عوامات النيل... تراث مصري على وشك الضياع

القاهرة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
29 يونيو 2022
النيل
+ الخط -

أكدت مصادر من داخل وزارة الزراعة المصرية، وأخرى في محافظة القاهرة، أن "قرار إزالة العوامات النيلية في منطقة الكيت كات وإمبابة، الذي أثار غضب المهتمين بالتراث المعماري والثقافي المصري، لم يتخذ من قبل وزارة الزراعة ولا من قبل محافظة القاهرة، وأنه لم تتم دراسته أصلاً داخل الجهتين، ولكنه اتخذ من قبل جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة".

وقالت المصادر، لـ "العربي الجديد"، إنه "لم يتضح حتى الآن ماذا ستفعل القوات المسلحة في المنطقة التي تشغلها العوامات بعد إزالتها، لكنها في الأغلب ستمنح لمستثمرين".

وأشارت المصادر إلى أن "سكان العوامات المتضررين من القرار توجهوا إلى جهاز القوات المسلحة، وأن المسؤولين هناك أكدوا لهم أن موقفهم القانوني سليم، وأن مشكلتهم مع وزارة الزراعة، وهو أمر غير حقيقي بالمرة". وذلك ما أكده أحد سكان تلك العوامات لـ"العربي الجديد"، لكنه رفض ذكر اسمه. وقال الرجل إنه توجه بالفعل إلى "جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، وأنهم أكدوا له أن موقفه سليم ولكن قرار الإزالة صدر من وزارة الزراعة".

ومنح قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2647 لسنة 2020، بتفويض جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بالقيام بأعمال الهيئة العامة لمشاريع التعمير والتنمية الزراعية (محافظة القاهرة وهيئة الإصلاح الزراعي) في إدارة أراضي طرح النهر في القطاع من شبرا حتى حلوان (شرق النيل وغربه)، وخول القوات المسلحة سلطة اتخاذ أي قرارات خاصة بأراضي طرح النيل بطول القاهرة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها.

ودشن ناشطون مصريون وجمعيات أهلية مهتمة بالتراث حملة شعبية للضغط على الحكومة من أجل وقف قرارها بإزالة أكثر من 30 عوامة نيلية، تعتبر من مميزات الطابع الثقافي والمعماري لمدينة القاهرة.

وطرحت عريضة عبر Change.org وقع عليها أكثر من ثلاثة آلاف شخص، للمطالبة بإلغاء القرار والحفاظ على ما تبقى من عوامات النيل.

وقالت العريضة إن أكثر من ثلاثين عوامة على النيل مهددة، وأضافت أن العوامات المهددة "تمثل جزءاً من التراث الثقافي والمعماري لنهر النيل ولمدينة القاهرة، وهي عوامات لا تزال مسكونة، بل وبذل ساكنوها جهداً كبيراً في الحفاظ عليها وترميمها، ليس فقط للإقامة فيها، ولكن إيمانا منهم بقيمة هذا الإرث وبضرورة الحفاظ عليه والترويج له على المستويين المحلي والعالمي". وأشارت العريضة إلى أن قرار الإزالة منح السكان ستة أيام فقط لإخلاء العوامات.

وقررت الحكومة المصرية إخلاء جميع المراكب السكنية على نهر النيل وسط القاهرة بحلول يوم أمس، بإخطار ستة أيام فقط. وسيُهدم أكثر من 30 منزلاً عائماً، تشكل جزءًا من التراث التاريخي المصري، من دون تعويض.

وقالت العريضة إن المراكب "ليست منازل للبشر فقط، ولكن بعضها يمثل آثاراً تاريخية لمصر المعاصرة عمرها قرون، إذ شكلت جزءًا من العصر الذهبي للسينما المصرية، المشهورة في جميع أنحاء العالم العربي". وأضافت أن "السياح من جميع أنحاء العالم يحبون قضاء بضعة أيام في هذه المنازل العائمة التي تتنفس على إيقاع نهر النيل وتترك في قلوبهم ذكرى لا تُنسى عن هذا البلد أبداً".
واختتمت العريضة بالتأكيد أن "الرؤية والعمل الجاد الذي كرسناه للترويج لهذا الجزء من تراث مصر للمجتمع المصري والدولي على وشك أن يضيع".

