قدمت ست صحافيات فلسطينيات شهاداتهن خلال مؤتمر صحافي لهن ولشخصيات نسوية ومؤسسات حقوقية في مقر مؤسسة الحق في رام الله وسط الضفة الغربية؛ اليوم الأربعاء، حول اعتداء الأجهزة الأمنية عليهن وخصوصاً الأفراد بزي مدني.
وأُعلن عن تحرك حقوقي لتقديم بلاغ للنائب العام بأسماء وصور الأفراد بالزي المدني الذين اعتدوا على الفتيات والصحافيات والإعلاميات، إضافة إلى إمكانية التحرك في الأمم المتحدة.
وروت الصحافية، سجى العلمي، خلال المؤتمر عملية ملاحقتها في رام الله السبت الماضي، من أفراد بزي مدني بعد محاولة مصادرة هاتفها المحمول الذي تستخدمه في تصوير الأحداث.
وأكدت العلمي أن الملاحقة وصلت إلى حد اضطرارها للهروب إلى مجمع تجاري، ثم تم الإمساك بها وتمكنت من الهروب إلى داخل مرحاض في البناية التجارية. إضافة إلى ملاحقتهم لها والطرق على أبواب المراحيض، وبقائها لساعة قبل تمكنها من المغادرة بمساعدة عدد من الصحافيين.
أما الصحافية شذى حماد فأكدت أن أفراداً بلباس مدني حاولوا السبت الماضي، خطف هاتفها وهي تقف مع الصحافيين، قبل أن تصاب بقنبلة غاز بوجهها أدت إلى جرح عميق.
وقالت حماد: "نحن نشعر بخوف، ولا توجد حصانة في الشارع للصحافي الفلسطيني، هذه الحصانة لم نكن نطلبها من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكنا دائماً حين نغطي المواجهات نعلم أنه من الممكن في ذلك اليوم أن نصاب بالرصاص أو نموت أو يحصل معنا أي شيء، ولكن اعتداءات الأجهزة الأمنية كانت موجعة لنا وقاسية".
وخلال المؤتمر، أعلنت مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، رندة سنيورة، أن مؤسسات حقوقية ونسوية تعمل على تقديم بلاغ للنائب العام من أجل التحقيق في قضايا الاعتداءات، عبر تقديم قائمة بأسماء وصور للأفراد الذين يرتدون الزي المدني ويعتدون على الفتيات والصحافيات والإعلاميات.
وأكدت سنيورة وجود تقاعس واضح من أصحاب الواجب والمؤسسات الرسمية، سواء كأجهزة أمنية أو نيابة عامة، عن مباشرة تحقيقات في هذه القضايا.
وأضافت: "أمامنا إمكانية للتحرك في الأمم المتحدة عبر المقررين الخاصين حول حرية الرأي والتعبير بما فيها الحريات الصحافية والإعلامية، والمقرر الخاص ضد العنف ضد المرأة، والمدافعين عن حقوق الإنسان والمقرر الخاص لمناهضة التعذيب".
وقالت: "نتحدث عن شكل من أشكال العنف الذي يرتقي إلى الإيذاء والتعنيف، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى تهديد السلم المجتمعي، وتعريض الفتيات للعنف المضاعف، وقتل النساء، في حالات نشر الصور الخاصة من هواتفهن التي تمت مصادرتها".
وأكدت سنيورة جمع مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي شهادات عن محاولة ترويج صور خاصة للفتيات، أخذت من هواتفهن الخاصة، والناشطات اللواتي تعرضن للاعتداءات، وحذرت من ذلك قائلة إن "هذا يدل على أن هناك محاولة لخلق نوع من التحريض على الفتيات بشكل عام، ومحاولة للتضييق عليهن من قبل أهلهن، وهذا يعيق المشاركة العامة للفتيات في التعبير عن رأيهن في ما يتعلق بما يحدث في الشارع".
بدورها، شددت القيادية السياسية والناشطة النسوية حنان عشراوي، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على أن ما حصل لم يأتِ من فراغ، قائلة: "حذرنا مراراً من أن هناك تآكلاً وتراجعاً في المنظومة الحقوقية، التي تتآكل وتتراجع في قضية الحكم الصالح ومتطلباته".
وأعادت عشراوي التطورات الأخيرة إلى سلسلة تطورات؛ "أخْذ المراسيم مكان المجلس التشريعي في إقرار القوانين، والاعتداء على القضاء وتغيير طبيعته واستقلاليته، وحل التشريعي، وتأجيل الانتخابات، وحين تجتمع القوة كلها وتجسد في مكتب واحد، يعني ذلك أن حقوق المواطنة والعيش الكريم والعيش بأمان كلها تنتهك".
وأضافت: "المنظومة السياسية منذ فترة في حالة تراجع ووصلنا إلى مرحلة اعتداء مضاعف ومركب، هناك اعتداء على النساء والمرأة واستهدافهن وهذا شيء جديد أن تستهدف المرأة بهذا الشكل، لأن الوصول إلى مساحتها وحرمانها من مساحة الأمان في الساحة العامة والاعتداء عليها جسدياً هي اعتداء على كل المجتمع".
واعتبرت عشراوي الاعتداء على الإعلاميات والإعلاميين اعتداء على حق من حقوق المجتمع، بأن يصل إلى المعلومة وأن يعلم ماذا يحدث.
أما مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري فتساءل عن أسباب تغيّب التلفزيون الرسمي ونقابة الصحافيين ووزارتي الإعلام والمرأة، قائلاً: "نريد مؤسسات للشعب الفلسطيني وليس لحزب أو لحركة، نحن دافعو ضرائب مواطنون وأهل البلاد. أشعر بالحزن والقهر والغضب، لم أكن أتمنى أن أعيش لأرى هذا اليوم وهذا الكابوس، كنت أتمنى أن الجبيرة التي رأيتها على يد الصحافية جيفارا البديري، ألّا أراها على يد الصحافية فيحاء خنفر"، في إشارة إلى إصابة البديري في القدس بعد اعتداء من قوات الاحتلال.