حوّل الفلسطيني محمد الأسطل منزله الكائن في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، لمعرض فني دائم يعرض من خلاله لوحاته الفنية التي رسمها على مدار أكثر من 60 عاماً، جسد فيها الواقع والتراث الفلسطيني والعربي.
يقيم الأسطل (84 عاماً) منذ عدة عقود في الولايات المتحدة الأميركية، بعدما انتقل من دولة الكويت التي عمل فيها في مجال تدريس مادة الفنون الجميلة والتصوير الفوتوغرافي والتصوير الصحافي، إذ تلقَّى تعليمه في المرحلة الأساسية في خان يونس، ثم سافر إلى مصر للدراسة الجامعية في كلية الفنون الجميلة ومعهد ليوناردو دافينشي في القاهرة، في الفترة ما بين 1956 و1961.
تمكن الفنان الفلسطيني من رسم أكثر من 400 لوحة فنية على مدار حياته، وتمكَّن من نقل أكثر من 200 لوحة منها ووضعها داخل منزله الذي حول غرفه لمعرض دائم مفتوح أمام الزوار، ليكون شاهداً على الحضارة والتراث العربي القديم.
حرص الأسطل رفقة أقاربه على تنظيم اللوحات داخل المنزل بطريقة فنية قريبة من المعارض الخاصة بالرسامين العالميين وبنظام رقمي خاص لكل لوحة معروضة، وهو ما يجذب المشاهد إلى اللوحات والألوان المستخدمة فيها.
تحاكي اللوحات الفنية مراحل زمنية عايشها الأسطل خلال مراحل طفولته وشبابه في فلسطين ومدينة خان يونس حيث عاش الفترة الأولى من حياته، في حين يجسد بعضها الواقع السياسي مثل اللحظات الأولى لوصول الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لقطاع غزة بعد توقيع اتفاقية أوسلو. ولم يغفل الفنان الفلسطيني نقل شكل الطبيعة والحياة اليومية التي كان عليها الفلسطينيون في القطاع قبل نحو 6 عقود وطبيعة الحياة وظروفها، لا سيما تلك التي تحاكي التراث الفلسطيني بما فيه من تجمعات وفعاليات.
يقول الأسطل لـ "العربي الجديد" إن زيارته للقطاع كانت من أجل تحقيق حلمه الذي بدأ يراوده قبل 60 عاماً، بافتتاح معرض دائم للأعمال الفنية التي تمكن طوال حياته من رسمها وجعله متاحاً طوال العام أمام الزوار. ويشير إلى أن جميع اللوحات التي تمكن من نقلها للقطاع كانت ترتكز على التراث الفلسطيني العربي، فيما يحتفظ بأكثر من 200 لوحة أخرى في منزله في الولايات المتحدة، تحاكي تراث دول عربية أخرى وحضارات مختلفة في العالم.
عمل الأسطل على توثيق تواريخ اللوحات الفنية من خلال إدراج أعوام رسمها بالقرب من توقيعه كرسام لهذه اللوحات، من أجل أن يتمكن المشاهد لها من معرفة تاريخ رسمها وربطها بالواقع الذي كان سائدا في حينه وعند رسمها.
اعتاد الفنان الفلسطيني على النوم مدة ساعتين ليلاً والاستيقاظ عند الواحدة فجراٍ والبدء برسم اللوحات حتى الساعة السابعة صباحاٍ مستغلاً حالة الهدوء، إذ بدأت هذه العادة في مراحل الشباب وبقي محافظاٍ عليها حتى الآن. ويؤكّد أن حفاظه على هذه العادة ساعده في الوصول لهذا الكم الكبير من عدد اللوحات، فيما كانت المدة الزمنية لرسم كل لوحة تختلف عن الأخرى، فبعضها لم يزد وقت رسمها عن أسبوع وبعضها تجاوز حاجز الشهر.
يخطط الأسطل لافتتاح معرض جديد في الولايات المتحدة للجاليات العربية، يعرض فيه جانباٍ من اللوحات التي لم يتمكن من إدخالها للقطاع.
خلال فترة حياته، حصل الأسطل على شهادة تقدير من جامعة "ميشيغن آن آربر" في الولايات المتحدة، وشارك وحصل على جوائز في أكثر من 20 معرضاً في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وأقام ثمانية معارض في عدة ولايات أميركية.