بدوره، قال الباحث في التراث المعماري المصري ميشيل حنا، على صفحته في "فيسبوك": "فيه قرار صدر بهدم جميع العوامات اللي على النيل خلال الأسبوع ده. هم حوالي 32 عوامة اللي فاضلين من أكثر من 300 كانوا موجودين زمان، من النصف الثاني للقرن التاسع عشر، وكانوا بيتحركوا في النيل رايح جاي بس دلوقت اللي فاضلين راكنين على طول ناحية إمبابة". وأضاف حنا: "العوامات دي جزء من تاريخ مصر المعماري، وعلامة على تنوعه وتميزه، وكمان مرتبطة بتراث مصر الثقافي والفني. هتلاقيها في ثلاثية نجيب محفوظ لما كان السيد أحمد عبد الجواد بيقابل فيها زنوبة، وفي فيلم ثرثرة فوق النيل، وغيره وغيره. أنقذوا عوامات القاهرة".

في بداية عام 2021، أعلنت الحكومة عن خطة تطوير كورنيش النيل بداية من ميدان الجيزة وحتى ميدان الكيت كات، وهو مشروع تشرف على تنفيذه القوات المسلحة، بالتعاون مع وزارة الري ومحافظة القاهرة.

ومن جهتهم، وجّه أصحاب العوامات السكنية استغاثة إلى رئيس الجمهورية من قرارات الإزالة التي وصفوها بـ"التعسفية". وقالوا في الاستغاثة: "بيننا كثيرون ممن ولدوا في هذه العوامات وأمضوا فيها أعمارهم من الطفولة إلى الشيخوخة، وأننا كلنا نتخذها سكناً وأسلوب حياة، وقد بذلنا لها وأنفقنا عليها ما ينفقه كل من يقدر على بيت يحبه ويحبه أولاده وأحفاده". وأضاف السكان: "ندرك تماماً أن هذه العوامات تراث ثقافي وحضاري وسياسي فريد لمدينتنا، ومعلم من معالم بلادنا، ونحافظ عليها ونعمرها انطلاقاً من هذا الإدراك. فهذه العوامات كانت منذ أكثر من مئة عام في مناطق العجوزة، والزمالك، والكيت كات".

وكانت الإدارة العامة لحماية نيل القاهرة الكبرى، التابعة لوزارة الموارد المائية والري، قد أعلنت السبت الماضي عن قرار إزالة ثلاث عوامات، وقالت إنه "في إطار سياسة الدولة في إرساء سيطرتها على مقدراتها والعمل المتواصل على حماية نهر النيل من كافة أشكال التعديات (...) قامت الأجهزة المعنية بوزارة الموارد المائية والري اليوم السبت بإزالة ثلاث عوامات سكنية مخالفة ومتخذ بشأنها كافة الإجراءات القانونية كبداية لاستكمال إزالة باقي العائمات السكنية بنطاق الإدارة العامة لحماية نيل القاهرة الكبرى". وقالت الإدارة إنه "تم التنفيذ بالتنسيق الكامل بين أجهزة الدولة المعنية، وهي وزارات الدفاع والداخلية والعدل والزراعة، ومحافظة الجيزة، وأنه تم الحجز على العوامات تمهيداً لبيعها في المزاد العلني بعد انقضاء المدة القانونية لإمكان تحصيل كافة مستحقات الدولة على هذه العوامات".

ذات صلة

الصورة
مرفأ الإسكندرية، 31 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

قدمت السلطات المصرية روايات متضاربة حول السفينة كاثرين التي تحمل متفجرات لإسرائيل. فبعد نفي لمصدر مصري استقبال السفينة صدر بيان لوزارة النقل يثبت وجود السفينة.
الصورة
لافتة "فلوسنا رايحة فين" التي رفعها طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة

مجتمع

لم تخفت أصوات طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة، دعماً للقضية الفلسطينية ورفضاً للعدوان الإسرائيلي على غزة، وتنديداً بالتعامل مع شركات مؤيدة للاحتلال..
الصورة
نجاح سلام /فيسبوك

منوعات

توفيت المطربة اللبنانية نجاح سلام، اليوم الخميس في العاصمة بيروت، عن 92 عاماً، بعد سنوات من الاعتزال سبقتها مسيرة غنية نافست فيها صاحبة "ميّل يا غزيّل" عمالقة الزمن الجميل.
الصورة

منوعات

ضرب زلزال المغرب المميت منطقة بالقرب من مراكش، المدينة المحبوبة لدى المغاربة والسائحين الأجانب بفضل مساجدها وقصورها ومعاهدها الدينية التي تعود للقرون الوسطى والمزينة ببلاط الفسيفساء الزاهي وسط متاهة من الأزقة الوردية.
المساهمون