ملامح من المعركة الرئاسية الأميركية على الإنترنت

07 يونيو 2023
أطلق ديسانتيس حملته الانتخابية على "تويتر" (بيتر زاي/الأناضول)
+ الخط -

ربما لم تنطلق الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية بكامل قوتها بعد، لكن يمكن توقع ما سيكون شكلها على شبكة الإنترنت، وذلك بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي والملياردير المثير للجدل إيلون ماسك.

الأسبوع الماضي، انتشر بكثافة فيديو استخدمت فيه تقنية التزييف العميق (deep fake) لوضع وجه وصوت رون ديسانتيس، منافس دونالد ترامب الجمهوري إلى انتخابات الرئاسة، على شخصية "مايكل سكوت" من المسلسل الشهير "ذي أوفيس". وحصل ذلك بالاستعانة بتغريدة أطلقها دونالد ترامب جونيور. هذا الفيديو الذي نشر أولاً على حساب C3PMeme المؤيد لترامب، والذي يحظى بمتابعة أكثر من 50 ألف شخص على "تويتر"، أثار الانتباه إلى مدى تطور هذه التقنية التي جعلته قابلاً للتصديق على نحو مبهر، وعكست الوتيرة المذهلة التي تتقدم بها القدرات الفنية للمؤثرين السياسيين المجهولين عبر شبكة الإنترنت. وما حصل إلى الآن من استغلال لهذه التقنية لا ينحصر بالفيديو المفبرك لديسانتيس. إذ انتشر قبل فترة فيديو مفبرك للرئيس الحالي جو بايدن، يهاجم فيه العابرين جنسياً.

والسياسات التي يعتمدها مالك "تويتر" إيلون ماسك تجعل هذه المسألة أكثر إرباكاً، لأنها تسمح بانتشارها على نطاق أوسع على المنصة التي باتت تخضع لإشراف أقل من السابق، وفق ما لفتت إليه صحيفة بوليتيكو الأميركية، في تقرير حاولت من خلاله استشراف المنحى الذي ستتخذه الحملات الرئاسية على شبكات التواصل الاجتماعي.

قبل استحواذ ماسك على "تويتر" مقابل 44 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت علامة التوثيق الزرقاء تُعتمد لإضفاء مصداقية على الحسابات التي تحملها وأصحابها. تحت إشراف ماسك، أصبحت هذه العلامة متاحة لمن يدفع اشتراكاً شهرياً، ما يعني أن حسابات مثل C3PMeme المستعدة لدفع 8 دولارات شهرياً ستهيمن على المشهد العامّ، رغم المحتوى المضلل الذي تنشره.

وهناك الحملات الانتخابية نفسها التي تعكس البيئة الرقمية المرتقبة عام 2024. ديسانتيس مثلاً اختار منصة تويتر لإطلاق حملته الرئاسية عليها. وعلى الرغم من الأخطاء التقنية التي رافقت هذا الحدث، فإن مستوى التجاوب الذي حصل عليه إن كان سلبياً أو إيجابياً، لا يمكن تجاهله. درجت العادة على أن يخوض الرؤساء الحاليون الساعون لإعادة انتخابهم (باستثناء ترامب) من فوق، أي الامتناع عن التعليق على المنافسين المحتملين في الانتخابات التمهيدية للطرف الآخر. ولكن هذه لم تعد القاعدة. جو بايدن مثلاً علّق على الإخفاقات التقنية التي رافقت إطلاق حملة ديسانتيس بمشاركة رابط عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب: "هذا الرابط يعمل". الرابط كان يوجه مَن ينقرون عليه إلى تجميع تبرعات لتمويل جهود إعادة انتخاب بايدن.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

اختار حاكم فلوريدا "تويتر" لأول إطلالة له مرشحاً للحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية، وظهر في مقابلة مباشرة مع مالك المنصة إيلون ماسك في غرفة للدردشة الصوتية. لكن البث الذي تابعه مئات الآلاف من الأشخاص لم يبدأ إلا بعد 20 دقيقة من تشوش الصوت وتقطعه، ما أثار الكثير من التعليقات والسخرية.

لسنوات حذر مهندسو الكمبيوتر وعلماء السياسة الملمون بالتكنولوجيا من أن أدوات الذكاء الاصطناعي الرخيصة والمتطورة ستسمح لأي شخص بإنشاء صور وفيديوهات وتسجيلات صوتية مزيفة إنما واقعية بما يكفي لخداع الناخبين، وربما التأثير على الانتخابات. غالباً ما كانت الصور المفبركة غير مقنعة ومكلفة لصنعها، لا سيما أن طرقاً أخرى لنشر المعلومات المضللة كانت غير مكلفة للغاية ويسهل نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان الخطر الذي يشكله "التزييف العميق" يبدو بعيداً. لكن الحال اختلف الآن، بفضل التطور الفائق السرعة الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والإقبال الكبير عليها وإمكانية استخدامه من قبل أي شخص من دون أي مقابل مالي.

وكشف خبراء الذكاء الاصطناعي عن عدد من السيناريوهات المقلقة التي قد تستخدم فيها هذه التقنية لإنشاء وسائط هدفها إرباك الناخبين، أو التشهير بمرشح، أو حتى التحريض على العنف: رسائل آلية بصوت مرشح ما لإرشاد الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم في التاريخ الخطأ، أو تسجيلات صوتية لمرشح ما يعترف فيها بارتكابه جريمة أو يعبر عن آراء عنصرية، أو لقطات فيديو تظهر شخصاً يلقي خطاباً أو يجري مقابلة لم تحصل إطلاقاً، أو صوراً مزيفة مصممة لتبدو وكأنها تقارير إخبارية محلية تدعي كذباً انسحاب مرشح من السباق.

المساهمون