وقّع مئات الصحافيين وممثلي منظمات المجتمع المدني العراقية وعدد من أعضاء مجلس النواب، بالإضافة إلى ناشطين وقانونيين، على وثيقة موحدة تدعم توجه دولة جنوب أفريقيا لمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي.
وأعلن الموقعون تأييدهم الكامل للاتهام الموجه للاحتلال الإسرائيلي بارتكاب إبادة جماعية بحق أكثر من مليوني مدني في قطاع غزة، وإجبارهم على النزوح، واستيطان أراضيهم.
واجتمع عدد من الموقعين على وثيقة إدانة الاحتلال الإسرائيلي، في مؤتمر أقيم اليوم الأحد، وسط العاصمة بغداد.
وجاء في الوثيقة أنها "تدعم الفرق القانونية التي تطوّعت من بلدان مختلفة، وتؤيد عدالة مسيرتهم الهادفة أساساً لإعادة التوازن للمجتمع الدولي للحيلولة دون خرق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان، سواء في فترات السلم أو الحرب أو النزاعات الداخلية، وهو ما يجب أن يكون، وترفض تلك الانتهاكات وأي إخلال ببنود تلك الاتفاقيات".
الأدلة "دامغة" من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
قالت رئيسة مؤسسة "نما"، الصحافية أمل صقر، في المؤتمر إنّ "الأدلة الدامغة المقدمة إلى محكمة العدل الدولية من قبل دولة جنوب أفريقيا، أثبتت ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم إبادة جماعية. حيث تعمّد قصف الأحياء السكنية وهدمها بالكامل، إضافة إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، ولا سيما قنابل الفوسفور الأبيض، ما خلف ضحايا وصل عددهم إلى مائة ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود، 70% منهم من الأطفال والنساء، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى الآن".
وأضافت أن "الاحتلال الإسرائيلي تسبّب بأضرار جسدية وعقلية خطيرة، والطرد الجماعي، والتهجير، والحرمان من الوصول إلى الغذاء والماء، والحرمان من تلقي المساعدة الطبية الكافية، والحرمان من الوصول إلى المأوى الملائم والملابس، والنظافة، والصرف الصحي، وتعمّد تدمير حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات الفلسطينية، وهذا يندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية وفقاً لأحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المبرمة عام 1948، وانضمت لها 152 دولة حتى عام 2021".
وذكّرت الوثيقة التي أعدتها المنظمات العراقية أن "الاحتلال الإسرائيلي تعمّد اغتيال أكثر من 109 إعلاميين وصحافيين، وإذا تعذر عليه اغتيال الإعلاميين والصحافيين، يتم حينئذ استهداف عائلاتهم وتعمد قتلها، بهدف الضغط عليهم للانسحاب من تغطية الاحداث ونقل الشهادات، وهذا ما حدث مع مدير مكتب الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح وتكرّر الأمر مع مراسل الجزيرة في القطاع مؤمن الشرافي، حيث استشهد 20 فرداً من عائلته بعد قصف المنزل الذي تجمعوا فيه ظناً منهم أنه آمن".
وأكدت المنظمات والشخصيات الموقعة على الوثيقة أن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي بانتهاج سياسة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، بهدف تعزيز الاستيطان، يضرب عرض الحائط كل القوانين والمعاهدات الدولية التي تحمي حقوق الإنسان في العالم".
كما أعلنت المنظمات العراقية تأييد ما جاء ضمن مطالب دولة جنوب أفريقيا تدابير فورية وجب اتخاذها لإيقاف الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وهي "تعليق العملية العسكرية في قطاع غزة فوراً، وضمان اتخاذ الإجراءات بعدم مواصلة العملية العسكرية، واتخاذ تدابير كافية وناجعة لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية، والكف عن ارتكاب أي فعل يقع ضمن المادة 2 من اتفاقية الإبادة الجماعية، ويجب على إسرائيل التوقف عن طرد الفلسطينيين من منازلهم، أو حرمانهم من الحصول على الماء والغذاء والدواء، أو المساعدات الإنسانية الملحة".
جنوب أفريقيا تقاضي إسرائيل
في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قدّمت حكومة جنوب أفريقيا دعوى قضائية تاريخية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب انتهاكات ضد التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وفقاً للدعوى، فإن أفعال إسرائيل "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد" لتدمير الفلسطينيين في غزة، كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية.
وتقول جنوب أفريقيا إن إسرائيل "تورطت، وتتورط، وتخاطر بالتورط في المزيد من أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة". وطالبت المحكمة بالإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة "من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح" بموجب الاتفاقية ولضمان "امتثال إسرائيل بالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ومنعها والمعاقبة عليها".
وتجاوزت الحرب الوحشية الإسرائيلية على غزة شهرها الرابع، فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع، مخلّفاً وراءه عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وسط تخوفات من تفاقم الأزمة الإنسانية بفعل شحّ المواد الطبية والمساعدات الغذائية، فيما تستمر الاشتباكات العنيفة في محاور عدة.