أعلن المخرج الأردني الفلسطيني محمود مسّاد، عبر حسابه في منصة إنستغرام، الخميس، رفض المنحة المقدمة إليه من صندوق البحر الأحمر للسينما، وقيمتها 40 ألف دولار أميركي، احتجاجاً على إقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، "في وقت يقع فيه كلُّ هذا الظلم والمهانة على أهلنا".
ففي الوقت الذي ألغت دول عربية عدة فعاليات فنية وسينمائية تضامناً مع الفلسطينيين في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، فإن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي سينطلق في موعده، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، في مدينة جدة الساحلية غربي المملكة العربية السعودية. وصندوق البحر الأحمر يقدم الدعم لتطوير المشاريع السينمائية، وإنتاجها، وإتمام عمليات قيد الإنجاز.
وكتب محمود مسّاد: "منذ أكثر من شهر وأنا أستيقظ كما يستيقظ العالم على أخبار القصف والقتل والدّمار الواقع على أهلنا في غزّة. منذُ بداية الحرب، انتبهتُ لظاهرةٍ غريبة، ألا وهي أنّ الكثير من أصدقائي المثقفين وصانعي الأفلام التزموا الصمتَ عمّا يحدث. لم أشك لحظةً في رؤيتهم حينها، فهؤلاء أصدقاء عمر طويل تقاسمنا فيه الطعام والسفر ومثّلنا معاً شعوبنا بقصص تحكي عن وجودهم في هذا العالم. قلتُ لنفسي: لعلّهم يحتاجون القليلَ من الوقت كي يستوعبوا هذه اللحظة العصيبة؛ لحظةَ مقاومة تُدافع عن الأرض والإنسان ومحتلّ يتحالف مع قوى الظلام في العالم كي يمحوها عن الخريطة. قصّةٌ نحلمُ أن تنتهي كما في الأفلام، إذ تنتصر فيها المجموعة الصغيرة المؤمنة بالحرية أمام أكبر جيوش العالم. ولكن بعد أن بدأ العدوان على أهلي في غزة، بدأ صمتهم أوضح وأثقل. هل يعقل أنّهم لم يروا ما رأيتُه؟ هل أنا وحدي أرى كل هذه القصص عن مستشفيات يُقتل فيها المئات من المدنيين والأطفال والشيوخ في ثوان؟ هل شاهدوا -يا تُرى- قصفَ الجوامع والكنائس؟ هل يُغتفر الصمتُ بعد أن يُقصف مخيمٌ مليء باللاجئين؟".
وأضاف مسّاد: "قد يُغتفر الصمت أو يُبرّر، لا أدري. ولكن من المؤكّد أن الاحتفالات في وقت يقع فيه كلُّ هذا الظلم والمهانة على أهلنا هو ما لا يُغتفر، خاصة إن جاء هذا الاحتفال من بعض إخواننا وأشقائنا في المملكة العربية السعودية، وأنا أعي تماماً أنّ هذا الموقف يمثّل القائمين على الاحتفال، ولا يمثّل أهلنا وأشقاءنا في المملكة. وبناءً عليه، فأنا أجد من الصعوبة قبول مثل هذه المنحة المقدمة إليَّ من صندوق البحر الأحمر للسينما".
وطالب مسّاد "جميع صانعي الأفلام، نحن الذين نحب السينما، وتحمّلنا كلّ المتاعب لنقل رسالة الإنسانية، لنحمي قصص الأبطال من الضياع وقصص المظلومين من النسيان، أن نحمي حقَّ المقاومة وقصّة الفلسطينيين أجمع، وأن نقف معاً لرفض تسخير قصّتنا ونضالنا إلى احتفال، ونحن لم ننتشل بعدُ جثثَ أبنائنا من تحت الركام. أدعو أن نحارب من أجل كرامتنا الإنسانية ودورنا كفنانين، وأرجو منهم أن يحددوا مواقفهم، ليجيبوا لأنفسهم قبل أن يجيبوني عن سؤالٍ بات يجول في خاطري منذ بدأت الحرب: على أيّ طرفٍ من الحرب ينبغي لنا أن نكون؟ الحق أم الباطل؟".
ولم يصدر تعليق من القائمين على مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
محمود مسّاد مخرج وكاتب سيناريو ومنتج، من مواليد 4 مارس/ آذار عام 1969 في مدينة الزرقاء الأردنية. درس السينما والفن في جامعة اليرموك في الأردن، ثم هاجر عام 1988، واستمر في العمل في التلفزيون والسينما في رومانيا وإيطاليا وألمانيا والسويد.
كان فيلمه الوثائقي القصير "الشاطر حسن" (2001) أول فيلم أردني يدرج في قائمة مهرجان كانّ السينمائي عام 2001. وفاز فيلمه الوثائقي الطويل الأول "إعادة خلق" (2007) بجائزة أفضل تصوير سينمائي في مهرجان صندانس السينمائي عام 2007، وعرض في أكثر من 130 مهرجاناً سينمائياً دولياً، كما عرض في العديد من دور السينما الأوروبية.
فاز بثلاث جوائز دولية عن سيناريو فيلمه "إنشالله استفدت" (2016) الذي عرض لأول مرة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي لعام 2016. وقد نال الفيلم الدعم من صندوق الأردن للأفلام.