استمع إلى الملخص
- طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية يواجهون تحديات بسبب حرمانهم من مشروعات التخرج والتغييرات السلبية بالمعهد منذ 2011، مثل فقدان الكوادر العلمية والاعتماد على أساتذة غير مؤهلين.
- إدارة المعهد تحت قيادة تامر العربيد تُظهر تفضيلًا لقسم التمثيل وتتخذ قرارات تعسفية ضد الطلاب، مما يقوض البيئة الأكاديمية والإبداعية ويعكس التحديات الواسعة التي يواجهها المشهد المسرحي.
لا يزال المشهد المسرحي السوري مقتصراً على بضعة عروض في العام الواحد، محدودة الإنتاج وتحتكرها مؤسسات رسمية، فقطاع المسرح محصور ضمن نطاق المؤسسة العامة، مع استثناءات قليلة للغاية. وتأثّر هذا المشهد بسنوات الصراع والحرب، إضافة إلى الشتات والهجرة التي جعلت مشهداً مسرحياً سورياً يعمل بكثافة في الشتات، خصوصاً مع ما يقابله في سورية نفسها، حيث الأعمال مصمّمة ضمن نظام القوانين والرقابة.
في ظل هذه الظروف، يمثّل تخرج طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية كل عام بعرض التخرج الخاص بهم، مجالاً لإنعاش المشهد المسرحي، وتقديم عرض أكاديمي يمثل فرصة لهؤلاء الطلاب لتجربة خبراتهم الأكاديمية، وما اكتسبوه خلال أربع سنوات برفقة زملائهم من باقي الأقسام، وأستاذ مشرف. إلا أن طلاب السنة الرابعة هذا العام تخرجوا في 12 يونيو/حزيران الحالي عبر منشورات على "فيسبوك"، يشكرون بها أساتذتهم والسنوات التي قضوها في المعهد، محرومين من مشروع تخرج يعتبر بداية مسيرتهم الاحترافية، ونموذجاً يستطيعون من خلاله تقديم خبراتهم للأعمال المقبلة.
بكل بساطة وسلطوية فردية، تقرّر حرمان مجموعة من الطلاب من استثمار جهودهم، وكأنه قِصاص جماعي ضمن مؤسسة عقابية لا تؤمن بحقوق أفرادها. ولكن هذا ليس بالحدث الجديد أو الجلل، فالمعهد العالي للفنون المسرحية شهد عديداً من المتغيرات بعد عام 2011، حتى أصبح اليوم أشبه بمؤسسة خاصة يديرها عميده تامر العربيد، الذي كان من المفروض أن تنتهي مدة عمادته هذا العام، ولكنها جُدّدت.
خسر المعهد أغلب كوادره العلمية بعد الثورة، وبقي عدد قليل من الأساتذة الذين يجاهدون لتقديم كل ما لديهم للطلاب، بالرغم من أن الراتب بالكاد يؤمّن أجور مواصلاتهم إلى المعهد. يستعين المعهد بكوادر جديدة أغلبها غير مؤهلة للتدريس، لكن نظراً إلى شح الخبرات والموارد، كان هؤلاء هم الحل.
يشهد المعهد كذلك كثيراً من الخلافات؛ أولاً على شكل إدارة تامر العربيد الذي يحاول تغيير أنظمة المعهد وشكل العمل فيه، فمنع طلاب الأقسام الأربعة من العمل معاً كما اعتادوا، وفضّل قسم التمثيل وخصّص له أغلب القاعات والخبرات على حساب الأقسام الأخرى التي لا تأخذ أي حيز من الاهتمام. ليس هذا جديداً على ولاية تامر العربيد الأمنية. فعام 2014، فُصل سبعة طلاب من قسم الدراسات تعسفياً بحجة التغيب عن الحضور، وكذلك عدد من طلاب التمثيل، وبات المعهد متعلق بالدوام والواسطات أكثر من كونه مكاناً أكاديمياً. وعام 2017 حُرمت دفعة طلاب تمثيل مؤلفة من 32 طالباً وطالبة من مشروع تخرجهم، ولكن لم ينتشر الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي، بعكس ما حدث هذه المرة، فكثيرون يشبهون عمادة تامر العربيد بالقبضة الأمنية، فهو جلب معارفه إلى المعهد.
وبالنسبة لقرار الحرمان هذا العام، اعترض طلاب دفعة التمثيل في السنة الرابعة على الأستاذ المشرف، وهو الممثل كفاح الخوص، الذي يشرف عادة على عروض طلاب المعهد، فهم شعروا كما جاءت التصريحات بظلم في النص المختار، وتفضيل لشخصية على حساب أخرى، كذلك لم يرتاحوا لأسلوب الخوض في التعامل معهم، وتوجه الطلاب بطلب للوزارة في النظر بتغيير الأستاذ المشرف، لتجتمع معهم الوزيرة لبانة مشوح برفقة العربيد، ويقدّم لهم الأخير محاضرة تأديبية، نتيجتها أن ما قاموا به هو تمرد ضد سلطة المعهد، وعليهم تحمل عواقبه.
يذكر أيضاً أن دفعة التمثيل هذا العام تضمّ طلاباً كانوا قد فصلوا من المعهد سابقاً، وعادوا ليستكملوا تعليمهم باستثناء أصدرته الوزيرة، وهذا كان فوق صلاحيات العميد. وأجرت جهات إعلامية عدة حواراً مع العربيد، ليوضح لصحيفة الوطن أن "المعهد مؤسسة أكاديمية إبداعية، وليست ساحة للسجالات على فيسبوك، وما يشاع بعيد عن الواقع والحقيقة".
وهذا ليس جديداً على أسلوب العميد، فسبق وأن حاسب طلاب بسبب منشوراتهم على "فيسبوك"، وما أثار استياءه هذه المرة هو انتشار الخبر ما مثل فضيحة. في معهد تطغى عليه السلطة الأمنية أكثر من الأكاديمية، لا مجال لانتصار قضية الطلاب في وجه النظام والسلطة. حُرم طلاب الرابعة من مشروع تخرّجهم، ولا يزال العربيد عميداً يستخدم المعهد لإقامة احتفالاته ومشاريعه الخاصة كملتقى الإبداع، تاركاً جهد وتعب أربع سنوات يضيع من دون ناتج.