قبل أشهر، انطلق فريق "مَجَس" الموسيقي الغنائي، جامعاً ما بين شابات وشبّان فلسطينيّين موهوبين في الغناء والعزف، إضافة إلى كتابة كلمات الأغنيات، من محافظات مختلفة في الضفة الغربية؛ الخليل وسلفيت وقلقيلية ورام الله والبيرة.
وقدّم الفريق الذي تأسس بمبادرة من المؤدي والملحن والمغني الرئيسي فيه، وأطلق على نفسه لقب "ذا سكلّ" (الجمجمة)، وصديقه عبد الحميد عبّوشي عازف الغيتار، مجموعة من الأغنيات الخاصة التي كتباها، إضافة إلى أخرى كتبتها المؤديّة والملحّنة والمغنيّة التي تحمل اسم "جام".
وجاء العرض في قاعة "العليّة" بمركز خليل السكاكيني الثقافي، تحت عنوان "جس نبض"، ضمن برنامج الشركات والاستضافات للمركز، واشتملت على الأغنيات الخاصّة: "أحلامي"، و"كلام معسول"، و"إحباط فني"، و"مالي وماله؟"، و"بلا عنوان"، و"مجس خربان"، و"بالقطار"، و"ارق".
وقدمّت الفرقة ثلاث أغنيات من أصل 12 أغنية لغيرها من فرق، هي: "أم الجاكيت" للفرقة اللبنانية "مشروع ليلى"، و"تصبيرة" لفريق A.O.A، و"سافر" للفرقة الأردنية "أوتوستراد".
وتنطلق الفرقة رسميّاً بأغنية "إحباط فنّي"، في شهر يوليو/ تمّوز المقبل، عبر "يوتيوب"، وهي من بين أغنيات أمسية "جسّ نبض"، وهي من كلمات الشابة "جام".
وتعبّر الأغنيات عن اليوميّات العاديّة للشباب الفلسطيني، بعيداً عن الصورة النمطية التي ترافقهم عبر نشرات الأخبار، فهم من خلال ما كتبوه ولحّنوه ووزعوه وقدموه غناءً وأداءً، عكسوا ما يريدونه من عدم التقيّد ليس بنمط موسيقي معيّن فحسب، فمزجوا ما بين الجاز والروك والراب، بل على مستوى الموضوعات التي تتناولها أغنيات "مَجَس".
ببساطة المعاني والكلمات، وبعيداً عن تعقيدات الحالة الفلسطينية سياسيّاً وأمنياً، تأتي غالبية أغاني الفرقة، وبينها "مالي وماله؟"، وهي حوّارية ما بين شاب وفتاة يحبّان بعضهما بعضاً: "مالِك ولِك ليش زعلانة اليوم، احكيلي ليش ما بدِّك تحكي معاي.. ولِك ليش ما بدك تحكي معاي.. أنا مالي ومالها ماخذة عبالها.. مستنية مني أعطيها عين".
ويلاحظ أن الكلمات تعتمد على الألفاظ والتعبيرات بالمحكية الدارجة، والمتداولة ما بين الشباب الفلسطيني دون غيرهم ممّن هم أكبر سنّاً منهم، وبطريقة مختلفة عن السائد في تجارب الفرق في المنطقة.
يشير "ذا سكلّ" لـ"العربي الجديد" إلى أن "مَجَس" تسعى إلى التحرّر من أي نمط غنائي بعينه، وإلى أنها أغنيات شبابية حتى لو كان محتوى بعضها "حزيناً" أو "تعبيراً عن آلام ما"، لافتاً إلى أن اللهجة في الأغنيات بالأساس فلسطينية، ولكن بما أن هناك أكثر من كاتب لكلماتها، وأن لكل لهجته تبعاً لاختلاف جغرافيّات أعضاء الفريق، ينعكس على ما قد يعتقده غير العارف بتنوّع اللهجات في فلسطين، بأنها من بلدان متعددة.
وشدد المغنّي والملحن الشاب على أن أغنياتهم تقدّم "فلسطين العاديّة، فلسطين التي لا يعرف الكثيرون عنها، ولا يشاهدها أو لا يريد أن يشاهدها الكثير أيضاً.. فلسطين حاضرة في خلفيّات الأغنيات، لكون يوميّاتنا فيها، العادية منها وغير العادية، تعكس شيئاً عنها".
وأكد "ذا سّكَل" لـ"العربي الجديد" أنه "على العالم أن يعرف أنّنا في فلسطين بشر أيضاً، لدينا مشاعرنا، ونسعى أن نعيش يوميّات عاديّة في ظروف غير عاديّة، لكننا نحب، ونبني علاقات فيما بيننا، ونحزن، ونحبط، ونفرح، ونحلم.. أما الاحتلال، الذي نحاول تجاهله ما استطعنا، هو وسياساته العنصرية، فيظهر، ولكن دون مُباشرة".
قدّم "ذا سّكَل"، و"جام"، وعبد الحميد عبّوشي، وطارق إلياس عازف الإيقاع، وعرين عبودي عازفة الباص، بطاقة تعريفيّة بـ"مَجَس"، التي جاءت اسمها انعكاساً لقناعة القائمين عليها، بالانتصار للإحساس، أي "للمجسّات في دواخلهم"، فتحسّسوا نبض قلبوهم "أًرَق"، والصراعات الداخلية الجوّانية في "متخوزق"، والانطفاء الداخلي في الحياة المتسارعة بشكل يفوق أي تصوّر في "بالقطار"، أو بالركوض كما اللهاث المتواصل أو المتقطع دون قطع خطوات تذكر كما في "بلا عنوان" أو "كلام معسول".