لبنان: عناصر يتبعون "حزب الله" يحتجزون صحافيَّيْن أجنبيَّيْن

28 يونيو 2021
إدانات حقوقية وصحافية للأمر (أنور عمرو/Getty)
+ الخط -

تعرّض ماثيو كيناستون، الصحافي البريطاني في موقع "ناو ليبانون" الإخباري (يغطي أخبار لبنان والمنطقة باللغة الإنكليزية)، والمراسلة الألمانية التي تعمل بشكلٍ مستقل ستيلا مانر، اليوم الاثنين، للاحتجاز على طريق مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت من قبل شبّانٍ عرّفوا عن أنفسهم بأنهم ينتمون لـ"حزب الله"، وذلك أثناء تغطية أزمة الوقود في لبنان، وفق ما أفاد الموقع.

ونشر "ناو ليبانون" خبراً ذكر فيه تفاصيل ما حدث، مشيراً إلى أن "ماثيو وستيلا كانا في تغطية صحافية لأزمة البنزين في إحدى محطات الوقود على طريق المطار في بيروت، عندما أتى اليهما شبّان وطلبوا رؤية جواز سفر ماثيو وهاتفه الخلوي، الذي بدوره عرّف عن نفسه بأنه صحافي وأبرز بطاقته الصحافية، وهذا ما قاله ماثيو في رسالة صوتية بعثها إلى محرّر الموقع، ذكر فيها أيضاً أنهم لم يسمحوا لهما بالمغادرة".

وأوضح الموقع أن ماثيو (33 عاماً)، الذي انضمّ قبل أشهرٍ إلى أسرة "ناو" في لبنان، تمكن قبل أخذ هاتفه من إرسال رسالة صوتية إلى زميلٍ له في "ناو"، سُمِعَ فيها بوضوح أحد الرجال وهو يتوجه إليه بالقول "لدي الحق في أخذ هاتفه، لدي الحق في أخذ هاتفه من دون موافقته"، مشيراً إلى أن "هذه كانت آخر رسالة بعثت من هاتفه عند الساعة 2:39 من بعد ظهر الاثنين، قبل أن يصبح الهاتف خارج الخدمة".

ولفت الموقع إلى أن "محاولات حصلت للاتصال بمكتب "حزب الله" الإعلامي للحصول على التفاصيل، لكن لم نتلق ردّا حتى ساعة النشر"، موضحاً أيضاً أن "ماثيو اختار محطة الوقود هذه نسبةً إلى إشكالات أمنية كثيرة سجلت فيها، تطلبت تدخل العناصر الأمنية مع استمرار التوتر بين السائقين العالقين في الطابور لساعاتٍ بهدف ملء خزانات سياراتهم بالوقود جزئياً".

ونشرت رئيسة تحرير موقع "ناو ليبانون" آنا ماريا لوقا التفاصيل أيضاً على حسابها عبر "تويتر"، وكشفت أن المراسلة الألمانية أرسلت موقعها عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم إلى أحد اصدقائها لتظهر أنها كانت موجودة على طريق المطار قبل أن يفقد الاتصال بها، ولفتت إلى أن ماثيو توجه إلى محطة "الأيتام" على طريق المطار برفقة ستيلا التي تعرضت أيضاً للتوقيف.

من جهته، قال رئيس البعثة والقائم بالأعمال في السفارة البريطانية مارتن لوندغن، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر": "تواصلت مع السلطات اللبنانية منذ لحظة معرفتي بالحادث بعد ظهر اليوم، وعلمت أن ماثيو بات تحت رعايتهم وأنا ممتن لتعاونهم".

في المقابل، وضع القائم بالأعمال في السفارة البريطانية ما حدث في خانة "الخطير والمثير للقلق"، مشدداً على أنه "يجب ألاّ يمنع أي صحافي من أداء وظيفته المشروعة"، ومؤكداً أن "الصحافة الحرّة أمرٌ في غاية الأهمية على صعيد الديمقراطية في لبنان".

