معهد رويترز: العالم يريد تجنب الأخبار أكثر فأكثر

20 يونيو 2024
ينبه التقرير إلى دور الشباب في نقل مجريات العدوان الإسرائيلي على غزة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تقرير معهد رويترز يكشف زيادة نسبة الأشخاص الذين يتجنبون الأخبار عالميًا من 29% إلى 39% بسبب الإحباط والإزعاج، مع تأثير الأحداث مثل الحرب في أوكرانيا والعدوان على غزة.
- منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت تصبح المصادر الرئيسية للأخبار، خاصة بين الشباب، مع بروز "تيك توك" كمصدر جديد للأخبار، مما يعكس تحولًا نحو محتوى الفيديو القصير.
- التقرير يناقش استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، مع تحفظ على استخدامه في التقارير المعقدة لكن قبولًا أكبر لمهام مثل النسخ والترجمة، مشيرًا إلى فرص التكيف مع التغيرات في الإعلام الرقمي.

يتجنب المزيد من الأشخاص الاطلاع على الأخبار، ويصفونها بأنها محبطة ومزعجة ومملة. وقال ما يقرب من أربعة من كل 10 أشخاص (39%) في أنحاء العالم كافة إنهم يتجنبون الأخبار أحياناً أو في كثير من الأحيان، مقارنة بـ 29% عام 2017. الحرب في أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ربما ساهما في رغبة الأشخاص في تجنب الأخبار الذي وصل الآن إلى مستويات عالية قياسية. هذه بعض الخلاصات التي سلّط تقرير الأخبار الرقمية لعام 2024 الصادر عن معهد رويترز التابع لجامعة أكسفورد الضوء عليها.

الأخبار الرقمية لعام 2024

من أجل تقرير الأخبار الرقمية لهذا العام، استطلعت شركة يوغوف (YouGov) آراء 94,943 شخصاً بالغاً من 47 دولة في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الماضيين. وما كشفه تقرير معهد رويترز عن تجنب الاطلاع على الأخبار يأتي بينما يستعد مليارات الأشخاص حول العالم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الوطنية والإقليمية، وهي عادة، الأحداث التي تعزز مشاهدة الأخبار أو الاستماع إليها. وفي حين أثارت الانتخابات اهتماماً في الاطلاع على الأخبار في بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، إلا أن المسار العام لا يزال في انحدار، وفقاً للتقرير.

على الصعيد العالمي، أعرب 46% فقط من الأشخاص عن اهتمامهم "الكبير" أو "الشديد" بالأخبار، مقارنة بـ63% عام 2017. وفي المملكة المتحدة، انخفض الاهتمام بالأخبار إلى النصف تقريباً منذ عام 2015. وسلط التقرير الضوء أيضاً على التفاوتات الديمغرافية في تأثير الأخبار، إذ من المرجح أن النساء والشباب كانوا أكثر عرضة للإحساس بالإرهاق من الأخبار. ولا تزال الثقة في الأخبار مستقرة نسبياً عند 40%، مع العلم أنها لا تزال أقل بنسبة 4% مما كانت عليه خلال ذروة جائحة كوفيد-19.

وفي المملكة المتحدة، عادت الثقة بالأخبار بشكل طفيف لتصل إلى 36% هذا العام، بيد أنّها تبقى أقل بكثير من مستويات ما قبل خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. لا تزال هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) القناة الإخبارية الأكثر ثقة في المملكة المتحدة، تليها القناة الرابعة وقناة آي تي في. لكن ذلك لا ينفي أنّ مصادر الأخبار التقليدية مثل التلفزيون والمطبوعات تضاءلت شعبيتها بشكل كبير خلال العقد الماضي.

هجرة الإعلام التقليدي نحو منصات التواصل الاجتماعي

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت هي مصادر الأخبار المفضلة، خاصة بين الأشخاص الأصغر سناً. في المملكة المتحدة على سبيل المثال، يستقي 73% من الأشخاص أخبارهم من شبكة الإنترنت، مقارنة بـ50% من التلفزيون و14% فقط من المطبوعات.

ومن بين منصات التواصل الاجتماعي، يبقى "فيسبوك"، المملوك لشركة ميتا، المصدر الرئيسي للأخبار، على الرغم من تراجع شعبيته. ولا يزال "يوتيوب" (تابع لشركة غوغل) و"واتساب" (تملكه شركة ميتا) مصدرين مهمين لمتابعة الأخبار، في حين تقدم "تيك توك" (مملوك لشركة بايتدانس الصينية) متجاوزا منصة إكس (تويتر سابقاً) مصدرا للأخبار، للمرة الأولى، إذ يستخدم 13% من الأشخاص الآن تطبيق تيك توك للحصول على الأخبار، ويرتفع هذا الرقم إلى 23% بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً على مستوى العالم.

