مصممو الأزياء اليابانيون يحلمون بالسير على خطى كينزو ومياكي

23 أكتوبر 2022
رحل كينزو تاكادا في أكتوبر 2020 (جويل ساجيه/فرانس برس)
+ الخط -

وسط صمت يخرقه صوت المقصات وآلات الخياطة، يحلم طلاب معهد بونكا للأزياء في طوكيو بعالم الموضة الباريسي وبشهرة عالمية، على غرار ما حققه أسلافهم الكبار الذين تقدّم بهم العمر أو وافتهم المنية، كإيسي مياكي وكينزو تاكادا وهانا موري.

وكانت وفاة كينزو تاكادا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ثم وفاة إيسي مياكي في أغسطس/آب الماضي إيذاناً بنهاية حقبة، بعد الثورة التي أحدثها مصممو الأزياء اليابانيون في سبعينيات القرن العشرين وثمانيناته في فرنسا والعالم.

ويدفع الإرث الذي تركه هؤلاء إلى توقع الكثير من الجيل الجديد من المصممين، على غرار خرّيج معهد بونكا، تاكويا موريكاوا، البالغ 40 عاماً، والذي عرضت تصاميمه الأنيقة المستوحاة من أزياء الشارع على منصات العرض الباريسية للمرة الأولى قبل عامين.

وقبل أن يطلق موريكاوا علامته التجارية "تاك" (TAAKK) عام 2013 ، أمضى ثماني سنوات في استديو إيسي مياكي، حيث عمل على ماركة "بليتس بليز" (Pleats Please) الشهيرة وعلى استكشاف الأساليب الحرفية التقليدية.

تأثر موريكاوا بوفاة معلمه، لكنه قال: "علينا أن نبذل قصارى جهدنا لئلا يكون لوفاة هؤلاء المصممين أثر على عالم الموضة. فحصول ذلك سيعني أننا نقوم بعملنا بشكل سيئ".

ومن الذين انتقلت إليهم شعلة الموضة اليابانية أيضاً المصمم نيغو، واسمه الحقيقي تومواكي ماغاو، الذي برز في التسعينيات من خلال ماركة أزياء الشارع "إيه باثينغ إيب" (A Bathing Ape). وهو أيضا خريج بونكا، وقد عيّن مديرا فنيا لدار "كينزو" العام الفائت.

أما "ساكاي"، وهي ماركة أزياء يابانية أخرى ناجحة عالمياً، فتأسست عام 1999 على يد المصمم شيتوز آبي، الذي كان أبرز مع تعاون معهم مصمم الأزياء الفرنسي جان بول غوتييه.

المنافسة تجارياً

انطلق كينزو وإيسي مياكي لغزو العالم من باريس، تماماً كما فعلت رائدة الأزياء الراقية اليابانية هانا موري، التي توفيت في أغسطس/آب عن عمر يناهز 96 عاماً. ولا يزال يوجي ياماموتو البالغ اليوم 79 عاماً، وري كاواكوبو (80 عاماً)، مؤسس "كوم دي غارسون" (Comme des Garcons)، آخر وجوه هذا الجيل الذهبي.

وتذكّر رئيسة بونكا، ساشيكو أيهارا، بأن الأزياء اليابانية الطليعية "هزت العالم"، مستذكرةً كيف ارتدى طلابها ملابس سوداء بعدما أطلق يوجي ياماموتو أول مجموعة ملابس أحادية اللون.

إلا أن أيهارا ترى أن "الزمن الذي يقدم فيه مصمم ما تشكيلة يرتديها الجميع ولّى"، والسبب "ليس تراجعاً في المواهب"، بل هو أن المعروض أصبح أكثر تنوعاً، ومن هنا تشدد على ضرورة أن يكون لدى المصمم إلمام تجاري قبل أن يُقدم على إطلاق ماركة يبتغي منها المنافسة.

وتروي ماريكو ناكاياما، التي عملت مدةً طويلةً مصممةَ أزياء في عالم الموضة في طوكيو وتعتزم إطلاق علامتها التجارية في فرنسا، أنها كانت "خائفة" عندما ارتدت "كوم دي غارسون" للمرة الأولى.

وتلاحظ أن صناعة الأزياء باتت مختلفة اليوم. وتقول، في متجرها الواقع في حي أوموتيساندو الأنيق في طوكيو، إن المصممين اليوم "يُضفون لمسات عصرية على الأشكال والنقشات الكلاسيكية".

قيم جديدة

لا يزال العمل في باريس أو لندن أو نيويورك أو ميلانو يُعتبَر مفتاح النجاح للمصممين اليابانيين، وفق ما تشرح آيا تاكيشيما (35 عاماً) التي تابعت دراستها في "سنترال ساينت مارتينز" في لندن.

وضمّت التشكيلة التي عرضتها تاكيشيما أخيراً في أسبوع الموضة في طوكيو لعلامتها التجارية "أياميه" (Ayame) قمصاناً شفافة وفساتين ذات طيّات، بينما ارتدت عارضات فساتين أنيقة. فقد جعلتها دراستها خارج اليابان منفتحة على وجهات نظر مختلفة. وتقول في هذا الصدد: "في اليابان، يبدو أن ثمة تركيزاً على غرس التقنية أولاً. أما الأفكار والمفاهيم (...) فثانوية"، فيما هي عكس ذلك في لندن.

ويدرك معهد بونكا أيضاً الحاجة إلى أن يكون طلابه منفتحين على العالم، ويعتزم تقديم منحة دراسية في الخارج كجزء من احتفاله، السنة المقبلة، بالذكرى المئة لتأسيسه.

وترى الطالبة في المعهد ناتاليا ساتو (21 عاماً) أن إيسي مياكي والحرس القديم "نقلوا إلى العالم الكثير من القيم اليابانية والآسيوية" والتقنيات المستوحاة من الحرف التقليدية الغنية.

وتضيف: "أنا قلقة من أن الأسس التي بنوها قد تُهدم مع رحيلهم". ولكن "في الوقت نفسه، إنها نقطة تحول" يمكن أن توفر فرصاً إبداعية جديدة، في رأيها.

(فرانس برس)

المساهمون