مشوار مع الموسيقى استمر لأكثر من خمسين عاماً، كان نتيجته ما يقرب من 170 لحناً، وضعها الموسيقار المصري الراحل محمد سلطان الذي رحل مساء الأحد الماضي عن عمر 85 عاماً، وغناها عدد كبير من المطربين والمطربات المصريين والعرب.
لم يكن والد محمد سلطان الذي ولد في مدينة الإسكندرية مؤيداً لفكرة عمل ابنه في الفن، واشترط أن يحصل أولاً على شهادة جامعية. ورضخ بالفعل لطلب والده، والتحق بالكلية الحربية ليعمل مثل والده الذي كان ضابط شرطة، ولكن لم يتحمل صرامتها، وتركها بعد عام دراسي واحد فقط، والتحق بكلية الحقوق حيث حصل على الإجازة الجامعية، إرضاءً لوالده فقط. كانت والدته محبة للفن، وتقربه أكثر إلى هذا العالم، وكانت أذناها موسيقية، وتدندن مع ابنها كثيراً.
كانت بداية محمد سلطان عبر التمثيل، وقد قدم 11 عملاً سينمائياً بعد ما شاهده المخرج الراحل يوسف شاهين وتنبأ له بأن يكون ممثلاً جيداً. ومن الأفلام التي قدمها: "جدعان حارتنا"، و"عائلة زيزي"، و"إنها حقاً عائلة محترمة"، و"من غير ميعاد"، و"بلا غد"، و"كم أنت حزين أيها الحب"، و"مدرس خصوصي"، و"الباحثة عن الحب"، و"الناصر صلاح الدين".
ووضع الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام لعل أشهرها "الراقصة والسياسي" لنبيلة عبيد وإخراج سمير سيف، و"سمارة الأمير" إخراج أحمد يحيى، وأفلام "السوق" و"الشرس" و"يا عزيزي كلنا لصوص" و"فضيحة العمر" وغيرها.
من أهم ألحان محمد سلطان ما قدمه للمطربة فايزة أحمد التي كانت زوجته بعدما نشأت قصة حب بينهما كانت بدايتها في منزل المطرب فريد الأطرش. واعترف سلطان نفسه، في الكثير من لقاءاته، أنها كانت سبباً كبيراً في شهرته، وكانت أول أغنية من ألحانه تجمعها به هي "هاتوا الفل مع الياسمين ورشوا الورد على الصفين".
وقال الموسيقار عن فايزة أحمد التي أنجب منها ولديهما التوأم طارق وعمرو اللذين تخرجا من كلية الطب في فرنسا، في لقاء له: "حينما كنت أقول إن فايزة سبب في شهرتي كانت تغضب، وكانت تطلب ألا أقول ذلك، وكانت تقول لي: أنت كبير من غيري".
ولم يتزوج سلطان بعد وفاة فايزة أحمد التي رحلت بعد معاناة مع سرطان الثدي، بعد زواج دام 37 عاماً.
وقدم سلطان لفايزة أحمد عدداً كبيراً من الأغاني، منها "انساني يا حبيبي"، و"أكبر من حبي ليك"، و"أعلنت الحب عليك"، و"إحنا النهاردة إيه"، و"صعبان عليا"، و"قول لكل الناس"، و"قاعد معايا"، و"علمتني الدنيا".
تعاون مع عدد كبير من المطربين، بينهم هاني شاكر الذي غنى من ألحانه "الهوى جراح"، و"مشتريكي"، و"هو أنا أنسى"، وغيرها. كما وضع ألحاناً للمطربة المغربية سميرة سعيد، ومن أهم أعمالهما معاً أغاني "مالك"، و"خليك حر"، و"روح يا زمان"، و"الدنيا كده".
كما كانت له أغان أيضاً مع المطربة السورية ميادة الحناوي التي قدم معها أغاني "حكاية حياتي"، و"في قربك"، و"آخر مرة"، و"عينيك"، وله أغان عدة للمطربة السورية أصالة نصري، ومنها "سامحتك"، و"كل الناس"، و"مش معقول"، و"بالأصول". وقدم كذلك مع المطربة الراحلة سعاد محمد أشهر أغنياتها وهي "إياك تنسى"، و"أوعدك دايما فكراك"، وغيرها.
وكان هناك مشروعان من المفترض أن يجمعا بين محمد سلطان وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وحولها سبق وقال في لقاء معه: "كان من المقرر أن ألحن لكوكب الشرق أغنية (دارت الأيام)، ولكن محمد عبد الوهاب خطفها مني، وهو كان بمنزلة والدي فلم أعترض، وتواصلت معي أم كلثوم قبل وفاتها بفترة قصيرة من أجل تقديم ألحان عدة لها، ولكن القدر وظروف مرضها حالا دون ذلك، أما عبد الحليم فكان من المفترض أن يغني (أحلى طريق في دنيتي) التي غنتها فايزة أحمد بدلاً منه ولم يحدث نصيب بيننا".
في لقاءات سلطان الأخيرة كان دوماً يُعرب عن غضبه من موسيقى أغاني المهرجانات، إذْ كان يصفها بالتلوث السمعي، معرباً عن اندهاشه ممن يسمعونها ويضعون أنفسهم وسط هذا الضجيج.