معرض عن شامبليون في فرنسا يعيد لقدامى المصريين "صوتهم"

26 سبتمبر 2022
يضمّ المعرض 350 قطعةً تسمح بالغوص في عالم شامبليون (سمير الدومي/فرانس برس)
+ الخط -

عندما فكّ رموز الكتابة الهيروغليفية، التي كانت مهملة منذ 1500 سنة، سلّط شامبليون الضوء على ثلاثة آلاف سنة من حضارة مصرية محاطة بهالة كبيرة في الغرب. اليوم، يستعيد معرض في متحف لوفر-لنس في شمال فرنسا هذه المغامرة الإنسانية والفكرية الرائعة.

وينطلق معرض "شامبليون طريق الهيروغليف"، يوم الأربعاء المقبل، بعد 200 عام على فك جان فرنسوا شامبليون لغز الكتابة الهيروغليفية، ممّا شكّل "نقطة تحوّل فعليّة في العلوم الإنسانية"، بحسب ما تؤكّده إيلين بويون، أحد مفوضي هذا المعرض.

ويضع المعرض نابغة اللغات هذا في إطاره التاريخي من خلال أكثر من 350 عملاً، ممّا يسمح بالغوص في آن واحد بالعصور المصرية القديمة، وأيضاً في حقبة شامبليون الذي ولد في "عصر الأنوار" في العام 1790 في خضم الثورة الفرنسية، في كنف عائلة مثقفة لكنّها متواضعة الحال.

وتقول مديرة متحف لوفر- لنس، ماري لافاندييه: "إنّه معرضُ تاريخٍ، تاريخ المتاحف، تاريخ العلوم وهو قصة سيرة أيضاً"، يلقي الضوء على "هذا الحيز المهم من تاريخ البشرية" الذي تحويه الحروف الهيروغليفية.

وتضيف: "تشكّل مصر القديمة أحد أسس ذاكرة البشرية"، وتستمر في إثارة الحلم "من خلال الجمال وغنى الأساطير فضلاً عن الأشياء المحفوظة بشكل رائع"، ورحّبت باستضافة المتحف "هذا المعرض الرئيسي" في الذكرى المئوية الثانية.

نسخ عن حجر الرشيد

من القطع الرئيسية في المعرض، منحوتة "الكاتب الجاثم" الذي يراقب العالم بنظراته الثاقبة منذ العام 2500 قبل الميلاد.

يُضاف إلى ذلك غطاء ناووس من القرن الرابع قبل الميلاد، خطّ عليه نص طويل بالأحرف الهيروغليفية وورقة بردي لم يسبق أن عُرضت تضم صلاة للإله آمون رع وتحذيرات لكاتب مشتّت الذهن ووصل تسليم جلود إلى إسكافي.

في المقابل، بقي حجر الرشيد الذي اكتُشف خلال حملة بونابرت في مصر واستولى عليه الإنكليز لاحقاً في المتحف البريطاني في لندن، والذي سيطلق معرضاً في 13 أكتوبر/ تشرين الأول لفك رموز الكتابة الهيروغليفية التي كان فهم كلماتها موضع سباق بين علماء تلك الفترة.

وكان شامبليون نفسه عمل على نسخ من حجر الرشيد الذي يضمّ ثلاث كتابات هي الهيروغليفية واليونانية والديموطيقية. ويتضمّن المعرض أيضاً نسخاً عن حجر الرشيد من تلك الفترة.

لغوي باهر

يلقي المعرض الضوء على المسار الذي سمح لشامبليون، بعدما تعمّق في درس اللغة القبطية، بفك لغز كتابة لغة توقف استخدامها قرابة القرن الرابع بعد الميلاد.

أدرك شامبليون أنّ هذه الكتابة تمزج بين الرسوم الفكرية والرسوم الصوتية، وكان "أوّل من اقترح مرادفاً لفظيّاً صحيحاً" لها، بحسب ما تقوله إيلين بويون.

وتشدّد على أنّ هذا الاكتشاف "أعاد للمصريين صوتهم، الذي كانت لدينا صورة مشوهة عنه عبر المصادر اليونانية والرومانية".

فقد نشر المؤرخ اليوناني هيرودوتس فكرة أنّ المصريين كانوا يفضّلون الموت على الحياة، إلّا أنّ "النصوص تظهر لنا أنّهم كانوا يكرهون الموت ويخشونه"، بحسب ما توضحه.

وتوفّر مخطوطات ورسائل وملابس من بينها معطف مصري ارتاده شامبليون خلال مهمته على امتداد النيل بين العامين 1828 و1830، فكرة عن عالم المصريات هذا خلال عمله.

وكان شامبليون لغويّاً بارعاً توفي في سن مبكرة العام 1832، وحرص على تبسيط عمله ليكون متاحاً لأكبر عددٍ من الناس.

في اللوفر، حيث كلّفه الملك شارل الخامس بمهمة وضع تصوّر لمتحف مصري، "أقام للمرّة الأولى قاعات مخصّصة لمواضيع معينة مثل الديانة والحياة اليومية وغيرها"، بحسب بويون.

يجدر ذكر أنّ المعرض يستمرّ حتّى 16 يناير/ كانون الثاني المقبل.

(فرانس برس)

المساهمون