كانت صالة سينما "المسرح الملكي" في الدار البيضاء، في يوم من الأيام، تسع ألفاً من الزوار. لكنها اليوم، مثل أغلب صالات السينما في المغرب، مغلقة ومهجورة.
ويطالب الغيورون على هذه الصالات بحماية أفضل لها، باعتبارها كنوزاً معمارية تشهد على حقبة ثقافية هامة من تاريخ المملكة. وبعد عقود من مرحلة كان فيها يضج بالحياة، أصبح مبنى السينما مكباً لنفايات البضائع من السوق المحيطة به.
وتنقل وكالة "فرانس برس" عن ربيع دراج حزنه على ما آلت إليه صالة السينما المتداعية، بعدما كان حالها أفضل بكثير في الأربعينيات من القرن الماضي.
ويقول دراج الذي قضى ما يقرب من نصف سنواته الـ42 كحارس لهذه الصالة: "إنه أمر مأساوي. لا يمكنك قياس الأهمية التاريخية لهذه السينما".
وتشير الوكالة إلى أن نحو 100 صالة سينما في المملكة تواجه مصيراً مشابها لمصير "المسرح الملكي"؛ تتداعى تدريجياً حتى تُهدم في نهاية المطاف.
عصر ذهبي للسينما في المغرب
ظهرت دور السينما في المغرب في عهد الاستعمار، لكن المغاربة بنوا صالاتهم بأنفسهم خلال الأربعينيات من القرن الماضي، مما أدى إلى إرساء عصر ذهبي للشاشة الفضية استمر حتى أوائل التسعينيات.
وقال المصور الفرنسي الذي أنتج كتاباً عن هذا الموضوع فرانسوا بورين: "كان للمغاربة علاقة حب مع السينما، لكن التلفاز وشرائط الكاسيت ومنصات البث قتلت هذا الحب".
اليوم، لا تزال 27 صالة فقط مفتوحة في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 37 مليون نسمة، وتعتمد بشكل كبير على التمويل الحكومي من أجل التجديدات ورقمنة الأفلام.
كورونا... الضربة القاضية
ووجهت كورونا ضربة قاضية لدور السينما في المغرب، إذ أظلمت في جميع أنحاء المغرب لأكثر من عام، قبل إعادة افتتاحها في يوليو/تموز 2021.
ومثل الجماهير في البلدان الأخرى حول العالم، لجأ المغاربة إلى خدمات البث لمشاهدة الأفلام من منازلهم، وهي صيحة ضخمتها جائحة كورونا.
وعلى الرغم من التمويل الذي قدّمه "المركز السينمائي المغربي"، الجهة الحكومية المكلفة بتنظيم ودعم القطاع، وقيمته تسعة ملايين درهم (960 ألف دولار أميركي)، فإن الصناعة تكافح من أجل انتشال نفسها من الأزمة.