رفضت لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب المصري بيان وزير الدولة للإعلام، أسامة هيكل، الذي ألقاه أمام البرلمان في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
ورصدت اللجنة تقصيراً في أداء الوزير منذ توليه منصبه نهاية عام 2019، ومخالفته المادة الـ 166 من الدستور، والمادة الـ 79 من قانون شركات المساهمة، من خلال جمعه بين الحقيبة الوزارية ورئاسة مجلس إدارة "الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي".
وأورد التقرير، الذي حمل توقيع رئيسة اللجنة، وزيرة الإعلام السابقة درية شرف الدين، أن هيكل رفع بدل حضور اجتماعات أعضاء مجلس إدارة "مدينة الإنتاج الإعلامي" إلى 6 آلاف جنيه، ومكافأته إلى 20 ألف جنيه، مشيراً إلى تجاوز راتبه الشهري من الشركة حاجز المئة ألف جنيه، بخلاف ما يتقاضاه في منصبه كوزير الدولة للإعلام، بما يزيد على الحد الأقصى للدخل المقرر قانوناً في مصر.
واتهم التقرير هيكل بـ"إهدار نحو 12 مليون جنيه من الموازنة العامة للدولة، خلال 6 أشهر من توليه منصبه الوزاري، وتورطه في شراء فندق "موفنبيك" بمبلغ 300 مليون جنيه، على الرغم من امتلاك شركة الإنتاج الإعلامي للفندق، وإسناده تطوير مدينة "ماجيك لاند" لإحدى الشركات بالأمر المباشر من دون إعلان، ما يمثل مخالفة لقانون تنظيم التعاقدات رقم 182 لسنة 2018".
وأفاد بأن "التشابك بين اختصاصات هيكل، والهيئات الصحافية والإعلامية الثلاث، ترتب عليه صراعات ونزاعات تضرّ بالدولة المصرية أكثر مما تفيدها"، مستشهداً بـ"حدوث انفصام بين الوزير والمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي استغلته القنوات المعادية (المعارضة) في الخارج، كذريعة لمهاجمة الإعلام الرسمي للدولة، والذي يحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة للدفاع عن الكيان الوطني، وخطة محددة لتسوية ديون الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام".
وأدان التقرير غياب التنسيق بين الوزير والهيئتين، بشأن وضع آليات لخطة تطوير مبنى ماسبيرو (اتحاد الإذاعة والتلفزيون سابقاً)، ومعالجة مشكلات العاملين فيه، ولا سيما مشكلة التفاوت في الأجور بين العاملين في المحطات الفضائية الحكومية والخاصة، محملاً الوزير مسؤولية "عدم تطوير شبكات الإذاعة المحلية، والقنوات الإقليمية، وكذلك تطوير المؤسسات الصحافية القومية، وإصداراتها الورقية".
وأضاف التقرير: "رغم وجود وزير دولة للإعلام، وجهاز معاون له، إلا أنه لم يجد حلاً لمواجهة القنوات الإعلامية المعادية (المعارضة) مثل (الشرق) و(مكملين)، التي تبث برامجها من خلال القمر الاصطناعي الفرنسي، الذي يدور في مدار القمر المصري نفسه، إلى جانب عدم وضع خطة لتوعية المواطن المصري على خطورة ما تبثه هذه القنوات، وتشكيكها في أي إنجاز تحققه الدولة على أرض الواقع".
وتابع: "وزير الدولة للإعلام وقع في خطأ جسيم، حينما تعرّض بالنقد لإعلام الدولة، وشكك في وطنيته، ما استغلته القنوات في الخارج للهجوم على مؤسسات الدولة"، مستكملاً: "الوزير عجز عن أداء الهدف الأساسي الذي عُين من أجله في منصبه، وهو وضع استراتيجية قوية وفاعلة في مواجهة وسائل الإعلام المناوئة للدولة المصرية"، في إشارة إلى نظام الرئيس، عبد الفتاح السيسي.
وختم التقرير: "نشاط الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي اقتصر في أغلبه على تأجير الاستوديوهات للقنوات الفضائية، من دون الشروع في الإنتاج الإعلامي، وهو ما يظهر بوضوح في ضآلة أرباح الشركة مقارنة برأسمالها البالغ ملياري جنيه، وهبوط أسهمها الدفترية، وهو ما يمثل أخطاءً مالية وإدارية تستوجب مساءلة المسؤول عنها".
وكانت حرب كلامية قد نشبت بين هيكل، الذي يرتبط بعلاقات واسعة مع قيادات في الجيش، وعدد من الإعلاميين الخاضعين لسيطرة الضابط النافذ في جهاز المخابرات العامة، أحمد شعبان، وفي مقدمتهم رئيس تحرير صحيفة "اليوم السابع"، خالد صلاح، ورئيس مجلس إدارة صحيفة "الدستور"، محمد الباز، وعضو "الهيئة الوطنية للصحافة"، الكاتبة فاطمة سيد أحمد.
وقال مصدر إعلامي مطلع لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، إن شعبان أعطى أوامره لعدد من الإعلاميين، الذين يطلق عليهم في مصر "الأذرع الإعلامية"، بـ"فضح هيكل عبر منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الحكومية والخاصة، تمهيداً لإطاحته من منصبه، على خلفية الصراع الدائر بينهما حول بعض الاختصاصات، وانتقاد الوزير تغول ضابط المخابرات في المشهد الإعلامي المصري في الجلسات المغلقة".
وأضاف المصدر أن "الحملة ضد هيكل ستستمر إلى حين إعفائه من منصبه ضمن تعديل وزاري محدود، في ظل ما يتمتع به شعبان من نفوذ لدى مؤسسة الرئاسة، بوصفه مديراً لمكتب رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، الذي يعتبر كاتم أسرار السيسي، منذ شغله منصب مدير مكتبه حين كان وزيراً للدفاع".