- الألبوم يحمل رسائل سياسية قوية لزعماء أفريقيا، مطالباً بالسيطرة على الموارد وإعادة بناء البلدان، وقد نال إشادة من عازفين ونقاد موسيقيين عالميين لتجديده الإمكانات الصوتية لموسيقى روك الطوارق.
- ينتقد مختار في ألبومه الأوضاع السياسية في النيجر والتدخلات الأجنبية، معبراً عن رفضه للسياسات الاستعمارية ومشكلات المهاجرين، مستخدماً موسيقاه كوسيلة للتعبير عن النضال والأمل في تحقيق العدالة.
أطلق عازف الغيتار والمغني مدو مختار ألبوماً جديداً في الثالث من مايو/ أيار الحالي، تحت عنوان "جنازة من أجل العدالة" (Funeral for Justice)، تشتبك أغانيه مع قضايا سياسية واجتماعية تخص النيجر، بلد الفنان الطوارقي، ضمن نزوع سياسي تميزت به أعماله الفنية.
يبرز اسم مختار واحداً من أكثر الفنانين إبداعاً في الموسيقى الصحراوية المعاصرة، وقد دفعه عزفه غير التقليدي على الغيتار الطوارقي إلى واجهة المشهد المزدحم، وأكسبه ذلك شهرة واسعة خارج النيجر. استمدّ الفنان النيجري أسلوب عزفه من النجمين جيمي هندريكس وإدي فان هالين، ومن موسيقى الزفاف التقليدية للطوارق، لينال احتراماً كبيراً بين موسيقيي الروك.
موسيقى مدو مختار...عفوية وطازجة ومذهلة
يقول عازف الغيتار الأميركي كيرك لي هاميت من فريق ميتاليكا في مقابلة له: "في الغرب، لدينا جميعاً، نحن عازفي الغيتار، المفردات الأساسية نفسها، إلى جانب حفنة من الضربات النمطية، لكن موسيقى مدو مختار تكاد أن تكون خالية من تلك الأشياء. لهذا السبب، تبدو أكثر عفوية وطازجة ومذهلة. في حين وصف الصحافي جون باريليس من صحيفة نيويورك تايمز ألبوم مختار السابق، Afrique Victime، بأنه يوسع الإمكانات الصوتية لموسيقى روك الطوارق.
على مدار ما يقرب من عقد، نجح مدو مختار (40 عاماً) في الحصول على مكانة متميزة، ليمسي واحداً من أبرز عازفي الغيتار الأفارقة، وأحد الأصوات القليلة في عالم الموسيقى التي لفتت الانتباه إلى كفاح شعب الطوارق، إلى جانب تناوله قضايا مهمة، مثل مناهضة الاستعمار وسياساته في القارة الأفريقية. ضمن هذا الإطار، يأتي الألبوم الجديد لمختار، "جنازة من أجل العدالة"، مخاطباً زعماء أفريقيا مباشرة "استرجعوا السيطرة على بلدانكم الغنية بالموارد/ ابنوها وتوقفوا عن النوم"، في حين يعزف غيتاره بصورة غاضبة وجامحة.
ولدى إعلان هذا الإصدار، كتب مختار: "هذا الألبوم مختلف بالنسبة إليّ، بعدما أصبحت مشكلات الإرهاب أكثر خطورة في أفريقيا، ويأتي المثلث الحدودي بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي في مقدمة المناطق التي ينتشر فيها الإرهاب بالقارة الأفريقية". وأضاف الفنان النيجري: "عندما جاءت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى هنا، قالت إنها ستساعدنا، لكن ما نراه مغاير تماماً لذلك، إنها لا تساعدنا أبدًا في إيجاد حل لمشكلاتنا المتعددة".
كان للتطورات السياسية الأخيرة في النيجر تأثير مباشر في فرقة مختار الموسيقية، إذ لم يستطع عدد من أعضائها العودة إلى بلده لأشهر من جولة في الولايات المتحدة، وذلك بعدما أطاح انقلاب عسكري الحكومة المنتخبة الصيف الماضي.
وعن هذه الأوضاع، قال مختار: "لا أؤيد الانقلاب، لكني لم أحب حضور فرنسا (التي كانت تدعم النظام السابق) في بلدي قط، أنا لا أكره فرنسا أو الشعب الفرنسي، ولا أكره الشعب الأميركي أيضًا، لكني لا أؤيد سياساتهم المتلاعبة، وما يفعلونه في أفريقيا".