ووجد التقرير أن هذه التغييرات تعكس تحولًا متزايداً نحو محتوى الفيديو بما هي وسيلة إخبارية أساسية، خاصة بين الأصغر سناً. وبالفعل، اكتسبت مقاطع الفيديو الإخبارية القصيرة، على وجه الخصوص، أعداداً كبيرة. مع تطور منصات وسائل التواصل الاجتماعي، تستمر الطريقة التي يستهلك بها الناس الأخبار في التحول، مما يسلط الضوء على الطبيعة الديناميكية لنشر المعلومات في العصر الرقمي. ووفقًا للتقرير، فإن مقاطع الفيديو الإخبارية القصيرة هي الأكثر جاذبية.

ماذا عن الذكاء الاصطناعي؟

ووجد التقرير شكوكاً عامة واسعة النطاق حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في إعداد التقارير، وخاصة بالنسبة للقصص الإخبارية المعقدة التي تتناول الحروب أو القضايا السياسية. ونوّه إلى توفّر المزيد من الراحة مع استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام التي تجري خلف الكواليس مثل النسخ والترجمة، وفي دعم الصحافيين في جوانب تقنية وإدارية.

يذكر أن معهد رويترز لدراسة الصحافة توقع أن يجتاح الذكاء الاصطناعي الفضاء الإعلامي في 2024، مرجّحاً أن يؤثر ذلك على موثوقية المعلومات، وكذلك على استقرار وسائل الإعلام التقليدية، داعياً الصحافيين والمؤسسات الإخبارية إلى إعادة التفكير بأدوارهم وأهدافهم. وكان المعهد البريطاني قد نشر، في يناير/ كانون الثاني الماضي، تقريره السنوي عن تصوراته حول اتجاهات الصحافة في العام الجديد، معتمداً على استطلاع آراء 300 من رؤساء تحرير ومدراء تنفيذيين ومحررين في مؤسسات إعلامية في 50 دولة حول العالم. وعلى الرغم من المخاوف التي أبداها معدّو التقرير من التبعات السلبية للاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، فإنّهم رأوا أنّ التغيرات الطارئة على عالم الصحافة تحمل فرصاً تساعد المؤسسات الإعلامية والصحافيين على التكيّف مع العالم الجديد.

عين على فلسطين

ولفت التقرير إلى أن الشباب تنبهوا إلى الفراغ الذي تركه غياب المؤسسات الإعلامية عن تغطية بعض الأحداث الراهنة، مثل العدوان على غزة والأحداث في اليمن، فـ"وثقوا الواقع الوحشي على الأرض". وأشار معدو التقرير إلى أنه من الصعب قياس مستوى تأثير هذا النوع من المقاطع، لأنها تنشر من حسابات مختلفة ومعظمها ينشره مستخدمون عاديون، لكن لا يمكن تجاهل بعض الحسابات التي توثق بنفسها أو تنشر مقاطع التقطها آخرون، وبين الحسابات التي ذكرها التقرير حساب "عين على فلسطين" Eye on Palestine على منصة إنستغرام الذي تبين أنه متابع في الكثير من الدول. كما ذكر التقرير أن حساب WarMonitor الذي أوصت بمتابعته شخصيات بارزة، بينها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، اكتسب زخماً كبيراً واستقطب مئات آلاف المتابعين الجدد خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ينقل Eye on Palestine صوراً وفيديوهات ومقابلات من غزة وكافة الأراضي الفلسطينية، ويسلط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي على "إنستغرام"، حيث يتابعه نحو 7 ملايين حساب، ويعدّ من أكثر الحسابات الإخبارية الفلسطينية متابعة على هذه المنصة. في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أغلق الحساب ليومين، ثم استأنف نشاطه

وفي تعليق على نتائج التقرير، قال المعد الرئيسي له نيك نيومان، لـ"بي بي سي نيوز": "من الواضح أن الأجندة الإخبارية كانت صعبة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة... لقد شهدنا الوباء والحروب، لذلك يعد الابتعاد عن الأخبار رد فعل طبيعيا للناس، سواء كان ذلك لحماية صحتهم العقلية أو مجرد الرغبة في الاستمرار في ممارسة حياتهم العادية".

المساهمون