكيم المخرج سبايك لي، وهو أول فنان أميركي أسود يشغل هذا المنصب، وضمت شخصيات بينها السينمائي البرازيلي كليبر ميندونسا فيليو والمغنية ميلين فارمر والممثل الفرنسي من أصل جزائري طاهر رحيم والممثلة والمخرجة الفرنسية ماتي ديوب.
أوضح سبايك لي في الأيام الأولى للمهرجان "لكل شخص رأي مختلف" داخل اللجنة. وقال "وعدت أعضاء اللجنة بأنني لن أكون ديكتاتوراً بل ديموقراطياً... لكن ذلك سيبقى ضمن حدود معينة، فإذا ما انقسمت اللجنة عمودياً أربعة ضد أربعة، فأنا من يقرر! سيكون ذلك مسلياً".
✨Red Steps of the 74th Festival de Cannes Awards Ceremony
— Festival de Cannes (@Festival_Cannes) July 17, 2021
with Spike LEE (President), Mati DIOP, Mylène FARMER, Maggie GYLLENHAAL, Jessica HAUSNER, Kleber MENDONÇA FILHO, Mélanie LAURENT, Tahar RAHIM, SONG Kang-Ho.#Cannes2021 #Cannes74 #RedSteps pic.twitter.com/qb3l5o3pqY
ومنحت "سعفة فخرية" للمخرج الإيطالي ماركو بيلوتشيو الذي قدم فيلماً وثائقياً شخصياً للغاية عنوانه "ماركس يمكن أن ينتظر"، بعد خمسة عقود من العمل الملتزم لم يتوان فيه عن انتقاد المؤسسات العسكرية والدينية.
أما جائزة أفضل ممثل فحصل عليها كايلب لاندري جونز عن دوره في فيلم Nitram للمخرج جاستن كورزيل. وفازت ريناتي رينسفاه بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم The Worst Person in the World للنرويجي يواكيم ترير.
منحت جائزة لجنة التحكيم لفيلمي HA’BERECH لناداف لابيد وMEMORIA لأبيتشاتبونغ ويراسثاكول. ومنحت جائزة أفضل سيناريو لريوسكي هاماغوتشي وتاكاماسا أوي عن فيلم Drive My Car.
وحصل الفرنسي ليوس كاراكس على جائزة أفضل إخراج عن فيلمه Annette الذي افتتح المهرجان. الجائزة الكبرى التي تمنحها لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، وتعادل الجائزة الفضية، منحت مناصفة للإيراني أصغر فرهادي عن فيلمه GHAHREMANK، ويوهو كوزمانين عن فيلمه HYTTI N°6.
كذلك مُنح تنويه خاص من لجنة التحكيم للفيلم القصير Céu de Agosto للمخرجة جاسمين تينوتشي، و"السعفة الذهبية" للفيلم القصير TIAN XIA WU YA من إخراج تانغ يي، و"الكاميرا الذهبية" لفيلم Murina للمخرجة أنطونيتا ألامات كوسيانوفيتش.
كان فيلم "ريش"، للمخرج المصري عمر الزهيري، قد فاز الأربعاء بالجائزة الكبرى للجنة تحكيم "أسبوع النقّاد"، إحدى الفعاليات التي تقام على هامش "مهرجان كانّ السينمائي الدولي". "أسبوع النقّاد" الذي يهدف إلى اكتشاف المواهب الشابّة وتسليط الضوء عليها احتفل هذا العام بالذكرى الستين لتأسيسه.
كذلك تمكن فيلم المخرجة الروسية كيرا كوفالينكو "فك القبضة" Unclenching the Fists من اقتناص جائزة في فئة "نظرة ما" الجمعة، وهي الفئة الأكثر تركيزاً على الفنيات في المهرجان السينمائي العالمي.
"السعفة الذهبية"
تشكل "السعفة الذهبية" جائزة يطمح إليها سينمائيون كثر حول العالم، وهي تتمتع بسمات فريدة تجعل منها جوهرة لافتة ذات قيمة فنية ومادية كبيرة. وتكرس هذه الجائزة العريقة التي تمنحها لجنة "مهرجان كانّ السينمائي الدولي" الفيلم الأفضل في المسابقة الرسمية.
تفيد الرواية بأن اختيار "السعفة الذهبية" التي تصنع في مشغل للحلي الراقية منذ 1955 فرض نفسه بسبب شجر النخيل الذي يحيط بالواجهة البحرية في كانّ وشعار المدينة.
وكافأت أول "سعفة ذهبية" فيلم "مارتي" للمخرج الأميركي ديلبيرت مان. وكانت لجنة التحكيم يومها برئاسة مارسيل بانيول. وحتى عام 1954 كان أفضل فيلم يكافأ بجائزة المهرجان السينمائي الدولي. كما كان أفضل مخرج ينال شهادة وعملاً فنياً موقعاً من فنان معاصر.
