تسيطر فكرة تحفيز الجماهير، على عمل أعضاء فريق ثورة الموسيقي، في غزة، الذي يحاول عبر الأغاني الثورية، والحَماسية سرد تفاصيل الواقع الفلسطيني، ومُجاراة مختلف المُستجدات الميدانية، وترجمتها فنياً من خلف ميكروفون التسجيل وأدوات العمل.
وترتكز فكرة فريق المُغنين الفلسطينيين، على إنتاج، وإطلاق الأغاني الوطنية، بمجهود ذاتي من دون أي تمويل رسمي أو فصائلي، لمُحاكاة الواقع الميداني، ومزجه باللون التراثي الفلسطيني، بهدف الحِفاظ عليه، في ظل المحاولات الإسرائيلية المُستميتة لسرقته، ونسبه إليها.
وينطلق الفريق الذي نشر العديد من الأغاني التراثية، والوطنية، مُرتكزاً على ثلاثة أُسس هامة، يتمثل الأساس الأول باستنهاض الجماهير الفلسطينية داخلياً عبر الأغاني التحفيزية، أما الثاني فيتمثل في توجيه الرسائل لجماهير الدول العربية لتحريضها ضد المُمارسات الإسرائيلية العدائية بحق الشعب الفلسطيني، كما يتمثل الأساس الثالث بإعادة إحياء الأغاني التراثية.
وعلى أنغام الجفرا، والدلعونة، والعتابا، وزريف الطول، والأوف الفلسطينية، يُطلق الفريق أغانيه، في مسعى لربط الأحداث الدائرة في القدس، ومختلف المدن الفلسطينية المُحتلة، بالاعتداءات الإسرائيلية على قِطاع غزة، الذي ما زال يُعاني من الحِصار الإسرائيلي المُشدد منذ منتصف عام 2007، مع إضفاء الطابع التُراثي على ألحانها، وكلماتها.
ويقول مؤسِس فريق ثورة الأسير المُحرر رمزي العُك، المُبعد من مُخيم عايدة في بيت لحم، إلى قِطاع غزة، إن فكرة إنشاء فريق يتغنى بمسيرة النِضال والصمود الفلسطيني نبعت من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، إذ "كُنا نَرفع معنويات الأسرى من خِلال الأغاني في مختلف المناسبات، كالأفراح، والأتراح، والإفراجات عن المعتقلين، باحتفالات رمزية".
ويُبين العُك لـ"العربي الجديد" أن مُساهمة الأغاني الوطنية الثورية في رفع معنويات الأسرى داخل السجون، وإشعال حَماسهم، وَلّدت فِكرة إنشاء فريق، وهو ما حصل فعلاً، بعد إتمام صفقة وفاء الأحرار بين المُقاومة الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي عام 2011، إذ تم تشكيل فريق الوفاء، والانطلاق بكوكبة من الأغاني، كان من أبرزها "هُنا أعددنا لكم"، "أخت المرجلة"، "مالك عذر يا ابن الضفة"، "على الندهة بتلاقينا"، "دحية العودة".
وفي مُحاولة للخروج من الحالة المحلية، والوصول بالرسالة والكلمة الفلسطينية، للمُحيط العربي، انبثق عن فريق الوفاء، فريق ثورة، والذي سعى منذ انطلاقته قبل نحو عام للوصول إلى الجبهة الخارجية، ومختلف دول العالم، بهدف توعية المجتمعات بالقضية الفلسطينية.
مُساهمة الأغاني الوطنية الثورية في رفع معنويات الأسرى داخل السجون، وإشعال حَماسهم، وَلّدت فِكرة إنشاء فريق
ويمتلك الفريق الفني ميزة إضافية، إلى جانب الأصوات القوية التي يتمتع بها أعضاؤه، إذ يلفت الفنان العُك، إلى أن تجربة الفريق غنية بالمواقف، نظراً لانبثاقه من الميدان، ومن التجارب الحَية التي عاشها أصحابه، حيث عاشوا الحروب، والاعتقال، والحِصار، ومنع التجول، وغيرها من الحالات التي أثْرَت حصيلتهم الفنية، واللغوية، والوطنية.
يغني فريق ثورة، بشكل مجاني في الحفلات والمهرجانات وذلك ضمن السياسة النابعة من حسهم الوطني، والتحفيزي، "وإيماناً بقيمة وتأثير الكلمة الموجهة بشكل صحيح الى المواطن الفلسطيني والعربي"، وفق حديث العك، الذي يضيف: "نحن جزء من المجتمع ويجب علينا التفكير في نفس السياق وعكسه بأسلوب فني، من خلال ترجمة القضايا التي تعكس الواقع، وتستشرف المستقبل".
ويُبيّن عضو الفريق فايز عطية أن فريق ثورة يتميز بتجاوز فكرة الغناء للصورة الفلسطينية، وعدم الاكتفاء بالجبهة الداخلية، وتوجيه الرسائل إلى المُحيط العربي، بهدف خلق حاضِنة قومية للقضية الفلسطينية، يكون البطل الأساسي فيها المواطِن العربي، علاوة على الاهتمام بالتُراث الفلسطيني الغني، لمواجهة الغزو الفني.
ويُعبر الفريق عن فكرته من خلال إحياء العديد من أغاني الثورة، وفق تعبير عطية، وفي مقدمتها "طلت الكتائب طلت من جنين"، و"سبل عيونه"، و"طل سلاحي من جراحي يا ثورتنا طل سلاحي"
أما عضو الفريق أسامة قاسم، الذي يتشارك في الأداء مع عبيدة بدير، وعز الدين الكتري، فيقول لـ "العربي الجديد" إنه تم تأسيس فريق ثورة، بهدف الحِفاظ على الإرث الوطني، والحضاري، والتُراثي الفلسطيني، من خِلال تجديد الأغاني التراثية بصيغة حديثة، في محاولة لتقريب الناس من التراث.
ويلفت قاسم، والذي يتولى مُهمة التلحين، في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الفريق يُحاول إيصال رسائله للجمهور بأبسط الأدوات، وبجهد وتمويل ذاتيين، بهدف الوصول إلى أكبر قدر منهم، عبر مُحاكاة مختلف الأحداث، والقضايا الأساسية، كقضية الأسرى، واللاجئين، والأرض، إلى جانب أنه حاول أن يكون صوت المقاومة بمختلف أشكالها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ويختص عضو الفريق عبيدة مرتجى بنشر الأعمال عبر الصفحات الخاصة بالفريق. ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ العديد من الأغاني تعرضت للحذف من مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك ضمن سياسة مُحاربة المُحتوى الفلسطيني، مبيناً أن الفريق والذي يطمح إلى تطوير ذاته، يتعرض كذلك لجملة من التحديات في ظل الواقع الصعب، وفي مقدمتها غياب الدعم المادي الكفيل بزيادة نسبة الأعمال الفنية، ووصولها إلى الدول العربية كافة.