استمع إلى الملخص
- اللوحات صورت الألم والمجاعة نتيجة إغلاق المعابر، حيث استخدمت الفنانات رموزاً فلسفية وبصرية للتعبير عن المعاناة، مثل رمزية القمر وصدمات اللحظات الأولى.
- المعرض هو نتاج ورشات رسم للشباب، بالتعاون مع جمعية إنقاذ المستقبل الشبابي وصندوق الأمم المتحدة للسكان، لتوفير مساحة للتعبير عن التجارب والآمال.
جسّد فنانون فلسطينيون تفاصيل الآثار الكارثية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وآمال الخلاص منه عبر لوحات تشكيلية عرضت، الثلاثاء، في معرض "لوحة الحياة، رؤى من غزة" الذي انعقد في مدينة دير البلح، وسط القطاع.
وتضمنت اللوحات التشكيلية التي غلبت عليها الألوان القاتمة ملامح الحياة اليومية للفلسطينيين في ظل المقتلة الإسرائيلية الجماعية والمستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إذ عكست طوابير الجوع وملامح الدمار والقصف التي سبّبتها الطائرات وآلة الحرب، كما جسدت آمال الفلسطينيين بانتهاء الحرب وعيش حياة أكثر أمناً وأماناً.
واجتمع 29 فناناً وفنانة فلسطينية شابة لتصوير الواقع الذي يعيشه ذووهم خلال العدوان وفق رؤاهم، وعبر كل فنان بالألوان عن مشاهدته لتفاصيل الأحداث الجارية بأسلوبه الخاص، إلا أن معظم اللوحات صبغت بملامح الألم ومشاهد الدم والدمار والخوف والدموع والقلق.
وضمّ المعرض لوحات تجسد طوابير الألم الخاصة بتعبئة مياه الشرب، والطوابير أمام المخابز للحصول على الخبز كذلك ملامح المجاعة التي سبّبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي جراء إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع والمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، فيما لم تغفل اللوحات التشكيلية عن تصوير ملامح الجرحى في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات التي يمنع الجانب الإسرائيلي دخولها ضمن حلقات التضييق على الشعب الفلسطيني في ظل حرب الإبادة.
وعبّرت الفنانة وداد الكحلوت عن المجاعة التي يعانيها أهالي قطاع غزة بطريقة فلسفية، وتقول في حديث مع "العربي الجديد" إن زيارة القمر تعتبر حلماً يراود الجميع، وقد استغلت ذلك الحلم لرسم قدر الطعام داخل القمر، في تشبيه لصعوبة الوصول إلى الطعام الذي تمتد إليه أيدي ثلاث فلسطينيات يلبسن الزي التراثي الفلسطيني.
أما الفنانة فداء عاشور فتصورت لوحتها صدمة اللحظة الأولى لانتشال الجرحى من تحت الأنقاض عبر فتى جريح خرج وقد بدت على ملامحه علامات الصدمة والذهول فيما اتشح بسواد الغبار، وتوضح أهمية الفنون التشكيلية البصرية في إيصال رسالة الشعوب المقهورة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمختلف أشكال الظلم.
ولم يغفل المشاركون في المعرض عن تصوير الأمل في الغد، حيث صورت الفنانة مريم كراز عبر لوحتها "بين ركام الحياة" جانب الألم المتمثل في البيوت المدمرة، وجانب الأمل الذي عبرت عنه من خلال الأشجار الخضراء، وشاركتها الفنانة حياة شقورة في الفكرة ذاتها، إذ عبرت في لوحة ثانية عن الأمل من خلال سنابل القمح التي تنبت من بين الركام وأعمدة الدخان الناتجة عن صواريخ الاحتلال.
وقالت مديرة جمعية سبارك للابتكار والإبداع، هيام الحايك، إن معرض "لوحة الحياة، رؤى من غزة" يضمّ 29 فناناً وفنانةً يفتحون قلوبهم وأرواحهم من خلال لوحات تعكس رؤاهم وأحلامهم، ويعكس مجريات الأحداث في قطاع غزة في ظل الحرب عبر فرشاة الفنانين وألوانهم، حيث عبروا عن الواقع برؤى جديدة وتطلعات لمستقبل أكثر أمناً.
وبيّنت الحايك في حديث مع "العربي الجديد" أن المعرض نتاج مجموعة من ورشات الرسم التي استهدفت الفئات الشابة من الجنسين، لافتاً إلى أن المشروع ينقسم إلى جزئين، نفّذ الجزء الأول في شمال قطاع غزة، بينما يتم تنفيذ الجزء الثاني في المحافظات الجنوبية.
كذلك، تضمن المشروع أنشطة الكتابة الإبداعية لـ18 فتاة تحدثن عن قصصهن وتجاربهن الصعبة التي مررن بها من مشاهد للموت والجوع والدمار، وسيتم إعداد تلك القصص ضمن كتيب لنشره باللغتين العربية والإنجليزية.
وأشارت أن المبادرة أتت بالتعاون مع جمعية إنقاذ المستقبل الشبابي وبالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وتنفذ في الوقت الذي يتعطش فيه الشباب للأنشطة الإيجابية وسط الكم الكبير من الألم الذي يعيشه أهالي قطاع غزة منذ بدء العدوان. أضافت: "مللنا من مشهد الحرب والدماء والدمار، فيما نسي الشباب جامعاتهم وأنشطتهم الإبداعية، وكان لزاماً علينا إيجاد مساحة لتمكينهم من خلق أجواء جيدة وسط الألم".
ورأت الحايك أن المعرض يعتبر نقطة مضيئة في مسار التعافي النفسي والاجتماعي للشباب، فيما يفتح أمامهم نوافذ جديدة وتوفير فرص لسرد حكاياتهم وقصصهم عبر الفنون البصرية والكتابة الإبداعية التي تمكنهم من التواصل مع العالم المحيط، إضافةً إلى إشعارهم بأن أصواتهم وتجاربهم مسموعة.