ووضعت مصممة المجوهرات لوسيان لازون الرسم الأول لهذه السعفة. وفي 1998، صممت رئيسة مجموعة "شوبار" للمجوهرات، كارولين غروسي شوفيلي، "السعفة الذهبية" بشكلها الجديد. وفي إطار شراكة مع المهرجان، تقدم دار المجوهرات السويسرية العريقة هذه سنوياً السعفة التي تقرب كلفتها من عشرين ألف يورو.
السعفة المقوسة قليلاً تحمل 19 ورقة منحوتة باليد، بزنة 118 غراماً من الذهب عيار 18 قيراطاً، وتأخذ عند قاعدتها شكل قلب هو شعار "شوبار". وتوضع الجائزة يدوياً في قالب من الشمع، ثم تثبت على قطعة بلور جندلي محفورة على شكل ماسة. ويستغرق صنع السعفة الذهبية أربعين ساعة عمل من جانب خمسة صاغة.
ومنذ 2014، تحمل السعفة تصنيف "فير مايندد" الدولي الذي يضمن أن الذهب الأصفر المستخدم في صنعها مستخرج بطريقة تراعي البيئة والحقوق الاجتماعية للمنقبين عن الذهب.
وهذه السعفة تقدم على وسادة من البلور الصخري بزنة كيلوغرام واحد مصقول على شكل ماسة وبطريقة فريدة، إذ إن الطبيعة لا تعطي بلورتين مماثلتين. وعلى الدوام ثمة سعفة ذهبية ثانية غير مؤرخة في الاحتياط، في حال وقوع أي حادث أو منح الجائزة إلى فيلمين.
ومنذ عام 2000 تمنح سعفتان صغيرتان، هما نسختان عن السعفة الرئيسية، إلى الفائزين بجائزة أفضل ممثلة وممثل قبل بضع ساعات من الحفلة الختامية.
متحف دولي للمهرجان وللسينما
وضعت بلدية مدينة كانّ الفرنسية، الخميس الماضي، الأسس التعاقدية لإقامة متحفها الدولي للسينما الذي يُتوقع افتتاحه سنة 2028، وجاء إعلانها عن المشروع قبل شهرين من الافتتاح المرتقب لمتحف لوس أنجليس للـ"أوسكار" في سبتمبر/ أيلول المقبل.
وقال رئيس البلدية دافيد ليسنار للصحافيين "طموحنا هو أن يكون لدينا متحف (...) للسينما"، بعد توقيعه اتفاقاً ثلاثياً مع الـ"سينماتيك" الفرنسية والمركز الوطني للسينما والصورة.
ويُقام هذا المرفق الثقافي والسياحي في موقع مركز رياضي سابق، على بعد ربع ساعة مشياً من قصر المهرجانات، ويهدف إلى جذب 400 ألف زائر سنوياً.
وأوضح ليسنار أن الحجر الأساس يُفترض أن يوضع عام 2025، وتُقدَّر تكلفة المشروع "بما بين 150 و200 مليون يورو. وتعتزم بلدية المدينة التي كان عدد السياح فيها يصل إلى نحو مليونين سنوياً قبل الأزمة الصحية الاستعانة بشركاء من القطاع الخاص، لتوفير التمويل اللازم، متوقعة أن يحقق المتحف إيرادات.
ورحّب رئيس الـ"سينماتيك" الفرنسية المخرج الفرنسي اليوناني كوستا غافراس بالمشروع، وقال "لدينا ما يكفي لملء متحفين على الأقل، بل أكثر قليلاً إذا لزم الأمر". وقال "لدينا كل شيء، مئات الأزياء، ومئات المخطوطات، وآلاف الملصقات، وصور الجميع، وديكورات، وثلاثة آلاف كاميرا. من بدايات السينما حتى اليوم".
وأضاف "يمكنني القول إن لدينا أشياء أكثر من الأميركيين الذين لم يهتموا كثيراً بجمع الأشياء في حين أن الـ(سينماتيك) الفرنسية بدأت بذلك عام 1936".
وستحظى مجموعات الـ"سينماتيك" ضمن المتحف العتيد في مدينة كانّ بمساحة عرض دائمة تبلغ 2500 متر مربع، تكملها 900 متر مربع مخصصة للمهرجان، وسيقام نموذج لاستديو بمساحة 300 متر مربع يتيح الاطلاع على مختلف مراحل إنتاج الأفلام، إضافة إلى صالة احتفالات ومساحة للأطفال تمتد على 600 متر مربع. وسيخصص نحو ألف متر مربع للمعارض الموقتة الكبيرة.
ولم يعد ثمة في فرنسا متحف للسينما منذ إغلاق متحف هنري لانغلوا في باريس، في تسعينيات القرن العشرين.
(العربي الجديد، فرانس برس)