من المتوقع في المستقبل القريب جدًا أن نجد على رفوف السوبرماركت وطاولات المطاعم لحوما مزروعة في المختبر تحاكي قطع اللحم البقري في الشكل والملمس، وإن اختلفت عنها من حيث الطعم والبنية.
ما هي اللحوم المزروعة؟
اللحوم المستنبتة بالمختبر، أو اللحوم الخالية من الذبح، أو اللحوم النظيفة، أو اللحم الصناعي، كلها مصطلحات للتعبير عن اللحوم التي تُصنّع عبر أخذ خلايا جذعية من لحوم ماشية حية، ثم زراعتها وتنميتها في وسط مناسب (مصل مأخوذ من أجنة الأبقار النافقة) يوفر لها ما تحتاجه من العناصر الغذائية والهرمونات وعوامل النمو. وتستغرق العملية من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حسب نوع اللحم الذي يتم إنتاجه، حيث تبدأ الخلايا الجذعية العضلية بالتوسع والتحول إلى ألياف عضلية. وعندما تجتمع كمية كافية من هذه الألياف تتكوّن قطعة من اللحم الكاملة وتتشكل على شكل برغر أو ناغتس أو شرائح دجاج.
تتمتع هذه اللحوم بمزايا صحية مختلفة، أبرزها:
انخفاض نسبة الدهون الضارة: تتمتع اللحوم المزروعة بانخفاض نسبة الدهون المشبعة، بحيث تحتوي على المزيد من البروتين والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (أحماض أوميغا 3) مقارنة باللحوم التقليدية. بالإضافة إلى إمكانية تقليل الدهون المشبعة أو التخلص منها في كل قطعة برغر أو نقانق أو شريحة لحم، ما قد يقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع 2.
مقاومة أقل للمضادات الحيوية: غالباً ما تعطى الماشية التي يتم تربيتها تقليديًا المضادات الحيوية بكثرة بهدف مكافحة الأمراض التي تصيبها وتؤثر على حياتها أو إنتاجيتها. وهذا يعني أن الإكثار من استهلاكها قد يؤدي إلى حصول مقاومة في جسم الإنسان للمضادات الحيوية، فتضعف فعالية الأدوية في القضاء على العدوى، وقد يعني ذلك مشاكل صحية أو وفيات. كل هذه المشاكل يمكن تجنبها عن طريق استهلاك اللحوم النظيفة المصنعة مخبريا، إذ إن إنتاجها لا يتطلب استخدام أي مضادات حيوية.
تلوث أقل: تزرع اللحوم المستزرعة في بيئة معقمة، وبالتالي فمن غير المرجح أن تسمح بنمو البكتيريا الخطيرة مثل السالمونيلا أو الإشريكية القولونية (التي تعيش في فضلات الحيوانات)، وغيرها من الملوثات التي قد تتواجد في مصنع معالجة اللحوم.
المزايا البيئية
اللحوم المستزرعة في المختبرات لا تستنزف الموارد البيئية، فمع ارتفاع الطلب العالمي على اللحوم، ونظرا لقلة المراعي الطبيعية التي لا تتناسب مع النمو السكاني العالمي المتزايد (من المتوقع أن يصل عددهم إلى نحو 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050)، يتم تحويل المزيد من أراضي الغابات إلى مزارع وحقول المحاصيل. وتعتبر اللحوم المستزرعة أحد الحلول الممكنة لأزمة الغذاء العالمية، إذ تتطلب مساحة أقل بكثير وتستخدم مياهًا أقل، وتنتج تلوثًا أقل مقارنة بالتربية التقليدية.
وللتوسع في اللحوم المصنعة مخبريا فوائد في تخفيف التغير المناخي الناجم عن ارتفاع درجة حرارة الجو نتيجة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (الميثان وثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتريت). يقدر الباحثون أن اللحوم المستزرعة يمكن أن تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن التربية التقليدية للماشية، وعن تجهيز الأراضي وتسميدها لإنتاج العلف. إضافة لكونها ألطف على الحيوانات فبينما يتطلب تناول اللحوم بالطريقة التقليدية قتل حيوان، لا تتطلب اللحوم المستزرعة إلا عينة صغيرة من الأنسجة تؤخذ من خلايا حيوان حي. ويتوقع الباحثون أن تطوير هذه التكنولوجيا يمكن أن يساعد في حماية بعض الأنواع المهددة بالانقراض.
التحديات والمشاكل
لا يزال إنتاج هذه اللحوم مكلفا للغاية فالأدوات المعملية والبيئة الصناعية لاستزراع هذه الخلايا مكلفة جداً، ولضمان وصولها إلى المستهلكين يجب خفض هذه التكلفة، وهو أمر متوقع مع تقدم تقنيات استزراع اللحوم والمنافسة بين المصنعين.
قبولها من قبل المستهلك
نظرًا إلى أن اللحوم المزروعة في المختبر تحتوي على خلايا حيوانية، فإنها لا تعتبر نباتية والعديد من النباتيين مترددون في كيفية قبولهم لهذا النوع من الطعام. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من أتباع الديانات المسلمة واليهودية والهندوسية ليسوا متأكدين مما إذا كان تناول اللحوم المستزرعة يتوافق مع معتقداتهم.
أثرها على صحة الإنسان
المنتج النهائي لهذه اللحوم لا يزال بحاجة إلى تحاليل مهمة، من حيث مكوناته من البروتينات والأحماض الأمينية والعناصر البيوكيميائية الناتجة أثناء النمو، خصوصًا أن السوائل المستخدمة في إكثار الخلايا قد تحتوي على العديد من الإضافات الكيميائية والمستخلصات الحيوانية المساعدة على النمو.