مبلّغ جديد ووثائق مسربة تفاقم أزمة "فيسبوك"

23 أكتوبر 2021
تحاول "فيسبوك" التبرأ من دورها في أعمال الشغب التي وقعت في الكابيتول (سول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أيام من اقتحام مؤيدين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مبنى الكابيتول، حيث مقر الكونغرس، في يناير/كانون الثاني الماضي، أطلّت مديرة العمليات في شركة "فيسبوك"، شيريل ساندبيرغ، لتقلل من أهمية الدور الذي لعبه عملاق التواصل الاجتماعي في هذه الأحداث الدامية التي أسفرت عن قتل خمسة أشخاص.

وقالت ساندبيرغ حينها، في مقابلة مع وكالة "رويترز": "نعلم أن هذه الأحداث نُظمت عبر الإنترنت. أزلنا حسابات كيو أنون وبراود بويز وستوب ذا ستيل، وأي صفحات تطرّقت إلى عنف محتمل الأسبوع الماضي. تطبيقنا ليس مثالياً، لذا أنا متأكدة من أن بعض هذا المحتوى لا يزال موجوداً على فيسبوك. أعتقد أن هذه الأحداث نظمت إلى حد كبير على المنصات التي لا تتمتع بقدراتنا على إيقاف الكراهية، ولا تتبع معاييرنا، ولا تتمتع بشفافية".

لكن مستندات داخلية مسربة من "فيسبوك" كشفت العكس. الوثائق هذه، إضافة إلى بيانات أخرى داخلية، بينت أن الشركة كانت غير مستعدة أمام خطوات حركة "ستوب ذا ستيل" Stop the Steal التي استخدمت منصاتها في التنظيم، وأنها تحركت فقط حين اتخذت الحركة منحى عنيفاً.

الوثائق المذكورة قدمتها الموظفة السابقة في "فيسبوك"، فرانسيس هاوغين، لدعم ما كشفته في شهادة لها أمام "لجنة الأوراق المالية والبورصات". وقدمها مستشارها القانوني إلى الكونغرس بصيغة منقحة. وحصل على النسخ المنقحة كونسورتيوم من 17 وكالة أنباء أميركية، بينها "سي أن أن" و"واشنطن بوست" و"أسوشييتد برس" و"نيويورك تايمز".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

تركّز أحد مزاعم هاوغين بخصوص الشركة على اقتحام مبنى الكابيتول. وفي شهادة لـ"لجنة الأوراق المالية والبورصات"، قالت إن "فيسبوك" ضللت المستثمرين والجمهور، بشأن دورها في إطالة أمد وجود المعلومات المضللة والتطرف العنيف المتعلقة بانتخابات عام 2020 وأحداث يناير/كانون الثاني.

تنفي "فيسبوك" مزاعم هاوغين، وتقول إنها انتقائية في الوثائق التي اختارت عرضها، لتقديم صورة غير عادلة عن الشركة. ونشرت "فيسبوك" بياناً تذكّر فيه باستثماراتها الكبيرة لجعل منصّاتها مساحة آمنة ودعم الآلية الديمقراطية. وقال نائب رئيس المجموعة المكلّف السلامة المدنية، غي روزين، إن "مسؤولية التمرّد تقع على عاتق الذين خالفوا القانون ومَن حرّضوهم على ذلك".

"كان بإمكانها استباق المشكلة"

مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2020، بعد أيام من عملية الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأميركية، أبلغ محلّل على سبيل المثال زملاءه أن 10 في المائة من المحتويات السياسية التي شاهدها المستخدمون الأميركيون للمنصّة كانت رسائل تؤكد أن الانتخابات مزوّرة، وفقاً للصحف الأميركية التي اطلعت على الوثيقة الأخيرة. غذّت هذه الشائعة التي أطلقها ترامب ولم يقدّم أي دليل لإثباتها غضب عدد كبير من المحافظين والمؤمنين بنظرية المؤامرة الذي بلغ خلال الهجوم الدامي على مبنى الكابيتول، في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، لعرقلة المصادقة على فوز جو بايدن.

بعد أحداث يناير الدامية، حظرت منصات "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" حسابات ترامب، إضافة إلى حسابات حركات متطرفة ومتورطة في أعمال الشغب، وبينها "ستوب ذا ستيل" و"كيو أنون". وبحسب المعلومات الجديدة التي كُشفت الجمعة، فإن موظفين في المجموعة يعتبرون أنه كان بإمكانها استباق المشكلة.

