من هو "بيرقدار" التركي صانع إحدى أذكى الطائرات المسيرة حول العالم؟

01 نوفمبر 2021
أوزدمير بيرقدار في الشاشة خلال تقديم الرئيس التركي وزوجته واجب العزاء (الأناضول)
+ الخط -

كحّل عينيه بحلم كبير في أغسطس/ آب الماضي، حينما تسلّم الجيش التركي رسمياً طائرة "بيرقدار أقنجي" بوصفها واحدة من أذكى الطائرات المسيرة من هذا الطراز عالمياً، قبل أن يموت بعد صراع مع السرطان في 18 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

ترك أوزدمير بيرقدار (1949-2021) بعد عشرين عاماً من البحث والتجديد والاختراع، وصناعة أول مركبة جوية دون طيار "بيرقدار ميني"، إتمام الحلم لمهندسي شركة "بايكار" وأولاده الثلاثة.

وأوصى الراحل أن تخرج جنازته من المصنع الذي شيّعه منه كبار ساسة تركيا وأباطرة مالها وإعلامها.

ولد أوزدمير بيرقدار في قرية "غاريبتشه" الساحلية بمنطقة "ساريير" في إسطنبول، لأب يعمل بصيد السمك عام 1949. لكن أصول أسرته ترجع إلى منطقة "سورميني" بولاية طرابزون على ساحل البحر الأسود شمالي تركيا، ليتميز بيرقدار المنحدر من أسرة فقيرة بدراسته، ويلتحق من ثانوية كاباتاش بكلية الهندسة الميكانيكية عام 1967 ويتخرج عام 1972 بدرجة تفوق.

بدأ مع تصميم السيارات أولى خطوات إبداعه، ثم استقطبه البروفيسور إسماعيل حقي أوز، رئيس الاتحاد الدولي للسيارات ليشارك بحلم تركيا وقتذاك، وهو تصنيع سيارة "ديفريم" التركية التي تعتمد على "المحرك الفضي" الذي أطلقه نجم الدين أربكان فور عودته من ألمانيا، قبل أن يدخل معترك السياسة ويؤسس حزب الرفاه عام 1983 الذي أوصله إلى رئاسة الوزراء عام 1996.

ورغم قرب بيرقدار من أربكان، إلا أنه غادر "المحرك الفضي" بعد نيله الماجستير عام 1975، ليلتحق بالقطاع الصناعي التركي، ويساهم في تأسيس عدد من المشاريع والمصانع الجديدة، منها "أوزل"، و "بردر تراكتور"، و"إسطنبول سيغمان"، والتي تلعب دوراً رائداً في القطاع الصناعي التركي حتى اليوم.

لكن طموح الشاب بيرقدار دفعه للاستقلالية وتأسيس شركة "بايكار" عام 1984، حالماً بالمساهمة في النهضة التركية وقتذاك وتوطين الصناعات، بغرض المساهمة في الاستقلال التكنولوجي لتركيا.

طائرة "بيرقدار تي بي 2" خلال عرض عسكري (Getty)

كان أول ابتكاراته "آلة حفر"، قبل أن يتوسع في التصميم وإنتاج الآلات الصناعية، ويدخل عام 2000 بمجال الطائرات المسيرة ويقدم أول مركبة جوية دون طيار محلية ووطنية باسم "بيرقدار ميني" لصالح القوات المسلحة التركية، والتي طورها خلال عمله مع الجيش التركي جنوب شرق البلاد بين عامي 2005 و2009.

فتحت تلك الطائرة مع استمرار تطويرها أمام بيرقدار وشركة "بايكار" الباب واسعاً أمام تطوير وإنتاج مُسيّرات تركية حديثة ومتطورة، وصلت نسبة المساهمة المحلية فيها إلى أكثر من 93%، وجعلت تركيا رائدة في مجال صناعة واستخدام وبيع المسيّرات المسلحة على مستوى العالم، بعد أن أسست لإنتاج 4 أنواع من الطائرات المقاتلة المسيرة، اثنان منها تنتجهما شركة بايكار، والآخران تنتجهما مؤسسة الصناعات الجوية والفضائية التركية.

 إلا أن الطلب المتسارع على طائرة "بيرقدار أقنجي" جعل من اسم هذا الرجل يحلق في سماء عدة دول.

 أصل اسم "أقنجي" عثماني كان يطلق على قوات سلاح الفرسان الحدودية في الدولة العثمانية، المكلفة بشن الغارات و "بيرقدار" اسم عائلة أوزدمير الذي سلم الراية لابنه سلجوق، صهر الرئيس التركي أردوغان ومخترع النسخة الجديدة من الطائرة المسيرة التركية.

تزوّج أوزدمير بيرقدار من المبرمجة في بنك الصناعات التركية جانان بيرقدار وله ثلاثة أبناء، خلوق وأحمد وسلجوق بيرقدار؛ والأخير هو المدير التقني لشركة "بايكار" لأنظمة الطائرات المسيرة.

وبحسب تقارير فنية صدرت بعد تسلّم الجيش التركي رسمياً "بيرقدار أقنجي" أخيراً، فإن هذه الطائرة تمتاز بالقدرة على جمع المعلومات عن طريق تسجيل البيانات التي تتلقاها من أجهزة الاستشعار، والكاميرات على متن الطائرة من خلال ستة حواسيب مجهزة بذكاء اصطناعي متطور.

وهي مزوّدة بأدوات متطورة عديدة، مثل رادار AESA، وكاميرا EO/IR، وأنظمة مراسلة عبر الأقمار الصناعية، وأنظمة الدعم الإلكتروني وذكاء اصطناعي متطور.

وكذلك فإن الطائرة المسيرّة التي غيرت من ملامح قوة تركيا العسكرية، يزيد طولها عن 12.3 متراً، وتطير بمحركين بقوة 240 حصاناً محلييْ الصنع لمدة 24 ساعة على ارتفاع يصل 40 ألف قدم، وبذلك ستكون "أقنجي" قادرة على أداء المهام عبر تزويدها بذخائر وأسلحة محلية الصنع مثل صواريخ كروز من طراز SOM.

المساهمون