قبل أيام، أصدر الممثل السوري قصي خولي أغنية راب جديدة حملت عنوان "القصة كلها"، بالشراكة مع الرابر السوري إسماعيل تمر. وهي التجربة الثانية لقصي خولي في مجال الغناء، بعد أن قدم قبل سنتين أولى أغانيه، "سوري قديم"، بالتعاون مع إسماعيل تمر أيضاً. وقد تم طرح الأغنية الجديدة على طريقة الفيديو كليب على قناة إسماعيل تمر على يوتيوب، وهي من إخراج إبراهيم قاسم، وألحان وتوزيع جمال ياسين.
لم تحقق أغنية قصي خولي الأولى، "سوري قديم"، أي نجاح يُذكر، بل طاولها، عندما طُرحت، وابل من الانتقادات والتعليقات السلبية؛ فالجمهور عموماً لم يتقبل تحوّل قصي خولي من التمثيل نحو الغناء، ولا سيما أن خولي لا يتمتع بصوت جميل، وأداءه بدا ضعيفاً للغاية ومغرقاً بالبكائية والافتعال، ناهيك عن السطحية التي تم بها تناول موضوع الأغنية، أي الاغتراب والحنين، باستخدام كلمات مبتذلة وممجوجة يرافقها كليب رديء.
كل ذلك، جعل البعض يصفون تجربة قصي خولي الغنائية بأنها الأسوأ بين جميع التجارب المشابهة والمتزامنة معها، في الموجة التي ضمت عددا كبيرا من الممثلين السوريين، الذين اتجهوا للغناء فجأة في الأعوام الخمسة الماضية، مثل نسرين طافش وسامر المصري وأيمن رضا وديمة قندلفت؛ ما دفع الجمهور إلى أن يتكهن بأن قصي خولي لن يكرر التجربة ثانيةً، وهو أيضاً ما جعل عودته للغناء مجدداً أمراً مفاجئاً تماماً.
بالتالي، لا يمكن إنكار أن أغنية "القصة كلها" جاءت أعلى من سقف التوقعات، فهي بلا شك تتفوق على "سوري قديم" بكل عناصرها؛ فصوت قصي خولي بدا فيها أفضل حالاً بمقاطع الراب التي يؤديها بتأنٍ، ومن دون المبالغة في استعراض الإحساس الزائف الذي اعتمده بأغنيته الأولى. وحتى الفيديو كليب بدا أفضل حالاً رغم بساطته المفرطة واقتصاره على لقطات بسيطة أُخذت داخل استوديو التسجيل وتفتقد للعناصر الجمالية الكافية، ولكنه على الأقل يخلو أيضاً من الابتذال الذي اتسم بهم الكليب الماضي. والأهم من ذلك، هو الموسيقى المستخدمة في الأغنية الجديدة، التي بدت أكثر تطوراً وديناميكية من سابقتها، وفيها نقلات جميلة حقاً بين الموسيقى الإلكترونية والإيقاعات الشرقية.
ربما كانت الموسيقى التي صنعها جمال ياسين بإتقان ستنتج أغنية أفضل بكثير لولا رداءة صوت الثنائي، قصي خولي وإسماعيل تمر، التي تصل إلى أوج رداءتها باللازمة التي يؤديانها معاً بطريقة الكورس على أنغام الإيقاعات الشرقية؛ لينتج عن ذلك صوت كورس هو الأسوأ في الموسيقى العربية الحديثة، قوامها أصوات قبيحة وعريضة تستعرض ذكورتها، وتردد كلمات عن القيم والمثاليات في المجتمعات الأبوية، لتزيد الأمور سوءاً وقبحاً.
والأسوأ من الأغنية نفسها، أن بثها تزامن مع الإعلان عن اختيار قصي خولي ليكون عضواً في لجنة تحكيم النسخة العربية من برنامج The masked singer، الذي تعده شبكة "إم بي سي"، وهو برنامج مسابقات للمواهب الخاصة بالغناء والأداء التمثيلي تحت القناع. يفتح ذلك أبواب التساؤل حول المعايير التي يتم اختيار أعضاء لجان التحكيم وفقاً لها؛ فهل تكفي النجومية التي حققها قصي خولي كممثل أن تضعه في هذه الخانة، ليقيّم تجارب المغنيين المشاركين، وهو الذي أثبت فشله في هذا المجال مرةً تلو الأخرى؟