"رحلة كارول إلى كيو أنون"

تتحدث المقالات التي نُشرت الجمعة أيضاً عن تقرير عنوانه "رحلة كارول إلى كيو أنون". وفقاً لوكالة "فرانس برس"، كان حساب باسم كارول سميث يدّعي أنه يعود "لأمّ محافظة من كارولاينا الشمالية" زائفاً، خلقه باحث تقاضى أجراً من "فيسبوك" مقابل دراسة دور المنصّة في استقطاب مستخدمين.

ووفقاً للباحث، فإن كارول سميث، واعتباراً من صيف 2019، تعرّضت من خلال خوارزميات موقع التواصل إلى "سيل من المحتويات المتطرّفة والمؤيدة لنظرية المؤامرة والصادمة"، بينها مضامين نشرتها مجموعات حركة "كيو أنون".

مبلّغ جديد

وظهر مبلّغ جديد لوثائق من "فيسبوك"، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الجمعة. وهذا المبلّغ هو عضو سابق في فريق السلامة المدنية للشركة، وأدلى بأقواله أمام "هيئة الأوراق المالية والبورصات" الأميركية في 13 أكتوبر/تشرين الأول، واتّهم "فيسبوك" بتفضيل الأرباح على المسائل الإنسانية، وهي التهمة نفسها التي وجّهتها لها هاوغين.

في هذه الوثيقة، يتحدث الموظف السابق في الشركة خصوصاً عن تصريحات أُدلي بها عام 2017، عندما كانت الشركة تقرر ما هي الطريقة الأفضل لإدارة الجدل المرتبط بتدخّل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أجريت عام 2016، من خلال منصّتها.

وقال عضو في فريق الاتصال لشركة "فيسبوك"، تاكر باوندز، آنذاك إن "ذلك سيكون حدثاً عابراً. سيعترض مسؤولون. وفي غضون بضعة أسابيع، سينتقلون إلى موضوع آخر. في الانتظار، نطبع أوراقاً نقدية في الطابق السفلي/ وكل شيء يجري على ما يرام".

ووفقاً لـ"واشنطن بوست"، فإن المبلّغ الثاني يؤكد في إفادته أن قادة "فيسبوك" يقوّضون بشكل منتظم جهود مكافحة المعلومات المضللة وخطابات الكراهية، خوفاً من إثارة غضب دونالد ترامب وحلفائه، وكي لا يخاطروا بخسارة اهتمام مستخدمين أساسيين لتحقيق الأرباح الضخمة.

ماذا كشفت فرانسيس هاوغين؟

يذكر أن هاوغين سربت وثائق داخلية من "فيسبوك"، سمحت لصحيفة "وول ستريت جورنال"، منتصف سبتمبر/أيلول، بنشر سلسلة من المقالات حول التأثير المضر لـ"فيسبوك" و"إنستغرام" على المجتمع.

ومن أبرز هذه الوثائق واحدة بينت أن 32 في المائة من المراهقات شعرن بأن استخدام "إنستغرام" منحهن صورة أكثر سلبية عن أجسادهن فيما لم يكنّ راضيات أصلاً عنها. وأكدت المهندسة العاملة سابقاً في "فيسبوك" أن شبكة التواصل مدركة جيداً لهذا الانحراف.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

وقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أدخلت "فيسبوك" تعديلات على خوارزمياتها للحد من انتشار المعلومات المضللة. لكن، وفقاً لهاوغين "بمجرد انتهاء الانتخابات" أعادت المجموعة الخوارزميات كما كانت عليه، "بهدف إعطاء الأولوية للنمو على السلامة". وأضافت "كان هناك تضارب في المصالح بين ما هو مفيد للجمهور وما هو مفيد لفيسبوك"، مشيرة إلى أنّه "مرة تلو الأخرى، وضعت المجموعة مصالحها أولاً، أي كسب المزيد من المال".

وكشفت هاوغين أنه بعد إعادة الخوارزميات القديمة استخدم الكثير من مشتركي "فيسبوك" المنصة للحشد لأحداث 6 يناير/كانون الثاني الماضي التي أدت إلى اقتحام مبنى الكابيتول. وقالت هاوغين إن تغييراً أجري عام 2018، في تدفق المحتوى، ساهم في مزيد من الانقسام بين مستخدمي الشبكة.

المساهمون