مقابلة الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري الصادمة مع الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل قسمت العالم يوم الإثنين، وهزت العائلة المالكة البريطانية التي تصارع لمواكبة العصر وسط اتهامها بالعنصرية وإبداء قسوة إزاء امرأة تراودها أفكار بالانتحار.
ووصل عدد من شاهدوا المقابلة إلى ما يقدر بنحو 17.1 مليوناً في الولايات المتحدة وحدها يوم الأحد، وفقاً لإحصاءات أولية لشركة المعلومات وقياس السوق الأميركية "نيلسن". وقال محرر شؤون العائلة المالكة في "آي تي في" إن أكثر من 12 مليوناً في بريطانيا شاهدوا بث المقابلة الليلة الماضية، بعد ليلة من بثها في الولايات المتحدة.
حاورت وينفري هاري وماركل بعد مرور عام على تخليهما عن مسؤولياتهما الملكية ومغادرتهما إلى كاليفورنيا، وتطرقا إلى العنصرية والخلل الوظيفي داخل العائلة الملكية البريطانية، في عرض خاص لمدة ساعتين على شبكة "سي بي إس" التي بثته بعد البرنامج الإخباري الشهير "60 دقيقة".
وصل عدد من شاهدوا المقابلة إلى نحو 17.1 مليوناً في الولايات المتحدة الأحد، وتجاوز الـ12 مليوناً في بريطانيا الإثنين
وفي حقبة يعد فيها الأشخاص جداول تلفزيونية خاصة بهم، أصبح الوصول إلى هذا النوع من الجماهير على الهواء مباشرة أمراً غير معتاد، ما لم يكن حدثاً رياضياً كبيراً، مما دفع كثيرين إلى القول إن هذه المقابلة أعادت للتلفزيون بعضاً من مجده القديم.
ولم يرد قصر باكينغهام بعد على المقابلة التي وصفت فيها ميغان ماركل، يوم الأحد، شعورها بالعزلة والبؤس داخل العائلة الملكية، لدرجة أنها فكرت في الانتحار، وقالت إن أحد أفراد العائلة كان لديه "مخاوف" بشأن لون بشرة طفلها قبل ولادته.
وفي حين لم يذكر الأمير هاري اسم عضو العائلة الملكية الذي أدلى بتعليقات حول لون بشرة نجله، فقد تحدث عمن "لم يخض في هذا الأمر". وقالت وينفري، التي ظهرت في برنامج "سي بي إس هذا الصباح" يوم الإثنين، إن هاري لم يخبرها بأن جدته الملكة إليزابيث الثانية وجده الأمير فيليب شاركا في المحادثات حول لون بشرة آرتشي. وأضافت "لم يعلن هاري عن هويته، لكنه أراد التأكد ما إذا كنت أعلم، وإذا أتيحت لي الفرصة للإعلان، أن أقول إن جدته وجده لم يكونا جزءاً من تلك المحادثات".
أوبرا وينفري: الملكة إليزابيث والأمير فيليب لم يشاركا في المحادثات حول لون بشرة آرتشي
وامتنع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، اليوم الثلاثاء، عن التعليق لدى سؤاله عن رأيه في المقابلة، لدى مغادرته مركز تطعيم في لندن. وتوقف الأمير تشارلز، ونظر إلى أعلى، ثم استدار ومشى. وقال مصدر ملكي، لوكالة "رويترز"، إن الملكة إليزابيث تريد بعض الوقت قبل أن يصدر القصر رداً.
لكن توماس ماركل، والد ميغان، صرح اليوم الثلاثاء أنه لا يعتقد أن العائلة المالكة عنصرية، مشيراً إلى أن الملاحظة المزعومة من أحد أفراد العائلة ربما كانت مجرد "سؤال غبي". وقال لقناة "آي تي في": "أكن كل الاحترام للعائلة الملكية، ولا أعتقد أنها عنصرية إطلاقاً".
وماركل وابنته على خلاف منذ زواجها من الأمير هاري في 2018. وكان قد أعلن أنه لن يحضر حفل الزفاف قبل موعده، وأجريت له جراحة في القلب. وقال إن ابنته خذلته عندما كان مريضاً.
