فيليب بوتو يجد عملاً: فلتكن تلك الأفلام

فيليب بوتو يجد عملاً: فلتكن تلك الأفلام

22 سبتمبر 2022
يسعى في عمله لإظهار الأفلام ذات الميزانية والإمكانات المتواضعة (داميان ماير/فرانس برس)
+ الخط -

يمكن القول إن التروتسكي فيليب بوتو (Philippe Poutou)، الذي ترشح ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية الفرنسية، في 2012 و2017 و2022 (خسر بالطبع)، واحد من أكثر السياسيين إثارة للاهتمام في فرنسا؛ فحزبه المعادي للرأسمالية (اسمه الحزب الجديد المعادي للرأسمالية، بعدما كان اسمه سابقاً الرابطة الشيوعية الثورية) يجذب الطبقات العمالية واليسارية والأناركيّة. وبرنامجه الانتخابي المفرط في يساريته، يغوي الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان. والأهم، أن تصريحاته الناريّة وسخريته الواضحة في أثناء المقابلات والمناظرات السياسية، حولته إلى شخصية إعلامية محببة؛ إذ يرمي أمام المشاهدين عبارات إشكاليّة، من قبيل: "الأغنياء يمتلكون الثروة لأنهم لصوص"، أو يصف خصومه بما يشبه الشتائم، قائلاً عن الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، إنه "أحاط نفسه بكل السياسيين الفاشلين".
نتحدث الآن عن بوتو، لأن العامل السابق في مصنع فورد، والناشط السياسي، والمرشح الرئاسي، وجد أخيراً عملاً براتب ثابت بعد بطالة دامت ثلاث سنوات. نركز على هذا التفصيل في سيرته، لكون الاطلاع على صفحة ويكيبيديا الخاصة به، يكشف أنه ينشر دوماً مقدار ما يمتلكه من نقود، والراتب الذي يتقاضاه شهرياً، منذ أن بدأ العمل في مصنع فورد عام 1996 حتى انتهائه كعاطل من العمل عام 2019، إثر طرده من المصنع. كذلك نقرأ بعدها عن عمله مستشاراً لمقاطعة بوردو ومقدار راتبه.
لكن الأهم أنه، هذا العام، وجد عملاً بعقد دائم ونصف دوام في شركة توزيع أفلام باسم Urban Distribution. ومهمته بالضبط، حسب لقاء أجري معه "السعي إلى إظهار الأفلام ذات الميزانية والإمكانات المتواضعة".
اللافت أن بوتو يظهر في واحد من الأفلام التي تروج لها الشركة. نقصد هنا فيلم "لم يبق لنا سوى الغضب"، الذي يتناول صراع موظفي شركة فورد المطرودين، ومن ضمنهم بوتو نفسه، الذي نراه بين صفوف المحتجين، يهتف عبر مكبر الصوت ويواجه رجال الشرطة.
شارك بوتو في عدة عروض للفيلم، وخاض نقاشات مع الجمهور بعدها. ووصف عمله الجديد بأنه استمرار لجهده النضالي، ذاك الذي يمكن وصفه بـ"ضد الرأسمالية، ضد العنصريّة، والنسويّ، البيئي، وضد الإسلاموفوبيا وضد الهوموفوبيا"، والأهم الأقرب إلى الأرض والناس. لكن، بالرغم من كل ما يحيط به من بساطة وجاذبية، لم ينل الرجل ما يكفي من الأصوات كي يتأهل إلى الدور الثاني من الانتخابات الأخيرة، إذ كان ترتيبه قبل الأخير، ليصرّح بعدها قائلاً إن النظام الديمقراطي زائف، لكونه يحكم على المرشحين الصغار بأن يبقوا صغاراً.
الجدير بالاهتمام في حكاية بوتو وعمله الجديد، لا يتعلق فقط بنشاطه السياسي، بل دأبه الدائم على الإشارة إلى عمله ونشر مرتبه، وكأن في ذلك تأكيداً لنزاهته من جهة، وموقفه التروتسكي المعادي للرأسماليّة، أي بصورة أخرى التأكيد أنه لا يراكم الثروة من عمله، وهذا ما صرح به سابقاً حين سُئل إن كان يدخر بعض النقود جانباً من راتبه عندما كان موظفاً في فورد، فأجاب ساخراً: "أكثر بقليل من فيون"، في إشارة إلى المرشح الرئاسي السابق لعام 2017، فرانسوا فيون، المتهم بأنه اختلق وظيفة زائفة لزوجته، وقبل بدلات رسمية باذخة وغالية كهدايا، ما أدّى إلى اتهامه بقبول الرّشى.

سينما ودراما
التحديثات الحية

لا نعلم بعد الراتب الذي سيتقاضاه بوتو عن عمله الجديد، لكن ما نعلمه أنه لم يضف بعد وظيفته الجديدة إلى حساب تويتر الرسمي الخاص به، لكنه لم يتردد بشتم قادة الدول المختلفة الذين يعزون بالملكة إليزابيث الثانية، أو حسب قوله: "التعزية بعالم متعفن مليء بالظلم". وعند البحث أكثر في حسابه، نلاحظ تعاطفه ودعمه للشعب الفلسطيني، إلى جانب مشاركته للصور المرعبة التي توثق تعرّض مشيّعي تابوت شيرين أبو عاقلة للضرب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ما يمكن قوله نهاية، أن فيليب بوتو، رمز اليوتوبيا اليساريّة، تلك التي لن تتحقق في نظام فرنسي وعالمي ما زال يطرد المهاجرين، ويستغل الفقراء، ويتبنى الرأسمالية المتوحشة.

المساهمون