متحف نوغوتشي للفنون... إضراب على طول الكوفية

26 اغسطس 2024
من تظاهرة طلابية تضامنية في نيويورك (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكاتب جو هيون بارك مُنع من دخول متحف الفن الحديث في نيويورك بسبب حمله للكوفية الفلسطينية، مما يعكس تصاعد الرقابة على الرموز الفلسطينية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
- موظفو متحف نوغوتشي للفنون في نيويورك أعلنوا إضراباً بعد منع ارتداء الكوفية الفلسطينية، معتبرين القرار غير عادل ومعادٍ للفلسطينيين، ومطالبين الإدارة بالعدول عنه.
- الاحتجاجات تصاعدت بعد إيقاف موظف لارتدائه الكوفية، مما أدى لإضراب مؤقت وإغلاق المتحف لثلاثة أيام، مع تأكيد الموظفين على رفض فصل السياسة عن المؤسسات الثقافية.

في وقت سابق من هذا العام، نشر الكاتب والإعلامي الكوري المقيم في الولايات المتحدة، جو هيون بارك، صورة له خارج أبواب متحف الفن الحديث في نيويورك (MOMA) معلناً أنه قد مُنع من دخول المتحف بسبب حمله للكوفية الفلسطينية في حقيبته. منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان هناك تصاعد واضح في الرقابة على الرموز الفلسطينية، وكانت الكوفية من العناصر البارزة خلال الاحتجاجات التي شهدتها العواصم الغربية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. منذ بدء العدوان، واجه الفنانون والناشطون الثقافيون حملة من الإسكات مارستها المؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتعرض بعضهم لإلغاء معارضهم وأنشطتهم لمجرد المطالبة بوقف إطلاق النار.
لم تتوقف المواجهات أيضاً مع الرموز الفلسطينية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكان آخر هذه المواجهات في متحف نوغوتشي للفنون في نيويورك (Noguchi Museum). أعلن موظفو المتحف، الأربعاء الماضي، الإضراب بعد أن أصدرت إدارة المتحف قراراً مفاجئاً في مطلع هذا الشهر يقضي بمنع موظفي المتحف من ارتداء الكوفية الفلسطينية. وقد شمل قرار المنع حتى الأفراد الذين لا يتعاملون مع الجمهور.
متحف نوغوتشي هو مؤسسة مُخصصة لإرث الفنان إيسامو نوغوتشي (1904 - 1988) وهو أميركي من أصول يابانية سخَّر حياته لمناهضة الحرب. دخل نوغوتشي طواعية معسكر اعتقال للأميركيين اليابانيين في عام 1942 أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد ابتكر الفنان سلسلة من المنحوتات حول تجربة اعتقاله. صنع نوغوتشي عشرات الأعمال الأخرى تأثراً بالدمار الذي خلفه الهجوم الأميركي على هيروشيما وناغازاكي، وهي الأعمال التي جمعها في هذا المتحف الذي أسسه قبل رحيله. 
اعتبر موظفو المتحف أن هذه القرارات الأخيرة التي اتخذتها إدارة المتحف تتعارض مع هذا الإرث النضالي الذي تركه نوغوتشي. من أجل هذا، وقّع أكثر من خمسين موظفاً الأسبوع الماضي بياناً يطالبون فيه الإدارة بالعدول عن قرارها، واصفين هذا القرار بأنه غير عادل ومعاد للفلسطينيين. أعلن العاملون أنه ليس من الإنصاف منعهم من التعاطف الرمزي مع الفلسطينيين في الوقت الذي يتعرضون فيه للإبادة الجماعية، وأن مثل هذه القرارات المتسرعة من شأنها أن تُلحق الضرر بسمعة المتحف ومصداقيته. وقد أصدر العاملون هذا البيان على أمل أن تستمع قيادة المتحف إلى مخاوفهم، وتلتزم بإرث نوغوتشي النضالي وتسمح بتنوع وجهات النظر.

بدأ التصعيد والتحركات الاحتجاجية في منتصف هذا الشهر، حين استدعت الإدارة أحد العاملين للفت نظره إلى ضرورة عدم ارتداء الكوفية الفلسطينية داخل المؤسسة. كان العامل نفسه قد تلقى إنذاراً سابقاً بسبب ارتدائه قبعة مكتوب عليها "فلسطين حرة"، بزعم أنها تتعارض مع قواعد اللباس داخل المتحف التي تحظر الشعارات والصور. إلا أن موظفي المتحف رأوا أن الكوفية الفلسطينية لا تتعارض مع هذه القواعد التي تتحدث عنها الإدارة، فهي لا تتضمن أي كتابات أو صور احتجاجية، مُعتبرين أن هذا المنع يعد انتهاكاً للمساحة الشخصية للأفراد وحريتهم في التعبير وإعلان التضامن.
لم تكتف الإدارة بلفت نظر الموظف المذكور إلى عدم ارتداء الكوفية، بل أُوقف عن العمل مؤقتاً. وقد برّرت الإدارة هذا الإجراء بأن الملابس ذات الرمزية السياسية تجعل بعض الضيوف يشعرون بعدم الأمان. بعد هذا الإجراء، أعلن أكثر من 12 موظفاً إضراباً مؤقتاً عن العمل تضامناً مع زميلهم، ما اضطر إدارة المتحف إلى إغلاقه يوم 16 أغسطس/آب الحالي لمدة ثلاثة أيام لعجزها عن تقديم الخدمات للجمهور. على أثر ذلك، أصدرت إدارة المتحف بياناً مقتضباً أعربت فيه عن تقديرها لحرية التعبير لدى موظفيها ووجهات نظرهم الشخصية، غير أن البيان أعلن أيضاً تمسك الإدارة بقرارها وعدم العدول عنه.

دفع تمسك الإدارة بقرارها موظفي المتحف إلى إصدار عريضة جديدة يعلنون فيها التزامهم بالحفاظ على إرث مؤسس المتحف إيسامو نوغوتشي، الرجل الذي تعرض للظلم وكافح طوال حياته من أجل الدفاع عن المضطهدين.
أكد الموظفون في هذه العريضة الاحتجاجية أن القرارات التي اتخذتها إدارة المتحف بمنع ارتداء الكوفية الفلسطينية لا تخدم رسالة المتحف، كما أعلنوا رفضهم فصل السياسة عن المؤسسات الثقافية. ذكّر البيان أيضاً بأن الحي الذي يوجد فيه المتحف يتميز بالتنوع الثقافي والعرقي ويضم عدداً كبيراً من السكان الفلسطينيين، ويشكل حظر الكوفية تحدياً لهذا التنوع وسابقة غير معهودة للمؤسسة. وأمام صمت الإدارة وعدم تجاوبها مع البيان الأخير، أعلن العاملون في المتحف الدخول في إضراب جديد عن العمل بداية من يوم الأربعاء الماضي لإجبار الإدارة على الاستماع لمطالبهم.

المساهمون