قال المخرجان البلجيكيان من أصل مغربي، عادل العربي وبلال فلاح، إن فيلمهما "متمرد"، يسبر أغوار التوّاقين لمعرفة حقيقة ما يجري داخل تنظيم داعش الإرهابي في مرحلة قوّته وجبروته، وإن الفيلم الذي تنقّل بين مهرجانات عالمية أبرزها مهرجان كانّ السينمائي، وآخرها الدورة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة، فضلاً عن عرضه في الرباط واستكهولم وأمستردام وبروكسل، وعرض أخيراً في العاصمة الأردنية عمّان، يؤرخ للاعتداءات الإرهابية التي حدثت في سورية وفرنسا وبلجيكا عام 2012.
وأضاف المخرجان، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، على هامش حضورهما وأبطال الفيلم عرضاً خاصاً نظمته الهيئة الملكية للأفلام في الأردن، أنهما حاولا إيجاد إجابات واضحة حول نزعة الإنسان الطبيعي وميله للانضمام إلى جماعة إرهابية. وقالا: "هي حربنا جميعاً. فنحن تأثرنا سلباً بالتطرف والهجمات الإرهابية، وكنا لوقت طويل نبحث عن السبب، وهذا ما حرصنا على التركيز عليه في الفيلم".
وقال العربي: "تعرف مدينة مولينبيك بأنها كانت تعد مصنعاً للإرهابيين، وكان لا بد لنا تناول الموضوع لأهميته، خاصة من زاوية العائلات المتضررة التي تأثرت بصورة بالغة من تداعيات سفر شبابها بحجة الجهاد في أرض الخلافة الإسلامية. كان لا بد لنا البحث والتحري من المعلومات التي سنقدمها، ما أخذ منا جهداً كبيراً على مدى ثلاث سنوات لإتمام السيناريو".
وأشار فلاح إلى الجهد التوثيقي الذي تطلبه الفيلم في مراحله المختلفة، وقال: "لا أحد يدّعي الكمال في ما يصنع، لكننا حرصنا على مراعاة تقديم حكاية التنظيم من كل جوانبها السلبية، منذ كيفية تصيد الهدف على مواقع التواصل، إلى طريقة التواصل معه، إلى تدريبه، ثم نقله إلى البؤر الساخنة التي يتزعمها التنظيم".
تدور أحداث الفيلم الذي صورت بعض مشاهده في الأردن حول قصة شقيقين: مغني الراب الشاب كمال الذي قرر الذهاب إلى سورية لمساعدة ضحايا الحرب لكنه وجد نفسه مجنداً من قبل "داعش"، و"نسيم" الطفل الذي بقي في مدينة مولينبيك البلجيكية مع والدته ليلى وصار هدفاً لمجندي التنظيم الإرهابي لتجنيده.
ويروي الفيلم (من إنتاج عام 2022، ومدته 135 دقيقة) يوميات العائلة وقصّة أفرادها، ضمن أحداث تقترب من الدراما أحياناً والكوميديا في أحيان أخرى. ويبدو لافتاً مشاهد موسيقى الراب التي تعطي انطباعاً عن سيرة كمال الذي تحوّل من مغن يافع له طموحاته الكبيرة، إلى مصور لمعارك التنظيم وعمليات الإعدام وسير الحياة اليومية لأعضائه، فيما يعتريه الندم الكبير على الخطوة التي خطاها، في الوقت الذي يعتبره نسيم بطلاً، نتيجة لعمليات غسل الدماغ التي تجري من الفضاء المحيط بالعائلة.
قدمت الممثلة الأردنية الشابة تارا عبود دور "نور" في الفيلم، فيما قدم باقي الأدوار الرئيسية فنانون مغاربة، هم: أبو بكر سايحي في شخصية كمال، ولبنى أزبال في شخصية "ليلى"، وأمير العربي في شخصية "نسيم"، ويونس بواب في شخصية أبو عمار، وكمال محمد في شخصية الإمام يوسف.
العربي (34 عاماً) وفلاح (36 عاماً) في رصيدهما عدد كبير من الأعمال السينمائية التي أنجزاها كثنائي، أبرزها "صورة" عام 2014، و"أسود" عام 2015، و"عصابات" عام 2018. وكانت نقطة التحول الكبيرة في حياتهما الفنية تصديهما لإخراج الجزء الثالث من سلسلة أفلام: Bad Boys for Life، بمشاركة نجمي هوليوود ويل سميث ومارتن لورانس، وهو الفيلم الذي حقق جماهيرية كبيرة عام 2020.