تشعر منظمات رعاية الأطفال منذ شهور بالضغط، بالتزامن مع الحجر في المنزل نتيجة فيروس كورونا الجديد؛ بسبب مؤيدي نظرية المؤامرة QAnon (كيو آنون) الذين ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، وينشرون مغالطاتهم على أوسع نطاق.
تقول نظرية المؤامرة هذه إن الرئيس الأميركي الخاسر في انتخابات 3 نوفمبر/ تشرين الثاني دونالد ترامب هو بطل يحارب في معركة ضد "الدولة العميقة" وعصابة شريرة من السياسيين الديمقراطيين والمشاهير الذين يسيئون إلى الأطفال.
ولهذا ينخرط المؤمنون بهذه النظرية في جهود مزعومة "لمساعدة الأطفال المعتدى عليهم"، بحسب وصفهم، من خلال الاتصال بخطوط مجموعات رعاية الأطفال، وهو ما يزيد من الضغط على الأخيرة.
وتفاقمت المشكلة لدرجة أنّ إحدى هذه المنظمات، واسمها Childhelp، تقول إنها اضطرت إلى إعداد رسالة استجابة تلقائية على الخط الساخن لتصفية المتصلين من مؤيدي QAnon.
وقالت كبيرة مسؤولي الاتصالات في المنظمة، دافني يونغ، لشبكة CNN: "إذا كان لديك مستشار على الخط الساخن يأخذ وقتاً للتحدث إلى شخص ما يناقش نظرية مؤامرة، فقد يكون هناك طفل ينتظر في الصف التالي".
ويمثل ظهور QAnon، وحركتها خارج الإنترنت وعلى الخطوط الساخنة لمنظمات رعاية الطفل، أحدث المشاكل التي تعترض الجهود المبذولة لحماية الأطفال المعرضين للخطر في أثناء الوباء.
وأظهرت الأرقام المقدمة إلى CNN من الولايات من أنحاء البلاد في الأشهر الأولى من تفشي الوباء، انخفاضاً كبيراً في تقارير إساءة معاملة الأطفال، حيث أدت إجراءات التباعد الاجتماعي إلى إبقاء الأطفال خارج المدرسة. أخبار كهذه تكون عادةً أخباراً مرحباً بها، لكن يقول الخبراء إن الانخفاض قد يعني أن المزيد من الحالات يمرّ من دون أن يلاحظها أحد.
ونتيجة لذلك، تحملت مجموعات الرعاية الاجتماعية مثل Childhelp عبء عرض المساعدة، بشكل متزايد، ولا سيما في ضوء الاستجابة الصامتة من وزارة التعليم الأميركية، وفق ما تقول الشبكة.
لكن نظرية المؤامرة QAnon الآن تزيد من إجهاد المنظمة، وتقول يونغ إن "الضرر أكبر مما يدركه الناس".
تشرح يونغ أنه "إحدى نظريات المؤامرة تقول إذا كان الناس يبكون باستمرار بشأن إساءة المعاملة يوماً بعد يوم على وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يعني أن الإساءة ليست حقيقية؛ أي أن كل شخص هو جزء من عصابة جماهيرية تشرب دماء الأطفال. يرى مؤيدو هذه النظرية حرفياً أنّ هناك أناساً يشربون من غدد الأطفال الكظرية ليظلوا صغاراً، هذا الجنون يحرم طفلاً يطلب المساعدة، أو والداً يحتاج إلى موارد".
وقد تردد صدى هذه الرسالة بين مجموعات رعاية الأطفال الأخرى، التي أصبحت صريحة بشكل متزايد مع المخاوف من أنّ مؤيدي QAnon يطمسون الفرق بين نظريات المؤامرة الخاصة بهم، وعمل منظمات المساعدة.
مؤسسة KidSafe، التي تهدف إلى حماية الأطفال من الاعتداء الجنسي والصدمات، نشرت بياناً شديد اللهجة على موقعها الإلكتروني يسخر من مروجي هذه النظرية باعتبارهم "طفيليات".
وأوضحت: "لتنمية بصمتهم، واكتساب المصداقية، ونشر المعلومات الخاطئة، فإنهم يربطون رسالتهم الخاصة بالكراهية والتعصب بمنظمات معروفة ومحترمة، خاصة تلك التي تعمل على إنهاء الاعتداء الجنسي على الأطفال والاتجار بالجنس. وتهدد هذه الاستراتيجية بتقليل قوة هوياتنا وتلطخ سمعتنا وتضر بأعمالنا الصالحة".
ونشرت أكثر من 100 منظمة مناهضة للاتجار ورعاية الأطفال رسالة مفتوحة تحذر من المخاطر التي يشكلها أتباع النظرية على عملهم.
وقالت الرسالة: "نيابة عن مجال غير حزبي يعاني من نقص التمويل ومخصص لإنهاء هذا الشكل المروع من الاستغلال وسوء المعاملة ومساعدة أولئك الذين نجوا من ذلك، نحثكم على التعامل مع الاحتياجات الحقيقية بدلاً من الروايات ذات الدوافع السياسية والخطيرة للغاية التي تضرّ بالأشخاص الذين يزعمون أنهم يتحدثون باسم الضحايا والناجين والأطفال والأسر والمجتمعات الضعيفة ".