من حطام تايتانيك إلى الفضاء... أسفار المغامرات تجذب المزيد من الناس

21 يونيو 2023
تجذب قمّة إيفرست في النيبال مغامرين أكثر من أيّ وقتٍ مضى (Getty)
+ الخط -

تعدّ الرحلات إلى أقاصي الأرض وقعر البحر، وحتّى إلى الفضاء، جزءاً من ميل متزايد لدى فئة من الناس للقيام بأسفارٍ مكلفة لا تخلو من الأخطار، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

ويبحث رجال خفر السواحل وغوّاصون متخصّصون من الولايات المتحدة وكندا، منذ يوم الأحد الماضي، عن غواصة فقدت وعلى متنها خمسة أشخاص، في أثناء رحلة لزيارة حطام سفينة تايتانيك في منطقة بعيدة في المحيط الأطلسي قبالة سواحل أميركا الشمالية.

وصار إجراء هذا النوع من الرحلات أسهل في السنوات الأخيرة، بفضل تطوّر التكنولوجيا ووسائل التواصل، بحسب مستشاري السفر الفاخر. واليوم، تقدم شركات مثل "بلو أوريجين" رحلات تجارية إلى الفضاء، فيما تقوم "وايت ديزرت" برحلات بواسطة طائرة خاصة إلى القطب الجنوبي.

وتتفاوت تكاليف القيام بهذه الرحلات. ففيما دفع بعض الركاب على رحلات "بلو أوريجين" ملايين الدولارات، فإنّ القيام برحلة إلى القطب الجنوبي يمكن أن يكلّف أقل قليلاً من 100 ألف دولار. أمّا حجز مقعد للتعرف إلى حطام التايتانيك في قعر المحيط، فيكلّف 250 ألف دولار.

ومع ذلك، يواصل المسافرون الأثرياء القيام بهذه الرحلات، حتّى لو حملت معها مخاطر التعرّض للأذى، كما يقول مخطّطو الرحلات.

ويقول مالك شركة السفر الأميركية "The Expeditionist"، رالف إيانتوسكا، في حديث مع "وول ستريت جورنال": "إنهم يريدون القيام بمغامرات لطالما أرادوا القيام بها، سواء الغوص في القارة القطبية الجنوبية لأنهم تمكنوا من الغوص في كل محيط آخر، أو الذهاب في رحلة مع الغوريلا الفضية في رواندا".

منذ وقت بعيد، اعتاد المستكشفون الأثرياء السفر إلى مناطق نائية من العالم، حيث يقضون أسابيع أو حتى شهوراً في ظروف صعبة وقاسية.

لكن، قبل 20 عاماً لم يكن هناك أمام هؤلاء المسافرين سوى كتاب دليل واحد لتتبع مساره، وأحياناً كان عليهم أن يختطوا مساراً بأنفسهم. لكن ذلك يتغيّر في الآونة الأخيرة، إذ ظهرت العديد من الشركات التي تسهل الرحلات للباحثين عن المغامرة، بحسب مؤسّس شركة "أنتامد بوردرز" البريطانية، جيمس ويلكوكس.

وتقول مديرة العمليات في شركة "ريفر أوكس" للسفر في هيوستن، سامانثا كولوم، إنّ سوق السفر الفاخر والمغامرات صغير، ولكنّه سريع النمو والتوسّع.

بحسب كولوم، بإمكان السياح الآن ركوب طائرة خاصة من كيب تاون في جنوب أفريقيا إلى القطب الجنوبي، للإقامة في معسكر فاخر، تحديداً داخل حجيرات تذكّر بسلسلة حرب النجوم الشهيرة، لقاء مبلغٍ يبدأ من 98500 دولار للفرد.

أمّا إيانتوسكا، فينظم رحلات من كيب تاون إلى القارة القطبية الجنوبية إلى أميركا الجنوبية، تتضمّن أخذ المرشدين للمسافرين على متن غواصة وتسلق الجليد والمشي لمسافات طويلة، وتتجاوز كلفتها 250 ألف دولار.

وبحسب كولوم، فإنّ جزءاً من جاذبية هذه الرحلات الاستكشافية للمسافرين الذين يملكون الموارد المالية اللازمة هو شعورهم بالتميّز بعد أن يصيروا جزءاً من مجموعة قليلة من الناس التي وصلت إلى وجهات السفر القصية.

وتضيف مديرة العمليات في شركة "ريفر أوكس": "بالطبع البعض يملكون قائمة بالأماكن التي يريدون زيارتها، لكنّ الكثيرين تحرّكهم الرغبة في التباهي بذهابهم إلى مكان لم يزره أحد في دوائرهم الاجتماعية من قبل".

ويقول مستشارو السفر الفاخر إنّهم يعملون مع تجار الملابس المحليين للتأكد من أن عملاءهم مجهزون جسدياً لرحلاتهم، لكن ذلك لا يلغي وجود المخاطر.

بحسب الرئيس التنفيذي لشركة "غلوبال ريسكيو" للخدمات الطبية والأمنية وإدارة مخاطر السفر، دان ريتشاردز، فإنّ القطاعين الأسرع نمواً في أعمالها الاستهلاكية هما سفر المغامرات والسفر الفاخر، مضيفاً: "ليس هناك شك في أن المخاطر التي يتعرضون لها أكبر ممّا كانت عليه في الماضي".

وتشهد الشركة المزيد من الإصابات بين المسافرين جراء لسعات من حشرات غير موجودة في بلدانهم الأصلية، بالإضافة إلى حالات الكسور في العظام الناجمة عن ركوب الدراجات النارية في أماكن خطر مثل باتاغونيا.

ويشير ريتشاردز إلى إصدار الحكومة النيبالية عدداً قياسياً من التصاريح لتسلّق قمة جبل إيفرست خلال العام الماضي، للتدليل على ازدياد جاذبية سفر المغامرات.

وتتوقع الشركة أن يكون لديها عدد قياسي من عمليات الإنقاذ في جبال الهيمالايا هذا الموسم، حيث يقوم المسافرون برحلات صعبة من دون أن يكونوا مستعدين لها.

وفي عام 2022، زادت حجوزات رحلات المغامرات عبر موقع Squaremouth.com بنسبة 28%، مقارنة بعام 2019. أمّا هذا العام، فارتفعت حجوزات رحلات المغامرات بنسبة 46% إضافية خلال عام 2022.

وتأتي هذه الزيادة، بحسب الشركة، نتيجة ازدياد شعبية السفر إلى وجهات مثل القارة القطبية الجنوبية ووجهات الأسفار في جنوب أفريقيا وكينيا وتنزانيا.

يجذب الوعد بالإثارة المزيد من المسافرين، حتّى لمن لا يعتبرون أنفسهم متهورين، ومن بينهم الكاتب في مسلسل "ذا سيمبسونز" الشهير، مايك ريس، الذي شارك في رحلة في يوليو/ تمّوز الماضي لاستكشاف حطام تايتانيك، على متن الغواصة نفسها المفقودة اليوم.

ويقول ريس إنّه ليس محباً للمغامرة، ولكنّه شارك بسبب زوجته، مشيراً إلى أنّ من شاركوا معهم في الرحلة إلى أعماق المحيط لم يكونوا محبين للمغامرات بدورهم، فهم "ليسوا من ركاب طائرات شراعية أو هواة القفز بالمظلات"، بحسب تعبيره، بل "يحركهم الفضول".

المساهمون