قراصنة إيرانيون يبيعون رسائل إلكترونية مسروقة من حملة ترامب

25 أكتوبر 2024
دونالد ترامب خلال تجمع انتخابي في ولاية جورجيا، 15 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اخترقت مجموعة القرصنة الإيرانية "مينت ساندستورم" حملة ترامب الرئاسية وسرقت رسائل البريد الإلكتروني، وباعتها لجهات سياسية وصحافيين، مما أثار قلقاً بشأن التأثير الإيراني على الانتخابات الأميركية.
- بدأت التسريبات في يوليو، حيث تواصل القراصنة مع صحافيين عبر بريد إلكتروني مجهول، وبدأت منظمة "أميركان ماكراكرز" في نشر الرسائل في سبتمبر، رغم رفض بعض المؤسسات الإعلامية.
- أثارت التسريبات اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي حذر من تأثير أجنبي خبيث، بينما نفت إيران تورطها ووصفت الاتهامات بأنها لا أساس لها.

نجحت مجموعة قرصنة إيرانية اتهمت باعتراض رسائل البريد الإلكتروني لحملة المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب في نشر المواد المسروقة، بعد أن فشلت في بادئ الأمر في إثارة اهتمام وسائل الإعلام التقليدية.

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، بدأ القراصنة في بيع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بحملة دونالد ترامب إلى أحد المعاونين السياسيين في الحزب الديمقراطي، والذي نشر مجموعة من المواد على الموقع الإلكتروني لحملته للعمل السياسي المعروفة باسم "أميركان مكراكرز".

كذلك، باع القراصنة أيضاً الرسائل لصحافيين مستقلين، ونشر أحد الصحافيين على الأقل تلك الرسائل على منصة المنشورات المكتوبة ساب ستاك. وتظهر هذه المواد عمليات تواصل لحملة ترامب مع مستشارين خارجيين وحلفاء آخرين لبحث مجموعة من الموضوعات قبل انتخابات 2024.

وتتيح أنشطة القراصنة لمحة نادرة عن جهود التأثير في الانتخابات. كما تظهر أيضاً، بحسب "رويترز"، سعي إيران للتأثير على الانتخابات على الرغم من لائحة اتهام أصدرتها وزارة العدل الأميركية في سبتمبر/ أيلول الماضي تتهم قراصنة إلكترونيين بالعمل لصالح طهران وانتحال شخصيات مزيفة، بحسب وكالة رويترز.

وذكرت لائحة الاتهام أن مجموعة قرصنة ذات صلة بالحكومة الإيرانية، ومعروفة باسم "مينت ساندستورم" أو "إيه بي تي 42"، اخترقت العديد من موظفي حملة ترامب بين مايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيين بسرقة كلمات المرور الخاصة بهم.

وحذرت وزارة الأمن الداخلي في مذكرة إرشادية منشورة في وقت سابق هذا الشهر من أن القراصنة يواصلون استهداف موظفي الحملة، علماً أن هؤلاء القراصنة يواجهون أحكاماً بالسجن وغرامات إذا ثبتت إدانتهم.

وقالت لائحة الاتهام الصادرة عن وزارة العدل إن مسربي المعلومات هم ثلاثة قراصنة إيرانيين يعملون مع قوات الباسيج، وهي قوة من المتطوعين موالية للمؤسسة الدينية وتساعدها في إنفاذ قواعدها. ولم تنجح محاولات التواصل عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية مع القراصنة المحددين بالاسم في لائحة الاتهام.

وفي محادثات مع "رويترز"، لم يتناول مسربو المعلومات، ويُعرفون جميعاً باسم مزيف هو "روبرت"، الاتهامات الأميركية بشكل مباشر، وقال أحدهم: "أتتوقعون أن أجيب حقاً؟".

وذكرت رسائل بريد إلكتروني من مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) مرسلة إلى صحافيين واطلعت عليها "رويترز" أن الاسم "روبرت" هو الاسم المزيف نفسه المشار إليه في لائحة الاتهام الأميركية.

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في بيان إن تقارير تورط البلاد في عملية اختراق لتقويض الانتخابات الأميركية "لا أساس لها أصلاً وغير مقبولة كلياً"، مضيفةً أنها "تستنكر مثل هذه الاتهامات بشكل قاطع".

وأحجم مكتب التحقيقات الاتحادي عن التعليق، ويحقق المكتب في نشاط الاختراق الإيراني ضد كل من الحملتين الرئاسيتين في هذه الانتخابات.

