أصدر عشرات من الصحافيين والمؤسسات الإعلامية والمنظمات الفرنسية والفرنكوفونية بياناً مطوّلاً طالبوا فيه مصر والاحتلال الإسرائيلي بالسماح بدخول الصحافيين والمراسلين والمصوّرين إلى قطاع غزة لتغطية العدوان الإسرائيلي المتواصل.
مناخ من الرعب
وجاء في البيان الذي نشرته مؤسسات صحافية: "منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دفعت الصحافة ثمناً باهظاً. نحن، الصحافيين الفرنسيين، ومعظمنا معتاد على العمل في مناطق النزاع، نطلب من الأطراف المتحاربة حماية الصحافيين وفتح باب الوصول إلى قطاع غزة أمام الصحافة الدولية".
وتطرق البيان إلى الصحافيين الشهداء الذين قتلوا في قطاع غزة "كان أحد الضحايا الأوائل يبلغ من العمر 22 عامًا. قُتل إبراهيم لافي في 7 أكتوبر 2023 أثناء تغطيته لهجوم حماس على معبر إيرز لصالح عين ميديا. كان يرتدي سترته الزرقاء المضادة للرصاص، التي كتب عليها ما يفترض أن يضمن حياته: (صحافة). وكان الشاب الغزاوي معروفاً لدى وسائل الإعلام الفرنسية. لقد عمل، مع مؤسسات عدة، بينها Médiapart وPolitis".
وعدد البيان ظروف استهداف الاحتلال للصحافيين والمؤسسات الصحافية في غزة وفي لبنان، "في 13 أكتوبر/تشرين الأول، أصيب صحافيون من وكالة فرانس برس ورويترز وقناة الجزيرة في جنوب لبنان بقصفين مدفعيين إسرائيليين متتاليين بينما كانوا يغطون الاشتباكات على الحدود. وكان من الواضح أيضاً أنهم صحافيون. وقد قتل عصام عبد الله (37 عاما)، وهو صحافي في رويترز، على الفور، وأصيب ستة من زملائه. في 19 أكتوبر، دمرت غارة جوية مكتب تحرير مؤقت في خيمة تأوي فرق بي بي سي، ورويترز، والجزيرة، وفرانس برس، ووكالات الأنباء المحلية، بالقرب من مستشفى ناصر، في خانيونس. وفي يوم الأحد 22 أكتوبر، قُتل رشدي السراج في قصف في مدينة غزة أثناء مغادرته المنزل الذي لجأ إليه مع زوجته وابنته. وعمل رشدي أيضاً في العديد من وسائل الإعلام الفرنسية، بما فيها Radio France وOuest-France".
وتطرق الموقعون على البيان أيضاً إلى انعكاس التطور العسكري الحالي على حياة الصحافيين "بينما فشل المجتمع الدولي في فرض وقف إطلاق النار، وقرر الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته البرية في قطاع غزة، من المرجح أن يرتفع عدد الصحافيين الذين سيقتلون. في هذا المناخ من الرعب، يقول زملاؤنا إنهم لم يعودوا قادرين نفسياً على العمل... وهو ما حصل مع زميلنا (مراسل قناة الجزيرة في غزة) وائل الدحدوح. ففي 25 أكتوبر، أثناء تغطيته لقصف مباشر، أُبلغ (على الهواء) بوفاة زوجته وطفليه. وعاد وائل الدحدوح على الفور إلى الهواء ليواصل عمله رغم الحداد".
جريمة حرب
وأضاف الموقعون في بيانهم "نحن، الصحافيين الفرنسيين، الممنوعين من الذهاب إلى هناك من قبل الحكومتين الإسرائيلية والمصرية، لا يمكننا أن نبقى عاجزين في مواجهة هذا الوضع. إن حماية الصحافيين تعني حماية حرية الصحافة، وهي ركيزة تهتز باستمرار ولكنها أساسية للديمقراطيات. في أوقات الحرب، وفي مواجهة العمليات الدعائية من جميع الجهات، تكون المعلومات في قلب المعركة... يشكل قتل الصحافيين عندما لا يشاركون في النزاع جريمة حرب بالمعنى المقصود في أحكام المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. فهل تم استهداف أخواتنا وإخوتنا عمداً؟ نطالب بإجراء تحقيق مستقل وشفاف في ظروف وفاتهم. ولم يبق إلا الأحياء، الذين لولاهم لم نتمكن من رؤية أو سماع نتائج القصف الإسرائيلي على قطاع غزة. لو اختفى من هم أعيننا وآذاننا سنصبح صماً وعمياناً، وسيتحول قطاع غزة إلى ثقب أسود للمعلومات، وتعتيم إعلامي تفرضه إسرائيل، على حد تعبير مراسلون بلا حدود".
نقص أدوات العمل
وأضاف الموقعون: "بما أن العديد من وسائل الإعلام دمرت كليًا أو جزئيًا في غزة من قبل القوات الجوية الإسرائيلية، فإن أخواتنا وإخواننا الفلسطينيين يفتقرون بشدة إلى الوسائل اللازمة للقيام بعملهم. ومع حرمانهم من بطاريات كاميراتهم، ومن دون أجهزة كمبيوتر أو وسائل اتصال موثوقة، فقد بعضهم الكثير، واضطر آخرون إلى ترك كل شيء بعدما أمرهم الجيش الإسرائيلي بمغادرة بيوتهم في أسرع وقت ممكن. منذ 28 أكتوبر لم يعد لدى الصحافيين في غزة في أوقات كثيرة أي اتصال بالإنترنت ودقائق معدودة من الكهرباء لإعادة شحن معداتهم".
وطالب الموقعون السلطات الفرنسية والهيئات الدولية أن تدعو بشكل أكثر حسماً إلى "حماية وتأمين حرية تنقل زملائنا". وختموا البيان بالقول: "دعونا ندخل قطاع غزة للقيام بعملنا. نحن نعرف المخاطر".
ومن أبرز الموقعين على البيان: وكالة فرانس برس، قنوات BFMTV، وفرانس 3، وتي أف 1، وفرانس 24، وأم 6، وصحف ليبيراسيون، ولومانيتيه، ولو باريزيان ومجلات باري ماتش، ولوبس، ولو بوان، وتيليراما، وإذاعات راديو فرانس، وإن أر جي، وغيرها من المؤسسات الفرنسية والفرنكوفونية، إلى جانب عشرات الصحافيين الذين وقعوا بصفة شخصية. كما تضمن البيان تواقيع منظمات عدة، بينها مراسلون بلا حدود.