وصفت منظمة مراسلون بلا حدود حصيلة أربعة شهور من العدوان الإسرائيلي على غزة على الصحافة بـ"المروعة"، إذ "قتل صحافيون فلسطينيون، وجرحوا، ومنعوا من العمل، من دون أي إمكانية للحصول على ملجأ آمن".
وفي بيان أصدرته المنظمة التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مركزاً أمس الأربعاء، "دانت بشدة القمع الإسرائيلي للصحافة والحق في الحصول على المعلومات في غزة"، ودعت "الدول والمنظمات الدولية إلى زيادة الضغط على إسرائيل، لوقف هذه المذبحة فوراً".
ووفقاً لبيانات "مراسلون بلا حدود"، فقد استشهد 84 صحافياً في غزة، خلال 124 يوماً من بدء العدوان الإسرائيلي، من بينهم 20 على الأقل "أثناء أداء عملهم الصحافي، أو ما يتعلق به".
لكن الأرقام الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تفيد بأنّ 123 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكانت "مراسلون بلا حدود" واجهت انتقادات بسبب الأرقام التي تعتمدها لحصيلة الشهداء من الصحافيين في غزة، لكنها أوضحت أن حصيلتها تقوم "على أساس بيانات دقيقة... وتشمل الصحافيين المحترفين وغير المحترفين والعاملين في مجال الإعلام"، وأشارت إلى أنها "تجمع معلومات مفصلة تسمح لها بالتأكيد، بقدر كبير من الثقة، على أن اعتقال أو اختطاف أو اختفاء أو مقتل كل صحافي كان نتيجة مباشرة لعمله الصحافي، وقد تفسر هذه المنهجية الاختلافات الإحصائية مع المنظمات الأخرى".
ونبهت "مراسلون بلا حدود"، أمس الأربعاء، من أنّ "الصحافيين يتعرضون للقتل مع مرور أيام هذه الحرب التي لا نهاية لها، بالضربات الإسرائيلية المتواصلة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه. ويعيش الصحافيون الذين نجوا من هذه الشهور الأربعة جحيماً يومياً؛ ففي ظروف غير إنسانية، يعانون من نقص في كل شيء، وخاصة في المعدات، فضلاً عن معاناتهم من التعتيم الإعلامي المنتظم"، في إشارة إلى استهداف قوات الاحتلال المتكرر لشبكات الاتصالات والإنترنت.
وخلصت المنظمة إلى أن القوات الإسرائيلية "دمرت، خلال أربعة أشهر، الصحافة الفلسطينية، وأفلتت تماماً من العقاب".
وبعد تقديم "مراسلون بلا حدود" شكويين إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الإسرائيلية بحق الصحافيين في غزة، حثت مرة أخرى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على التنفيذ الفوري للقرار 2222 (2015) بشأن حماية الصحافيين.
قدمت "مراسلون بلا حدود" شكويين إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول و22 ديسمبر/ كانون الأول 2023، في ما يتعلق بقتل الصحافيين وتدمير وسائل الإعلام.
وبعد استشهاد مصور الفيديو المستقل مصطفى ثريا والصحافي حمزة وائل الدحدوح في 7 يناير/ كانون الثاني، حصلت منظمة مراسلون بلا حدود على قرار من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإدراج الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في تحقيقاتها حول الوضع في فلسطين. وبعد يومين، دعت "مراسلون بلا حدود" مجلس الأمن الدولي إلى النظر بشكل عاجل في انتهاكات إسرائيل للقرار 2222 بشأن حماية الصحافيين.
وأكدت "مراسلون بلا حدود" أنه "ليس لدى الصحافيين في غزة أي مخرج أو أي مكان آمن يلجأون إليه. وبعد أن اضطروا إلى الفرار إلى جنوب القطاع منذ 7 أكتوبر، لجأ معظمهم إلى رفح، حيث لا يزال المعبر مع مصر مغلقاً، وحيث يمكن أن يؤدي غزو المدينة إلى حمام دم جديد".
وذكرت أنه على الرغم من دعواتها المتكررة لفتح معبر رفح، فإن السلطات الإسرائيلية تواصل منع الصحافيين في غزة من المغادرة ومنع الصحافيين الأجانب من الوصول إلى القطاع.
بالإضافة إلى عدد الصحافيين الفلسطينيين الشهداء في غزة، والذي وصفته "مراسلون بلا حدود" بـ"المروع"، فقد وثقت نقابة الصحافيين الفلسطينيين تدميراً كلياً أو جزئياً لخمسين وسيلة إعلام محلية ودولية على يد القوات الإسرائيلية، منذ السابع من أكتوبر.
وعلى الرغم من كل هذا، فإن "المراسلين الفلسطينيين في غزة يظهرون شجاعة لا توصف في مواصلة تغطية الحرب. لقد فقد معظمهم أحباءهم. ويضطرون إلى النزوح، ويعيشون في خيام، من دون كهرباء، وبالنذر القليل من الطعام والماء. ويحظى الصحافيون المصابون بفرص محدودة للغاية في الحصول على الرعاية الطبية"، وفقاً لـ"مراسلون بلا حدود".
يذكر أن المنظمة، وبالشراكة مع "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج)، تقدم منحاً للصحافيين في غزة منذ بداية العدوان لدعم عملهم الصحافي.