علاء أبو دياب في بيروت... ضحك سابق لأوانه

21 سبتمبر 2023
بدأ عرضه بنكتة موقف محلية عن مدينة بيروت (فيسبوك)
+ الخط -

ضمن جولة عربية وعالمية، تتضمّن السويد وكندا والدنمارك ومصر والأردن وفلسطين، وصل الكوميديان الفلسطيني علاء أبو دياب إلى بيروت لتقديم عرضين (12 و13 سبتمبر/أيلول) على مسرح مترو المدينة، وعرض ثالث (14 سبتمبر) على مسرح المدينة، ضمن عروض "ملتقى مشكال".
هذه ليست المرة الأولى لأبو دياب في بيروت وعلى مسرح مترو المدينة، فقد سبق وأن قدم عرض "لوك داون"، حيث تعرف إليه الجمهور اللبناني لأول مرة بشكل مباشر، بعد أن كانوا تعرفوا إليه من خلال مقتطفات فيديو وبوستات على مواقع التواصل الاجتماعي.
مواد علاء أبو دياب لا تشبه مواد الكوميديين اللبنانيين، فهي ليست محلية، رغم أنه طعّمها بنكهة لبنانية. مواد أبو دياب تتناول الشأن الاجتماعي والسياسي عربياً وعالمياً، في حين أن الكوميديين اللبنانيين موادهم غارقة في المحلية. 
افتتاحية أبو دياب كانت باهتة إلى حد ما. ليس لأن نكتته الأولى لم تكن جيدة، إذ كانت نكتة موقف محلية عن وصوله إلى مطار بيروت، ولكنها لم تكن افتتاحية مسرحية، لم يكن لها نكهة الانطلاقة.
انتقل أبو دياب من مواقف محلية لبنانية، ليصل إلى موضوع عرضه الأساسي، "مش أبيض"؛ أي الرجل الأبيض، لتفنيد علاقته مع كل من ليسوا بيضًا، وتحديدًا العرب، محافظًا على موضوعه كعمود فقري في عرضه، فحكى عن عنصرية الرجل الأبيض والفوقية وازدواجية المعايير والقضايا التي يقررها لنا نحن الـ"مش أبيض". وانتقل في ما بينها إلى مواضيع ومواقف متممة في فلسطين ومصر ولبنان.
لم يلجأ أبو دياب إلى الكلمات أو النكات "البذيئة"، ربما لأنه يدرك أن المصطلحات التي كانت تعتبر "مخلة بالذوق العام" قد أكل الدهر عليها وشرب. وأيضًا، لأنه ليس مضطرًا لذلك، فأبو دياب متابع وملمّ بالمواضيع التي يتحدث عنها، ومهتم بالشأن العام العالمي والعربي، ولديه خلفية ثقافية وإمكانات نقدية لا تُلزمه اعتماد مصطلحات ومفردات أصبحت أصلا قديمة في عالم الكوميديا، أو على الأقل ليست جوهر العرض. وشخصية أبو دياب واهتماماته ومتابعاته هي سبب انتقاله للـ Stand Up Comedy، وليس العكس. فمواقفه وآراؤه كانت تعرض بشكل بوستات مكتوبة على "فيسبوك"، قبل أن ينتقل بها لإضحاك الناس وقوفًا. لا يعتمد أبو دياب في تقديم مادته على لغة الجسد أو تعابير الوجه كما يفعل مثلًا جاد المالح. بل على العكس، في حضوره ووقفته وصوته رصانة ما، كما أنه متمكن من السرد ومن تسلسل أفكاره ومن اختيارات مفرداته وإلقائه.
ضحك الجمهور في أكثر من مناسبة، أحيانًا في مناسبات لم تكن تستدعي الضحك. وفي مرات قليلة، انفجر من الضحك. لكن في عرض كوميدي مدته ساعة، الجمهور ينتظر أن ينفجر من الضحك طوال الوقت، وليس فقط بضع مرات! وهذا ما وعدت به مقاطع أبو دياب القصيرة التي يعرضها على صفحته على "فيسبوك". فتلك المقاطع التي عرّفت الجمهور به، هي سبب حضور عرضه. قصر مدتها وكثافتها، واقتصارها على دقيقة من الزمن، تجعلها كوميديا موفقة، ولكن فيها بعض الغش؛ والغش يكمن في تحويلها إلى عرض.
جمع المواقف والنكات والدقائق لتمتد على ساعة، أفقدها الإيقاع المطلوب للعرض الحي. العرض يتطلب حياكة من نوع مختلف، يكون فيه الحضور والصوت المسرحي أساسيين... عرض خالٍ من الوقت الضائع والكلام الزائد، ومليء بالضحك المتواصل. 
كان أبو دياب مرتاحًا في أوقات كثيرة، كأنه مطمئن إلى أن جمهوره اللبناني سيضحك. ليس لأنه سبق له أن عرض أمامهم، بل بسبب تفاعلهم معه على "فيسبوك". هذه الأريحية بدت بالنسبة لكثيرين سابقة لأوانها.
وكان مضحكًا أن تفترض إحدى الحاضرات أن المادة المقدمة قابلة للنقاش، فقاطعته وهو يتحدث عن الرجل الأبيض، قائلةً: "بس يا علاء إنت بتعرف إنو الرجل الأبيض....؟". سبقها آخر بتعليق معترض: "إنت جايي تضحكنا أو تبهدلنا؟".

موقف
التحديثات الحية

ربما لم يكن مضحكًا فعلًا هذا الأمر، إنما مثير للاستغراب والتساؤل: من هو جمهور الستاند أب كوميدي؟ هل هو متابع للعروض العالمية أم المحلية فقط؟
هل يعي المعايير التي يفترض أن تكون عالية للضحك على مادة تدعي الكوميديا؟ هل يعي الاتفاق المبرم ضمنيًا بين الحضور وبين الكوميدي على قبول كل ما يسمعه منه؟
كالافتتاحية، كان الختام باهتًا. لم يكن مسرحيًا. لم يمهد له لا بالصوت ولا بالأداء. لم يختم بـ Punch line قوي، ولم يوصل عرضه في مرحلة ما إلى الذروة إلى تمهد رويدًا رويدًا إلى الختام. حتى أننا لم نكن نتوقع "شكرًا بيروت" عندما قالها، لأننا كنا ننتظر أن تسبقها ضحكة مدوية.

المساهمون