مصر: موسم التوسع في ملاحقة صنّاع المحتوى

31 يناير 2023
فتحت قضية "فتيات تيك توك" الباب أمام المحاكمات العشوائية لصناع المحتوى (فرانس برس)
+ الخط -

أعلن محامون حقوقيون أن نيابة أمن الدولة العليا المصرية قررت حبس كل من محمد حسام الدين الشهير بـ(بسة)، وبسمة حجازي الشهيرة بـ(وردة)، 15 يومًا على ذمة التحقيقات، على خلفية اتهامهم بـ"الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة". وكان حجازي وحسام الدين قد اشتهرا خلال الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فيديوهات كوميدية مصورة. وجاء قرار الحبس بعد ثلاثة أيام من إلقاء القبض عليهما، ومعهما شاب يدعى أحمد علي الخولي، إثر نشر فيديو ساخر يحمل عنوان الزيارة، ويتحدث عن زيارة محتجز داخل قسم الشرطة.
وانتقد محامون حقوقيون وصحافيون وناشطون في المجالين السياسي والعام استمرار القبض على صناع المحتوى في مصر، بسبب تقديم أي محتوى ساخر أو كوميدي، وتوجيه اتهامات عشوائية، مثل الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، إليهم. كما ذكروا بتهمة "مخالفة قيم الأسرة المصرية" التي كانت تستخدم في وقت سابق ضد صانعات محتوى نساء على "تيك توك".

قضية الفتاة موكا حجازي

سبق سجن حجازي وحسام الدين قرار قضائي آخر في الإطار نفسه، إذ أجلت محكمة النقض المصرية النظر في الطعن المقام من مقدمة المحتوى، الفتاة الشهيرة باسم موكا حجازي، ضد حكم حبسها عامين إثر اتهامها بـ"ممارسة الدعارة والفجور"، إلى جلسة 11 فبراير/شباط المقبل. وكانت قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض على حجازي في يوليو/تموز2021، وكان عمرها وقتها 16 عامًا، بناءً على بلاغ تقدم به أحد المحامين المعروفين بملاحقتهم صانعات المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، اتهمها بالتحريض على الفجور ببث "فيديوهات ذات إيحاءات جنسية وبملابس فاضحة، وذلك باستخدام تطبيق تيك توك وقناة خاصة بها عبر يوتيوب". كذلك حكم في نفس القضية على الشاب معاذ م. بالسجن ثلاث سنوات، وتغريمه 100 ألف جنيه، بعدما أدانته المحكمة باستغلال موكا حجازي، وتصويرها بملابس فاضحة، ونشر فيديوهات وصور لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب تقرير سابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي يخوض محاموها حالياً معركة الدفاع عن حجازي أمام القضاء، فإنه جرى التحقيق معها من دون حضور محام. وقد أقرت الشابة أن معاذ م. هو صاحب الهاتف الذي كانت تصوّر عبره فيديوهاتها، وأنه هو من كان يحدد لها المحتوى. وبناء على شهادتها هذه، ألقت قوات الامن القبض على الشاب المصري ووجه له اتهامات بـ"الاتجار بالبشر، واستغلال حجازي جنسيًا وتجاريًا، بدفعها إلى تصوير مقاطع فيديو مسجلة، تظهر فيها بملابس فاضحة، وتؤدي رقصات مُخِلَّة بالآداب العامة، ونشر تلك المقاطع؛ بغرض تحقيق ربح".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وبعد حبس الشاب، أحالت نيابة الطفل موكا حجازي إلى المحاكمة أمام محكمة جنح الطفل، ووجهت إليها اتهامات "نشر فيديوهات تخدش الحياء وتحرض على الفجور، واعتياد ممارسة الدعارة"، حتى صدر الحكم بدرجته الأولى في فبراير/شباط 2022 بحبسها سنة على التهمة الأولى، وسنتين على التهمة الثانية. وهو الحكم الذي أيدته محكمة جنح مستأنف الطفل في  مايو/أيار الماضي، مع استبدال عقوبة التهمة اﻷولى من الحبس عاماً إلى وضعها في أحد دور الرعاية تحت الاختبار القضائي.

فتيات "تيك توك"

الأمثلة على محاكمة صناع المحتوى في مصر كثيرة، لكن تبقى قضية "فتيات تيك توك"، التي بدأت عام 2020، أشهرها، إذ فتحت الباب أمام المحاكمات العشوائية لصناع المحتوى. إذ استهدفت الشرطة عددًا من مستخدمات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي في ما عرف بقضايا "تيك توك"، واعتمدت إحالة صانعات المحتوى إلى المحاكمة بناءً على المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات. وأحالت النيابة العامة المصرية عددًا من المتهمين والمتهمات إلى كلٍّ من المحكمة الاقتصادية، ومحكمة الجنايات، بعد اتهامهم بارتكاب جرائم من خلال حسابات شخصية، في ما اعتبر مخالفة لقوانين، منها ما يختص بالنشاط الرقمي بشكل مباشر، إلى جانب جرائم أخرى قد تتم عبر أي وسيط بخلاف الإنترنت، ومنها جرائم تقنية المعلومات، والعقوبات، ومكافحة الدعارة، ومكافحة الاتجار بالبشر، وأخيرًا قانون الطفل. محاكمات فتيات "تيك توك"، التي بدأت قبل نحو ثلاثة أعوام بمحاكمة 9 فتيات على خلفية بلاغات قدمها ضدهن رجال ومحامون بعد اتهامهن بـ"إهدار قيم المجتمع والاعتداء على قيم الأسرة المصرية"، شهدت توسعًا كبيرًا في عدد المتهمين على مدار الفترة الماضية.

المساهمون