ماجدة الرومي: بيروت مرة أخرى

06 اغسطس 2023
مشكلة "عندما ترجع بيروت" لا تقتصر على ضعف صوت الرومي (الأناضول)
+ الخط -

من شبه المستحيل أن تحقّق أي أغنية عن بيروت أو لبيروت النجاح الذي حققته أغنية "بيروت ستّ الدنيا" التي أدتها ماجدة الرومي ضمن ألبومها الأنجح "كلمات" الصادر عام 1991.

غنّت ماجدة الرومي وقتها قصيدة نزار قباني، وكانت بيروت في السنوات الأولى لـ"السلم الأهلي" الذي أعقب حرباً استمرت عقداً ونصفاً، وقد لحن القصيدة ووزعها الموسيقي المصري الراحل جمال سلامة.
بعد هذه الأغنية، غنى عشرات الفنانين لبيروت ولمدن وعواصم عربية أخرى، منها قصائد لنزار قباني ومنها لشعراء آخرين. أغانٍ رافقت مناسبات حزينة أو سعيدة، لكن أياً منها لم تحقق النجاح الذي حققته أغنية ماجدة الرومي.

قبل أيام، وبالتزامن مع الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت (4 أغسطس/ آب 2020)، اختارت الرومي تكرار تجربة الغناء للعاصمة اللبنانية، واختارت أيضاً قصيدة لنزار قباني، فغنّت "عندما ترجع بيروت" من ألحان يحيى الحسن وتوزيع ميشال فاضل.

على الرغم من أن كلمات الأغنية الجديدة بسيطة وقريبة إلى القلب والوجدان العام، تحديداً في مناسبة عاطفية كانفجار المرفأ، وعلى الرغم من أن الاستعانة بفرقة أوركسترالية أضافت طابعاً جنائزياً وشجناً إضافياً على القصيدة، فإن مقارنتها بـ"بيروت ست الدنيا" تكاد تكون مستحيلة. والسؤال هنا: لماذا تستعيد ماجدة الرومي حكايات وأشعار قباني وتقولبها وتعيد تقديمها، خصوصاً أن الزمن تغيّر، وبيروت تغيّرت، ودمارها تغيّر؟

تقنياً وفنياً، عند الاستماع إلى الأغنية، يمكن ملاحظة تقارب صوت الرومي مع اللحن والأوركسترا من دون أن ينصهر ضمنهما، فبدا تسجيل الصوت مع الموسيقى غير موفّق، في خطوة ناقصة من القائمين على التوزيع الموسيقي والتسجيلي. هكذا بدا صوت الفنانة اللبنانية مرتجفًا، ومخنوقًا، لم يخضع لتقنية "الماسترينغ" المفترض أن تكون آخر المراحل في تسجيل الأغاني أي بعد مرحلة الميكساج، ما يفترض أن يشكل أو يساهم في "جمال" الأغنية وإبراز الصوت بالطريقة التي تناسب المغنية بداية وتراعي اللحن وكلمات القصيدة ثانياً.


لكن مشكلة "عندما ترجع بيروت" لا تقتصر على ضعف صوت الرومي، ولا على المشاكل التقنية المرافقة، بل إن الفيديو كليب نفسه (إخراج شربل يوسف) بدا متكلفاً جداً لجهة السيناريو: ماجدة الرومي في محفل دولي (في اتساق مع صورتها كمغنية لبنانية ببعد عالمي) ثمّ انتقالها إلى خلفية موسيقى جنائزية بصورة سوداء، وحزن واضح. نخرج من سواد الموت، إلى الرومي متجولة في سيارة قرب مكان الانفجار، فنراها تتابع انهيار أهراءات القمح (الشاهد التاريخي على المرفأ ثم على دماره)، في انقطاع لتسلسل الصور في الفيديو. بصمت تمر الرومي أمام المرفأ، وبحزن نراه واضحاً وحقيقياً بعينيها. صمت أكثر تعبيراً عن كل ما حاولت الأغنية قوله.

تعبر ماجدة الرومي الامتحان بدرجة جيدة، وإن بعيدة جداً عن أدائها في "بيروت ست الدنيا"، وتستعيد غناء القصائد بعد غياب، وتراهن على جهة إنتاج واحدة، يمكن أن تكون رؤيتها محدودة، لكن ذلك لا يؤثر على مسيرة مغنية عُرفت بنجاحها الفني لعقود طويلة، وهو ما ينعكس بنسبة المشاهدة العالية لأغنيتها الجديدة.

المساهمون