هذا وأرفقت آنا خبراً، ربطاً بالمادة التي كان ماثيو يعمل على تغطيتها وهي بيان صادر عن إدارة محطات "الأيتام"، تفيد بأن "المحطة على طريق المطار ومنذ بداية الأزمة تعمل جاهدة على تأمين المحروقات، وتسعى الإدارة جاهدة لتأمين الكميات ولو بالنذر اليسير لكي تستمرّ بالعمل ما أمكنها".

وقال البيان، الذي نشرت نصّه "الوكالة الوطنية للإعلام": "اليوم وبعد خروج الوضع عن السيطرة، كون محطة طريق المطار من المحطات القلائل في لبنان المستمرة بالخدمة، فإننا نناشد القوى الأمنية والجيش اللبناني وأمن الدولة، وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، التدخل وضبط الأمر وتنظيم عملية التعبئة للسيارات والدراجات النارية ومعالجة تسكير الطريق، لأن الوضع أصبح خطيراً جداً ولا يمكن تحمل تبعاته"، داعيةً الجهات المعنية للكشف على المخزون المتوافر في الخزانات، لأننا سنضطر إلى إقفال المحطة وتوقيف عملية التعبئة تلافياً للفوضى العارمة وحصول ما لا تحمد عقباه".

وسريعاً، تابعت مؤسسة سمير قصير (مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية في بيروت) القضية، وقالت الباحثة في "سكايز" وداد جربوع، لـ"العربي الجديد"، إن كيناستون تعرض للتوقيف من قبل شبّان عرّفوا عن أنفسهم بأنهم عناصر من حزب الله اللبناني، وذلك في خلال تغطيته أزمة البنزين أمام محطة الوقود، وطلبوا منه أوراقه، وعلى الرغم من إبراز بطاقته الصحافية، لم يكتفوا بذلك وطلبوا جواز سفره، وصادروا هاتفه الخلوي، ولاحقاً علمنا أنه أيضاً تم توقيف الصحافية الألمانية ستيلا مانر.

ودانت جربوع الاعتداءات المستمرّة التي تطاول الصحافيين، مستنكرةً أن يطلبَ عناصر ليسوا بأمنيين أوراقاً أو جواز سفر أو بطاقات تعريف من أي شخص أو صحافي أو مصوّر، وهي ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها صحافيون ومصورون للاعتداء، وأحدثها في 11 يونيو/حزيران الحالي ربطاً أيضاً بأزمة المحروقات، حيث تعرض المصور في صحيفة "نداء الوطن" رمزي الحاج للاعتداء على يد خمسة شبان لم يعرّفوا عن أنفسهم أنهم ينتمون إلى جهة معيّنة، وقاموا بدفعه وشتمه وتحطيم كاميرته وتمزيق بطاقته الصحافية، وذلك أثناء تصويره ازدحام الدراجات النارية على محطة المقداد على طريق المطار.

وفي وقتٍ تردد أن توقيف الصحافي البريطاني يعود لمشاكل في أوراقه، دان حقوقيون وصحافيون قيام عناصر حزبية بالتحقيق مع ماثيو ومصادرة هاتفه وطلب أوراقه الثبوتية وبطاقته الصحافية، فحلّوا محلّ الدولة والأجهزة الأمنية التي هي عليها، في حال وجود مخالفة، أن تقوم باللازم وفق الأصول القانونية، خصوصاً أن الكثير من المراسلين والمصوّرين يتعرضون في الفترة الأخيرة خلال تغطية أزمة المحروقات والتحركات الاحتجاجية، ولا سيما في مناطق محسوبة على أحزاب لبنانية ضمن بيروت، إما للاعتداء أو لمصادرة الهواتف وحذف فيديوهات التقطت أثناء قيامهم بمهامهم الصحافية، وطلب البطاقات -التعريفية.

المساهمون