وتفاعلت شخصيات سياسية ومسؤولون حول العالم مع المقابلة المفاجئة، إذ أشاد البيت الأبيض، يوم الإثنين، بـ"شجاعة" الأمير هاري وزوجته ميغان. وقالت المتحدثة باسم الإدارة الأميركية، جين ساكي، إن "التحدث عن المعارك الشخصية بشأن مسائل الصحة العقلية ورواية قصص شخصية يتطلبان شجاعةً". وأشارت إلى أن هاري وزوجته أصبحا حالياً "مواطنَين عاديَين"، مضيفةً "لن نعطي أي تعليقات أخرى باسم الرئيس".
أشاد البيت الأبيض بـ"شجاعة" هاري وميغان، علماً أنهما انتقلا إلى الولايات المتحدة الربيع الماضي
من غانا، قالت الصحافية ديفينيا كودجو، لوكالة "أسوشييتد برس" بنسختها الإنكليزية، إن سماع أن أحد أفراد العائلة الملكية شعر بالقلق بشأن لون بشرة طفل لم يولد بعد "إهانة لشعوب دول الكومنولث". وقالت الصحافية في مدينة كراتشي الباكستانية، أسماء سلطان، إن المقابلة "ستشوه صورة العائلة الملكية".
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون رفض التعليق على المقابلة، مشيداً بالملكة، لكنه قال إنه "عندما تتعلق المسألة بالعائلة الملكية، فلا يمكن أن يدلي رئيس وزراء بتصريح مناسب".
وقال رئيس الوزراء الأسترالي السابق، مالكوم تورنبول، إن المقابلة عززت حجته بقطع أستراليا لعلاقاتها الدستورية مع النظام الملكي البريطاني. التقى تورنبول بالزوجين في إبريل/نيسان عام 2018 ، قبل أربعة أشهر من استبداله برئيس الوزراء الحالي سكوت موريسون، في صراع داخلي على السلطة داخل الحكومة المحافظة.
قال رئيس الوزراء الأسترالي السابق مالكوم تورنبول إن المقابلة عززت حجته بقطع أستراليا علاقاتها الدستورية مع النظام الملكي البريطاني
كما التقطت وسائل الإعلام الحكومية الصينية المقابلة، ونشرت الأخبار عنها في النسخة الدولية من الصحيفة الرئيسية للحزب الشيوعي الحاكم "بيبولز ديلي"، ونوقشت على نطاق واسع على منصة "ويبو".
أما وسائل الإعلام البريطانية التي طاولتها انتقادات ميغان وهاري فرأت أن المقابلة سيكون لها وقع صاعق على العائلة الملكية. وكتبت "ذا تايمز" أن "ما حصل أسوأ من أي توقع كان لدى العائلة الملكية من هذه المقابلة". أما "ديلي تيليغراف" فاعتبرت أنه من غير المجدي للعائلة الملكية "الاختباء وراء الكنبة" وتجاهل الزوجين، قائلة إن الأسرة كانت تحتاج إلى "سترة واقية من الرصاص" للحماية من المقابلة التي شهدت إطلاق "ما يكفي من القذائف لإغراق أسطول".
واختارت قناة "آي تي في" استخدام توصيف عسكري لما حصل خلال المقابلة، وقالت إن "الزوجان شحنا قاذفة قذائف (بي-52)، وسيّراها فوق قصر باكينغهام، وأفرغا ترسانتها فوقه". أما "بي بي سي" فاعتبرت أن هذه المقابلة "المدمرة" تكشف "الضغوط الرهيبة داخل القصر" وترسم "صورة أفراد لا مبالين ضائعين داخل مؤسسة" تشاركهم اللامبالاة نفسها.
وشددت صحيفة "ديلي ميرور" على "الحزن العميق" للأمير تشارلز والد هاري وشقيقه الأكبر ويليام، فيما نددت "ديلي إكسبرس" بما اعتبرته "حديثاً متلفزاً مع أوبرا يخدم المصالح الخاصة" لهاري وميغان المقيمين في الولايات المتحدة منذ انسحابهما من العائلة الملكية الربيع الفائت.