وقال مؤسس "أميركان مكراكرز" إن الوثائق التي شاركها أصلية وفي مصلحة الجمهور، وأضاف ويلر أن هدفه "كشف مدى يأس حملة ترامب لمحاولة الفوز" وتقديم معلومات حقيقية للجمهور، محجماً عن التصريح بمصدر هذه المواد.

وقالت حملة ترامب في وقت سابق هذا الشهر، دون أي إشارة محددة، إن عملية الاختراق الإيرانية "هدفها التدخل في انتخابات 2024 وزرع بذور الفوضى في عمليتنا الديمقراطية"، مضيفةً أن أي صحافي سيعيد طباعة الوثائق المسروقة "ينفذ محاولات أعداء أميركا".

وفي 2016، كان موقف ترامب مختلفاً حينما حرّض روسيا على اختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري كلينتون وتقديمها إلى الصحافة.

عملية تسريب

ذكر شخصان مطلعان أن عملية التسريب بدأت في يوليو/ تموز الماضي حينما شرع حساب بريد إلكتروني مجهول، يستخدم العنوان noswamp@aol.com، في مراسلة صحافيين في عدة منافذ إعلامية باستخدام الاسم "روبرت". في بادئ الأمر تواصلوا مع صحيفة بوليتيكو وصحيفة واشنطن بوست وصحيفة نيويورك تايمز، ووعدوا بتقديم معلومات داخلية تدين حملة ترامب.

وقال الشخصان إن القراصنة الإيرانيين المتهمين استخدموا في أوائل سبتمبر/ أيلول الماضي عنوان بريد إلكتروني ثانياً، هو bobibobi.007@aol.com، في جولة جديدة من عمليات التواصل تضمنت "رويترز" وما لا يقل عن منفذين إخباريين آخرين.

وفي ذلك الوقت، قدموا أبحاثاً تم إعدادها بمعلومات عامة من حملة ترامب عن السياسيين الجمهوريين جيه دي فانس وماركو روبيو ودوج بيرجم، وكانوا جميعاً موضع نظر من ترامب للترشح معه على مقعد نائب الرئيس.

وقال شخص مقرب من حملة ترامب لوكالة رويترز إن التقارير عن نائب الرئيس كانت أصلية، ولم تنشر "بوليتيكو" أو "ذا واشنطن بوست" أو "ذا نيويورك تايمز" أو "رويترز" قصصاً مستندةً إلى التقارير.

وقالت المتحدثة باسم "ذا نيويورك تايمز"، دانييل رودز، إنّ الصحيفة لا تنشر مقالات استناداً إلى المواد المقرصنة إلا "إذا وجدنا معلومات ذات أهمية إخبارية في المواد وإذا تمكنا من التحقق من صحتها".

وأشارت "ذا واشنطن بوست" في بريد إلكتروني إلى تعليقات سابقة أدلى بها محررها التنفيذي، مات موراي، الذي قال إن الحدث يعكس حقيقة أن المؤسسات الإخبارية "لن تنشر بلا تحقق أي معلومات مقرصنة" تقدم لها.

بدوره، قال متحدث باسم "بوليتيكو" إن منشأ الوثائق أكثر أهمية من الناحية الإخبارية من المواد المسربة. كما لفت متحدث باسم "رويترز" إن وكالة الأنباء لم تنشر هذه المواد لأنها لم تر فيها أهمية إخبارية.

وقال شخصان مطلعان على التحقيق إن حسابي البريد الإلكتروني على منصة إيه أو إل، واللذين حددتهما "رويترز" أغلقتهما شركة ياهو المالكة للمنصة في سبتمبر الماضي، وعملت "ياهو" مع مكتب التحقيقات الاتحادي قبل صدور لائحة الاتهام ليقودهما عنوانا البريد الإلكتروني إلى مجموعة القرصنة الإيرانية. ولم ترد "ياهو" على طلب للتعليق.

وقبل فقدان القدرة على الوصول إلى البريد الإلكتروني، أشار "روبرت" إلى أن المراسلين ربما يحتاجون إلى وسيلة تواصل بديلة وقدم رقم هاتف على تطبيق الدردشات المشفرة سيغنال. ولم يرد تطبيق سيغنال على رسائل بطلب التعليق، وتصعب على جهات إنفاذ القانون مراقبة سيغنال.

ويقول مسؤولون كبار في المخابرات الأميركية وجهات إنفاذ القانون إن جهود التدخل الإيرانية في هذه الدورة من الانتخابات تركز على تشويه سمعة ترامب، إذ يحملونه مسؤولية اغتيال قاسم سليماني الجنرال السابق في الجيش الإيراني بطائرة مسيرة أميركية في 2020.

