طالبت كتلة كبيرة من الصحافيين في الجزائر السلطات بالإفراج الفوري عن الصحافيين ووقف الملاحقات القضائية ضدهم، لمجرد التعبير عن مواقفهم وآرائهم، وإنهاء قرارات حجب المواقع التي تتبنى خطاً مستقلاً عن سياسات السلطة.
ووقّعت مجموعة كبيرة من الصحافيين المعروفين في الجزائر بياناً نُشر اليوم بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، قدموا فيه توصيفاً لواقع الإعلام وظروف الصحافة في البلاد، ووصفوها "بالحالكة والمأساوية".
وجاء في البيان: "تحلّ هذه المناسبة في ظرف يواجه فيه الإعلام بالجزائر ظروفاً حالكة أخطر ما فيها السجن، فيما بات التضييق والتهديد والمتابعات القضائية والاستدعاءات لدى الضبطية القضائية، والضغط بواسطة الإشهار لتطويع وسائل الإعلام والتدخلات لتوجيه خطها التحريري وفق مشاريع السلطة وخططها، أمراً واقعاً مفروضاً".
وأكد الصحافيون أن هذه الظروف تجعل من ممارسة الصحافة في الجزائر مستحيلة، و"أمام هذا الوضع المأساوي، نحن مجموعة من الصحافيين الجزائريين، متمسكين بحرية الإعلام كدعامة أساسية للديمقراطية وإيماناً منا بأن ممارسة الصحافة مستحيلة في ظل مناخ يميزه القهر والخوف، ندعو السلطات إلى الوفاء بتعهداتها المتكررة باحترام حرية الإعلام".
وطالب الموقّعون بتدابير تهدئة وإجراءات تسمح في حال اتخاذها بإزالة "مناخ الخوف والاحتقان المسيطر على المهنة، وستفتح الباب أمام إمكانية إصلاح الوضع المهني والاجتماعي المزري الذي يعيشه الصحافيون في القطاع".
وطالب الصحافيون بـ"إطلاق سراح الصحافي خالد درارني المسجون بسبب نشاطه الصحافي وتمسكه بممارسة مهنته، والذي يواجه أثقل حكم في تاريخ الصحافة الجزائرية منذ الاستقلال، ورفع الرقابة القضائية عن صحافيي "الصوت الآخر" المكبلين بهذا الإجراء منذ شهور، لأسباب مرتبطة بمقال نشر في الصحيفة، ووقف جميع المتابعات القضائية والتحرشات الأمنية في حق الصحافيين الذين يوجد منهم من يعاني في صمت من هذه الممارسات المناقضة لحرية ممارسة الصحافة".
وطالب الصحافيون في نفس السياق بإلغاء حجب عدد من المواقع الإخبارية على غرار موقع "مغرب إيمارجان" و"راديو إم" وكل المواقع المطبق عليها هذا الإجراء، بسبب تعاطيها مع الأحداث والأخبار بطريقة لا توافق نظرة الحكومة.
ودعوا إلى إطلاق ترتيبات عاجلة لإعداد قانون الإشهار، لإنهاء احتكار الحكومة للإعلانات وما يمثله ذلك كسلاح يهدد أرزاق العاملين في قطاع الإعلام، تحت وطأة رفض الدخول إلى بيت الطاعة، وفتح حقيقي لقطاع السمعي البصري، والسماح بإطلاق قنوات تلفزيونية خاضعة للقانون الجزائري وليس الأجنبي، وتمكين القطاع السمعي البصري من لعب دوره في الخدمة العامة وليس خدمة السلطات الظرفية.
كما دعوا إلى تعديل قانون الإعلام بما يضمن استقلالاً حقيقياً لمهنة الصحافة بالتشاور الواسع مع أبناء المهنة والقانونيين المختصين، وكذا فك الخناق الاجتماعي ووقف سياسة تفقير الصحافيين، ومنعهم المباشر وغير المباشر من حقهم في التنظيم.
لكن الرئيس الجزائري تجاهل في رسالة تهنئة وجهها إلى الصحافيين في الجزائر بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، المصادف لـ22 أكتوبر/تشرين الأول من كل سنة، هذه المطالبات المستمرة من قبل الصحافيين، برغم تعهده بتنفيذ خطة إصلاحات في قطاع الصحافة.
وذكرت رسالته أنه "لقد جعلنا هذا المجال إحدى أولويات النهوض بقطاع الاتصال خدمة لحق المواطن في المعلومة الصادقة ولمرافقة مسار بناء جزائر جديدة قوامها الحكامة والفعل الديمقراطي في كنف الشفافية وتكافؤ الفرص بين كافة المواطنات والمواطنين، تجسيداً لما تقدم تم قبل أيام قلائل وضع أول إطار قانوني يحدد كيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت".
واعتبر تبون أن "الصحافيين يعيشون مرحلة فارقة في مسارهم المهني بفضل تنوع وتطور محتويات وأشكال وسائل الإعلام والاتصال التي تفتح مجال الإبداع واسعاً باستخدام الرقمنة والوسائط الإلكترونية التي وللأسف يوظفها البعض لأغراض تنوء عن شرف الإنسان وتجانب أخلاقيات المهنة".
وحث الصحافيين على الانخراط في مجال الرقمنة، وقال: "الرقمنة ليست خياراً وإنما هي من مستلزمات العصر الذي نعيشه بل هي تحد علينا كسب رهاناته بما يصون وحدة البلاد وسيادتها ويطور أداء الإدارة الجزائرية خدمة للاقتصاد ولترقية حقوق المواطن بما فيها تلك المتعلقة بالإعلام".
وذكر الرئيس الجزائري أن "الصحافي الجزائري ظل موالياً لوطنه لا سيما في الظروف الصعبة التي مر بها، حيث قدم المنتسبون للمهنة حياتهم الغالية دفاعاً عن سيادة الوطن وعن القيم الإنسانية المثلى"، مؤكداً أن مساهمات هؤلاء وأولئك الإعلاميين ستظل مرجعية مشرفة في مسار مهنة الصحافة بحرية ومسؤولية معبدين الطريق أمام خريجي الجامعة الجزائرية الذين ينتسبون تباعاً لهذه المهنة المتجددة بفعل التطورات المذهلة في عالم تكنولوجيات الإعلام والاتصال".