عرض "هاملت" في عدن يحيي الآمال بعودة المسرح إلى اليمن

20 يناير 2023
تقدّم المسرحية فرقة خليج عدن التي تأسست عام 2005 (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

بعبارة "أكون ولا ما أكونش"، يناجي أمير الدنمارك هاملت نفسه بلهجة سكان أهل عدن، جنوبي اليمن، في عرض مسرحي نادر يحيي آمال الكثيرين بعودة الحياة الثقافية إلى البلاد.

وبين المعضلات الأخلاقية والصراع المرير على السلطة، لقيت المسرحية التراجيدية للكاتب البريطاني وليام شكسبير، صدى واسعاً لدى اليمنيين الذين يعيشون في بلد تمزقه حرب طاحنة منذ ثماني سنوات.

وبالشراكة مع المجلس الثقافي البريطاني، حقّقت العروض العشرة للمسرحية نجاحاً ملحوظاً في المدينة الواقعة جنوبي البلاد، ونفدت كل التذاكر.

وتقدّم المسرحية فرقة خليج عدن المحلية التي تأسست عام 2005، ويتولى إخراج العمل المخرج السينمائي اليمني عمرو جمال.

وكان جمال قد تولى إخراج فيلم "عشرة أيام قبل الزفّة"، وهو واحد من الأعمال السينمائية اليمنيّة القليلة في السنوات الأخيرة.

ولاحظ جمال، في تصريح لوكالة فرانس برس أنّ "غالبية ردود الفعل جميلة ومبشرة". ورأى أنّ "الناس سعداء بالعمل ويتابعون المسرحية حتّى النهاية على الرغم من طول مدتها"، إذ تصل إلى ثلاث ساعات كاملة.

وأشار جمال إلى أنّ الرهان كان "على نجاح محدود لأنها مسرحية مستوحاة من الأدب العالمي، ولهذا النوع من الأعمال عادة جمهور محدود ولا يحظى بإعجاب واسع لدى الجمهور العريض".

وتمّ تقديم المسرحية بلهجة أهل عدن، حيث وقف ممثل على المسرح مرتدياً الزي اليمني التقليدي.

وعرضت المسرحية في مبنى المجلس التشريعي في عدن الذي يعود لأيام الاستعمار البريطاني، الذي بدأ بشكل رسمي في ثلاثينيات القرن الماضي.

وما زالت آثار الاستعمار البريطاني حاضرةً في المدينة ومنها "ساعة بيغ بن الصغرى" التي لم تعد تعمل.

ويصف المخرج المساعد مروان مفرق المسرحية بأنّها "حلم قديم، واستطعنا تحقيقه بعد سنوات طويلة".

وقال مفرق بعد عرض في عدن، الأسبوع الماضي، إنّ "الأمر لم يكن مجرد مسرحية لشكسبير بل هو ترميم لمعلم تاريخي".

يعتبر المخرج المساعد أنّ مساحة العمل الفني "ضيقة للغاية. وسبب ذلك الوضع العام للبلاد وقلة الموارد الانتاجية بالنسبة للمجال الثقافي والفني".

وأرخت الحرب بثقلها على سائر أوجه الحياة في اليمن، ومنها الجانب الثقافي والفني.

ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ عام 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك العاصمة صنعاء.

ويتهدّد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج آلاف، بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير. ويعتمد نحو 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للاستمرار.

وتمّ تدريب فريق العمل عبر تقنية زوم للاتصال المرئي لمدة عامين من قبل متخصّصين من مسرح غلوب شكسبير الشهير في لندن ومسرح فولكانو في ويلز.

وأكد المجلس الثقافي البريطاني التزامه "تمكين وبناء قدرات الشباب من اليمنيين للتعبير عن أنفسهم بشكل خلاق"، مشيراً إلى أنّ "النسخة اليمنية من هاملت تجسد هذا الالتزام".

ويؤدي الممثل اليمني عمر مجلد أدواراً عدة بينها دور صديق هاملت، غيلدنسترن، وقال إنّ التحضيرات استغرقت عامين كاملين، مشيراً إلى أنّه "تم تعديل السيناريو من لغة شكسبير إلى اللغة العربية ومن ثم إلى اللهجة العدنية".

ويشير مجلد: "نأمل دائماً كفنانين أن تتوافر أعمال ثقافية ومسرحية وسينمائية بمستوى كبير يساهم في إبراز الثقافة اليمنية".

وتجسّد نور ذاكر شخصية أوفيليا، وتقول: "المسرحية ليست سهلة على الإطلاق"، وتعترف بأنّ ممارسة التمثيل أمر صعب في مجتمع محافظ.

وتتابع: "واجهت صعوبات كثيرة كوني فتاة في عدن. لم يعارض أهلي الموضوع ولكن الأمر صعب لأني لم أتمكّن من التوفيق بين دراستي والتمثيل كما أنّ المجتمع لا يتقبل هذه المهنة".

وتشكّل المسرحية فرصة نادرة للسكان للترويح عن أنفسهم بعدما أثقلت الحرب كاهلهم. وقالت هبة البكري بعد مشاهدة العرض المسرحي: "نحن شعب متشوق لهذه الأمور ونتمنى إقامة فعاليات من هذا النوع دوماً. شعبنا يشعر بضيق وتعب وهو بحاجة للترفيه عن نفسه". 

بدوره، يتمنى الطالب الجامعي فادي عبد الملك "الاهتمام أكثر بالفن والموسيقى، لأنّها تزرع الحب والسلام في اليمن".

(فرانس برس)

المساهمون