وحتى الآن، لا يبدو أن التسريبات المنشورة بالفعل غيّرت الآليات العامة لحملة ترامب.

"أميركان ماكراكرز" تنشر وثائق حملة ترامب

في 26 سبتمبر بدأت منظمة أميركان ماكراكرز، ومقرها ولاية نورث كارولاينا، في نشر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لحملة ترامب. ولدى لجنة العمل السياسي، التي تعمل منذ 2021، تاريخ نشر مواد غير لائقة عن شخصيات بارزة في الحزب الجمهوري. ووفقاً لتقارير إفصاح عامة، تحصل اللجنة على تمويلها من خلال متبرعين أفراد من جميع أنحاء البلاد.

وقالت "أميركان ماكراكرز" على موقعها على الإنترنت إن التسريبات جاءت من "مصدر"، ولكن قبل النشر الشهر الماضي، طلبت المجموعة علناً من "روبرت" التواصل. قالت المجموعة في منشور على "إكس": "هاكر روبرت، لماذا تستمر في إرسال معلومات ترامب إلى وسائل الإعلام المؤسسية؟ أرسلها إلينا وسننشرها".

وعند سؤاله عما إذا كان مصدره هو الشخصية الإيرانية المزعومة "روبرت"، قال ويلر "هذا شيء سري للغاية" وإنه "ليس لديه تأكيد على مكان المصدر". كما رفض التعليق على ما إذا كان مكتب التحقيقات الاتحادي قد حذره من أن التواصل كان ناتجاً عن عملية تأثير أجنبية.

وفي أحد الأمثلة، نشر موقع ماكراكرز مواد في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي يقول إنها تظهر ترتيباً مالياً غير محدد مع محامين يمثلون المرشح الرئاسي السابق روبرت ف. كينيدي جونيور وترامب. قال سكوت ستريت محامي روبرت ف. كينيدي جونيور في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى "رويترز" إنه لا يستطيع التحدث علناً عن الواقعة. وتمكنت "رويترز" من التأكد من صحة المواد المنشورة.

ونشرت "ماركراكرز" لاحقاً وثائق من "روبرت" حول سباقين انتخابيين رفيعي المستوى. وتضمنت المادة اتصالات مزعومة تتعلق بالمرشح لمنصب حاكم ولاية نورث كارولاينا الجمهوري، مارك روبنسون، والعضوة بمجلس النواب عن ولاية فلوريدا من الحزب الجمهوري آنا بولينا لونا، وكلاهما يحظى بتأييد ترامب.

كان الحديث حول روبنسون يتعلق بمحاولة المستشار الجمهوري دبليو كيرك بيل طلب النصح والتوجيه من حملة ترامب بعد الفضيحة بشأن تعليقات منسوبة إلى روبنسون في منتدى إباحي. ونفى روبنسون التعليقات في السابق. وجاءت الرسالة الأخرى من مستشار جمهوري يشارك فيها معلومات مع حملة ترامب حول حياة لونا الخاصة. ولم ترد حملتا روبنسون ولونا على رسائل لطلب تعليق.

وأحد الصحافيين القلائل الذين تواصل معهم "روبرت" ونشروا مواد هو مراسل الأمن القومي المستقل كين كليبنستاين، الذي نشر وثائق على "ساب ستاك" أواخر الشهر الماضي، وأكد "روبرت" لـ"رويترز" أنه أعطى المواد لكليبنستاين.

لم ترد "ساب ستاك" على سؤال حول سياساتها فيما يتعلق بالمواد التي تصل للمنصة عن طريق الاختراق. بعد نشر القصة، قال كليبنستاين إن عملاء مكتب التحقيقات الاتحادي اتصلوا به بشأن اتصالاته مع "روبرت"، محذرين من أنه جزء من "عملية تأثير أجنبي خبيث".

وفي منشور له، قال كليبنستاين إن المواد المسربة تستحق النشر، وإنه اختار نشرها لأنه يعتقد أن وسائل الإعلام لا ينبغي لها أن "تحجب ما ينبغي أن يعرفه الجمهور".

وقال متحدث باسم "رويترز"، التي تلقت إخطارات مماثلة من مكتب التحقيقات الاتحادي: "لا يمكننا التعليق على تفاعلاتنا، إن وجدت، مع سلطات إنفاذ القانون". كما رفض متحدث باسم مكتب التحقيقات الاتحادي التعليق على جهود إخطار وسائل الإعلام.

وقال ويلر إن سيكون لديه تسريبات جديدة "قريباً"، وإنه سيستمر في نشر وثائق مماثلة ما دامت "أصلية وذات أهمية".

(رويترز)

المساهمون