عمامة وعباءة
في مقابلة أجراها في مكتب شركة التسجيلات الخاصة به في مانهاتن، وجه مختار، النحيل الملتحي، الذي غالباً ما يرتدي عمامة وعباءة على خشبة المسرح، انتقادات مريرة إلى النظام الحاكم السابق، بعدما حافظ على وجود عسكري لفرنسا في النيجر حتى أواخر العام الماضي، وضَمّن هذه الانتقادات في ألبومه، وتناول فيه أيضاً مشكلة المهاجرين الأفارقة في الغرب، أو ما أسماهم "العبيد المعاصرين".
وقال مختار: "ما نراه الآن مجرد نسخة حديثة من الاستعمار، وهو أمر ورثه أحفاد المستعمرين، ويجري اليوم باستخدام تقنيات حديثة وطرق أكثر دقة للتلاعب بالناس". وأضاف: "يبدو أن مواردنا الخام التي تستخرج بهدوء من الأرض، هي فقط المرحب بها، أما عملتنا، التي أنشأها الآخرون لنا، فليست موضع ترحيب، ولا نحن كذلك، هل هذه هي الحرية؟ هل هذه عدالة؟ هل هذه هي المساواة؟".
قد لا تكون مشكلات النيجر، الدولة الصحراوية التي تقع في غرب أفريقيا، معروفة لأغلب الفرنسيين والأميركيين، ولا تساعد ترجمة "غوغل" عندما يتعلق الأمر بالتماشق، لغة الطوارق التي يغني بها مختار، مع بعض الفرنسية، إلا أن هذا يحرض الفنان الطوارقي على أن يُسمع رسالته على أوسع نطاق.
ألبوم مختار السابع "جنازة من أجل العدالة"، هو الثاني له الذي تصدره شركة Matador Records، وهي شركة معروفة في عالم موسيقى الروك المستقلة، ولها إرث من الأعمال المهمة مثل الذي قدمته مع فرقتي Pavement وYo La Tengo، والمغنية المعروفة Liz Phair.
في الصيف الماضي، قدم مختار وفرقته عرضاً في Central Park. وفي وقت سابق من الشهر الفائت، عزف وفرقته في مهرجان كوتشيلا (Coachella) جنباً إلى جنب مع نجوم مثل لانا ديل راي.
قال مختار: "أريد أن أتحدث عن الجرائم أو الظلم في العالم، وأريدكم أن تشعروا بأن الصوت الذي تسمعونه هو صوت شخص ينادي: النجدة! إذا سمعت صفارة الإنذار تقول "ويوي، ويوي"، فهذا يخبرك أن شيئاً فظيعاً يحدث، أليس كذلك؟ لهذا أريدك أن تعرف مدى خطورة الأمر".
نشأ مدو مختار وترعرع في بلدة نائية تحظر الموسيقى "العلمانية"، وتقع بالقرب من الحدود الغربية للنيجر مع مالي. علم نفسه سرّاً العزف على غيتار محلي الصنع مصنوع من الخشب، ومرت سنوات قبل أن يجد غيتاراً حقيقياً.
خلال تلك السنوات، استمع إلى عازفي الغيتار الطوارقيين الكبار، ولم يتعرف إلى الغيتار الغربي إلا في السنوات القليلة الماضية من جولاته في أميركا وأوروبا. يقول: "لا أعرف ما هي موسيقى الروك بالضبط، ليس لدي أي فكرة، أعرف فقط كيف أعزف بأسلوبي".
سجل ألبومه الأول "أنار" في سوكوتو، نيجيريا، في عام 2008. ورغم أنه لم يصدر رسمياً في ذلك الوقت، غير أن أغانيه أصبحت شائعة عبر منطقة الساحل، ووصلت بعض أغانيه إلى الجمهور العالمي عندما أصدرتها شركة Sahel Sounds باللغة الإنكليزية بواسطة فرقة أميركية هي Brainstorm.
تنطلق فرقة مختار في جولة طويلة في أميركا الشمالية لدعم "جنازة من أجل العدالة" تبدأ في 5 يونيو/ حزيران من أتلانتيك سيتي، بنيوجيرسي، في الولايات المتحدة، وتنتهي في 28 من الشهر نفسه في فيلادلفيا، تتبعها رحلة إلى المملكة المتحدة وأوروبا.