من الكيبوب إلى مندوبي المبيعات: الذكاء الاصطناعي يغزو كوريا الجنوبية

من الكيبوب إلى مندوبي المبيعات: الذكاء الاصطناعي يغزو كوريا الجنوبية

25 سبتمبر 2023
التحق البشر الافتراضيون في كوريا الجنوبية بالجامعات ويظهرون بانتظام على الشاشات (Getty)
+ الخط -

أنشئ وجهها باستعمال تقنية التزييف العميق (Deepfake)، أمّا جسدها فيعود بالحقيقة إلى فريق من الممثلين. مع ذلك فإنّها تغني وتقرأ الأخبار وتبيع الملابس الفاخرة على شاشة التلفزيون، وذلك بالتزامن مع تحقيق البشر الافتراضيين، المصنوعين بتقنية الذكاء الاصطناعي، شعبية واسعة في كوريا الجنوبية، بحسب وكالة فرانس برس.

إنّها "زين"، أحد أكثر البشر الافتراضيين نشاطاً في كوريا الجنوبية، والتي أنتجت بواسطة شركة الذكاء الاصطناعي بالس 9 (Pulse9)، التي تعمل على تحقيق أحلام الشركات بالحصول على الموظف المثالي.

أنشأت "بالس 9" بشراً رقميين لبعض أكبر الشركات في كوريا الجنوبية، حيث تشير الأبحاث إلى أن السوق العالمية لهذه الابتكارات يمكن أن تصل إلى 527 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030.

والتحق البشر الافتراضيون في كوريا الجنوبية بالجامعات، وتدربوا في الشركات الكبرى، ويظهرون بانتظام على شاشات التلفزيون المباشرة ليبيعوا منتجات متنوعة، من المواد الغذائية إلى حقائب اليد الفاخرة.

لكن بحسب الرئيسة التنفيذية لـ"بالس 9"، بارك جي يون، فإنّها "مجرد بداية"، وقالت في حديث مع وكالة فرانس برس إنّهم "يعملون على تطوير التكنولوجيا لتوسيع الاستخدام البشري للذكاء الاصطناعي".

وأضافت: "البشر الافتراضيون قادرون بشكل أساسي على تنفيذ الكثير ممّا يفعله الأشخاص الحقيقيون"، مشيرةً إلى أنّ المستوى الحالي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يعني أنه لا تزال هناك حاجة للبشر.

في البداية كان الطلب على البشر الافتراضيين في كوريا الجنوبية مدفوعاً بصناعة موسيقى الكيبوب، مع فكرة خلق نجمٍ افتراضي لا يكون عرضة للفضائح التي تؤثر على سمعته ومسيرته، وقادر على العمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

لكن الآن، فإن "بالس 9 تقوم بتوسيع أدوار البشر الافتراضيين في المجتمع لإظهار أن هؤلاء ليسوا مجرد أصنام خيالية، بل يمكنهم التعايش مع البشر كزملاء وأصدقاء"، بحسب بارك.

وجه الكيبوب

أنشئ وجه زين باستعمال وجوه نجوم الكيبوب على مدار العقدين الماضيين، من خلال تقنية التعلم العميق، وهي طريقة للذكاء الاصطناعي تعلّم أجهزة الكمبيوتر كيفية معالجة البيانات المعقدة.

وقالت بارك إن أكثر من 10 ممثلين بشريين، يتمتع كل منهم بمواهب مختلفة، من الغناء والرقص والتمثيل إلى إعداد التقارير، يساعدون في تحريك زين، وهو ما يجعل هذا الابتكار الخاص بالذكاء الاصطناعي "مميزاً" للغاية.

وصباح الاثنين، التقت وكالة فرانس برس بواحدة من الممثلات بينما كانت تستعد لتقديم تقرير باسم زين في برنامج إخباري صباحي مباشر على قناة أس بي أس المحلية.

وقالت الممثلة، التي لم تتمكن من ذكر اسمها بسبب سياسة الشركة: "أعتقد أنها يمكن أن تكون ممارسة جيدة للأشخاص الذين يريدون أن يصبحوا مشاهير وهذا ما جذبني".

ونبّه متحدث باسم الشركة إلى أنّ هويات جميع الممثلين البشريين مخفية، وكذلك وجوههم الحقيقية.

على الرغم من الإجراءات الصارمة لإبقاء ملفاتهم الشخصية مخفية، فإنّ الممثلة ترى أنّ لعب دور إنسان افتراضي يفتح أبواباً جديدة.

وقالت الممثلة، وهي في الثلاثينيات من عمرها: "يحقّق الناس النجومية في عالم الكيبوب في مرحلتي المراهقة والشباب، أمّا أنا فقد تجاوزت هذا العمر، لذلك من الممتع أن أكون قادرة على خوض هذا التحدي".

أضافت: "أود أن أحاول التصرف كرجل إذا تمكنت من إدارة صوتي بشكل جيد، أو كشخصٍ أجنبي، وهو شيء لا أستطيع أن أكون عليه في الحياة الحقيقية".

"حقيقي ومزيف"

قالت بارك إنّ تشغيل البشر الافتراضيين لا يزال يحتاج إلى أشخاص حقيقيين لتشغيله، "إلى أن يتم إنشاء ذكاء اصطناعي قوي حقاً في المستقبل والذي سيكون قادراً على معالجة كل شيء بنفسه".

وانفجرت إمكانات الذكاء الاصطناعي، ومعها المخاوف منه، في الأشهر الأخيرة بعد إطلاق برنامج ChatGPT نهاية العام الماضي.

وقد تحدث الخبراء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك رواد الذكاء الاصطناعي، عن مخاطره، وتسعى العديد من البلدان إلى تنظيم هذا الاختراع الجبّار والمليء بالمخاطر في الوقت نفسه.

لكن بارك ليست قلقةً، إذ تعمل شركتها على تطوير شخصيات افتراضية جديدة ومؤثرين افتراضيين ووكلاء مبيعات افتراضيين لتولي المهام التي تواجه العملاء في الشركات الكورية الجنوبية، والتي تكافح بشكل متزايد من أجل تأمين يد عاملة تغطي حاجة سوق البلاد التي تعاني من انخفاض معدل المواليد.

وقالت إن كوريا الجنوبية والعالم بحاجة إلى قواعد أفضل وأكثر وضوحاً بشأن ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، مضيفةً أنه عندما يتم تطبيقه بشكل صحيح، "يمكن لهذه التكنولوجيا أن تثري الحياة".

لكن المشكلة هي أن التزييف العميق يمكن أن "يجعل من المستحيل معرفة ما هو حقيقي ومزيف"، بحسب أستاذة أمن المعلومات في جامعة سيول النسائية كيم ميوهنغ جو، وأضافت: "إنها أداة فظيعة عندما تستخدم لإيذاء الآخرين أو وضع الناس في مشاكل. ولهذا السبب أصبحت مشكلة".

المساهمون