حين ينظر المشاهد إلى الملصقات (البوسترات) الفنية داخل الدراما العربيّة، يجد نفسه أمام أعمال كاريكاتورية وبهلوانية أكثر من كونها تُمثّل مدخلاً فنياً وجمالياً صوب عوالم الفيلم التلفزيوني أو المسلسل الدرامي، خصوصاً أنّ هذا العنصر البصري أضحت له مكانة مهمّة في الآونة الأخيرة، بحكم التحوّلات التقنية والجمالية، التي رافقت الشاشة الصغيرة منذ تسعينيات القرن العشرين.
ولأنّ التلفزيون في العالم العربي، لم يستطع استيعاب هذه التحوّلات البصريّة، التي تجعله يعيش "سلفية وسائطية"، فإنّ الأمر، يبدو مُربكاً للكثير من المحطّات المشغولة بمضامين المسلسل وقصصه وحكاياته، على حساب العناصر الجمالية الخارجة عن العمل الدرامي. وعلى الرغم من الطفرات التكنولوجية في عالم الصورة المُتلفزة، فإنّ هذه المؤسّسات، لم تستطع بلورة هذه المُستجدات التقنية وتكييفها مع طبيعة منتجها البصريّ من أجل تجديده، وجعله في قلب الوسائط البصريّة، بما يمكّنه من تحديث بصريّ وتوليف جماليّ، كما هو الشأن في التلفزيون الأميركيّ، الذي يحتل فيه البوستر مكانة كبيرة في نسيج صناعته الفنية.
بوسترات الأعمال الدرامية، التي تمّ الكشف عنها في الأيام القليلة الماضية، تُعرّي هذا الجرح الغائر في جسد الشاشة الصغيرة بالعالم العربي، إذ رغم مظاهر الحداثة التقنية المُتبدّية على وسائل الإنتاج داخل هذه التلفزيونات، فإنّ العجز الإبداعي يجعل من هذه البوسترات وكأنّها كرنفال بصريّ مُضحك، أو صورة تجريدية صماء، مع أنّ شخصياتها أكثر واقعية ومرارة وسخرية من العمل ككلّ.
يعتبر الكثير من الناس أنّ البوستر، ليس مهمّاً لدرجة تجعل من المخرج ينسى مادته الدرامية للوقوف عن كثب عند صورة تُتّخذ في غالب الأحيان، فقط كوسيلة للإشهار والدعاية للمسلسل الدرامي، وبالتالي، فهو في نظرهم، لا يلعب دوراً كبيراً في صناعة العمل الدرامي ونحت مفاهيمه وحكاياته في وجدان المُشاهد العربي.
في كثير من المرّات نصطدم ببوسترات مُتعدّدة لعمل دراميّ واحد، وكأنّنا في سيرك مُتلوّن من الشخصيات الأيقونية